12 نوفمبر 2024
الإسلاموفوبيا.. من المسؤول؟
جاءت العملية الإرهابية التي استهدفت مسجدين في نيوزيلندا، وخلّفت عشرات الضحايا والجرحى، لتكشف حالة الاستهداف التي تتصاعد ضد الأقليات المسلمة في الغرب. ويأتي هذا الحدث في سياق عام، يقوم على تحشيد الرأي العام الغربي ضد المساجد وروادها، بشكل جعلها أهدافا ممكنة بالنسبة لقوى اليمين المتطرّف في الدول الغربية.
وإذا لم يكن من العدل تحميل الغرب، بمجمله، خطيئة جرائم الكراهية، بالنظر إلى التنوع الذي يشق الدول الغربية، واختلاف طرق تعاملها مع أقلياتها المختلفة، ومن ضمنها المسلمون، فلا أحد يمكنه أن يتهم سياسات بريطانيا المتسامحة والمنفتحة بالتحريض أو بالعداء الرسمي للإسلام، وهو حكم يمكن أن نعممه على دول اسكندنافيا، بل نيوزيلندا نفسها لم تعرف من قبل أحداثا إرهابية على خلفية التمييز الثقافي والديني، وكان موقف رئيسة حكومتها مميّزا ومعبرا عن درجة عالية من التفهّم والرغبة في احتواء الحادث، وطمأنة مواطنيها المسلمين.
ولكن هذا كله لا ينفي صعود أحزاب وقوى يمينية مختلفة، تجاهر بالعداء للآخر، المختلف ثقافيا وعرقيا، فحزب الجبهة الوطنية الفرنسي والرابطة الشمالية الإيطالي وحزب الحرية الهولندي وحزب الكتلة الفلامندية البلجيكي وغيرها، هي تعبير مكثف عن صعود تشكيلات سياسية، تعتبر العنصرية جزءا من برامجها الانتخابية، وتسعى إلى جعل الأجانب، وفي طليعتهم المهاجرون من ذوي الهوية الإسلامية، هدفا لنشاطها الذي يسعى إلى ترحيل المهاجرين، واعتبارهم مصدر كل الأزمات والمشكلات التي تعيشها الدول الغربية.
وتبقى هذه الأحزاب محدودةً حجما، على الرغم من اللوبيات النافذة التي تدعمها، وهي تجد معارضةً من مواطنين محليين في بلدانهم. ويكفي، في هذا السياق، أن نورد ما تعرّض له السيناتور الأسترالي العنصري، فرايزر أنينغ، من رشق بالبيض من أحد مواطنيه، غير أن هذا لا ينفي أن من أهم عوامل التحشيد التي يستند إليها اليمين العنصري الغربي من أجل تشويه الإسلام، وتجريم المسلمين، هو طبيعة الخطاب الصادر في وسائل الإعلام الدولية التي تحمّل الإسلام كل الخطايا التي يتم اقترافها في البلدان الإسلامية. والغريب أن أنظمة عربية معينة تزيد في تصاعد لهب نار العنصرية، وتقدم التبرير المناسب لأنصار الإسلاموفوبيا في الغرب، فالرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ظل حريصا، في خطاباته، على التحريض ضد المساجد، والمطالبة بمراقبتها، باعتبارها مصدرا لخطر محتمل، وهو التوجه نفسه الذي يتخذه حكام الإمارات الذين حرصوا دوما على إيجاد علاقاتٍ مع القوى اليمينية المعادية للإسلام، وتجاوز الخصومة السياسية مع قوى الإسلام السياسي، ليصبح الأمر متعلقا بحصار أتباع الدين الإسلامي ذاته ممن يعيشون في الغرب، وهو نمط من التفكير الإسلاموفوبي في زي عربي، امتد تأثيره إلى ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، حيث يكفي إلقاء نظرة سريعة على قائمة المنظمات التي يصنفها النظام السعودي باعتبارها إرهابية، حتى تجد غالبية الأسماء تحمل وصفا إسلاميا، وتضم مشائخ وعلماء دين، بشكل تجد فيه الدول الغربية مبرّرا كافيا لاعتبار الإسلام مقترنا بالإرهاب، على النحو الذي صدر من الرئيس الفرنسي، ماكرون، في أثناء زيارته مصر، ووصفه الإرهاب بأنه "إسلامي"، من دون أن يجد اعتراضا من مسؤولي الدولة المضيفة.
تجد الإسلاموفوبيا الغربية جذورها في عوامل تاريخية ساهمت في تشكّل الوعي الجماعي الغربي منذ الحروب الصليبية. وعلى الرغم من أن طبيعة الأنظمة القائمة في الغرب التي تقوم على التعدّد والديمقراطية قد خففت من وطأة الصراع الثقافي، إلا أن النزعات العنصرية تتجدّد بين الفينة والأخرى، وتستمد استمراريتها من غياب سياسة عربية إسلامية متجانسة، في التعامل مع الظاهرة من ناحية. وفي استعداد بعض أنظمة الاستبداد العربي لوصم الإسلام بالإرهاب، في سبيل تشويه خصومها السياسيين، والتضييق عليهم في بلدان اللجوء. ولا يمكن أن نتحدث عن إضعاف هذه النزعات العنصرية، إلا بوجود أنظمة ديمقراطية قوية في الدول العربية، تدافع عن مواطنيها، وتحفظ لهم كرامتهم، وتدافع عن هوياتهم، لا أن تحرّض عليهم بأساليب دعائية رخيصة.
وإذا لم يكن من العدل تحميل الغرب، بمجمله، خطيئة جرائم الكراهية، بالنظر إلى التنوع الذي يشق الدول الغربية، واختلاف طرق تعاملها مع أقلياتها المختلفة، ومن ضمنها المسلمون، فلا أحد يمكنه أن يتهم سياسات بريطانيا المتسامحة والمنفتحة بالتحريض أو بالعداء الرسمي للإسلام، وهو حكم يمكن أن نعممه على دول اسكندنافيا، بل نيوزيلندا نفسها لم تعرف من قبل أحداثا إرهابية على خلفية التمييز الثقافي والديني، وكان موقف رئيسة حكومتها مميّزا ومعبرا عن درجة عالية من التفهّم والرغبة في احتواء الحادث، وطمأنة مواطنيها المسلمين.
ولكن هذا كله لا ينفي صعود أحزاب وقوى يمينية مختلفة، تجاهر بالعداء للآخر، المختلف ثقافيا وعرقيا، فحزب الجبهة الوطنية الفرنسي والرابطة الشمالية الإيطالي وحزب الحرية الهولندي وحزب الكتلة الفلامندية البلجيكي وغيرها، هي تعبير مكثف عن صعود تشكيلات سياسية، تعتبر العنصرية جزءا من برامجها الانتخابية، وتسعى إلى جعل الأجانب، وفي طليعتهم المهاجرون من ذوي الهوية الإسلامية، هدفا لنشاطها الذي يسعى إلى ترحيل المهاجرين، واعتبارهم مصدر كل الأزمات والمشكلات التي تعيشها الدول الغربية.
وتبقى هذه الأحزاب محدودةً حجما، على الرغم من اللوبيات النافذة التي تدعمها، وهي تجد معارضةً من مواطنين محليين في بلدانهم. ويكفي، في هذا السياق، أن نورد ما تعرّض له السيناتور الأسترالي العنصري، فرايزر أنينغ، من رشق بالبيض من أحد مواطنيه، غير أن هذا لا ينفي أن من أهم عوامل التحشيد التي يستند إليها اليمين العنصري الغربي من أجل تشويه الإسلام، وتجريم المسلمين، هو طبيعة الخطاب الصادر في وسائل الإعلام الدولية التي تحمّل الإسلام كل الخطايا التي يتم اقترافها في البلدان الإسلامية. والغريب أن أنظمة عربية معينة تزيد في تصاعد لهب نار العنصرية، وتقدم التبرير المناسب لأنصار الإسلاموفوبيا في الغرب، فالرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ظل حريصا، في خطاباته، على التحريض ضد المساجد، والمطالبة بمراقبتها، باعتبارها مصدرا لخطر محتمل، وهو التوجه نفسه الذي يتخذه حكام الإمارات الذين حرصوا دوما على إيجاد علاقاتٍ مع القوى اليمينية المعادية للإسلام، وتجاوز الخصومة السياسية مع قوى الإسلام السياسي، ليصبح الأمر متعلقا بحصار أتباع الدين الإسلامي ذاته ممن يعيشون في الغرب، وهو نمط من التفكير الإسلاموفوبي في زي عربي، امتد تأثيره إلى ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، حيث يكفي إلقاء نظرة سريعة على قائمة المنظمات التي يصنفها النظام السعودي باعتبارها إرهابية، حتى تجد غالبية الأسماء تحمل وصفا إسلاميا، وتضم مشائخ وعلماء دين، بشكل تجد فيه الدول الغربية مبرّرا كافيا لاعتبار الإسلام مقترنا بالإرهاب، على النحو الذي صدر من الرئيس الفرنسي، ماكرون، في أثناء زيارته مصر، ووصفه الإرهاب بأنه "إسلامي"، من دون أن يجد اعتراضا من مسؤولي الدولة المضيفة.
تجد الإسلاموفوبيا الغربية جذورها في عوامل تاريخية ساهمت في تشكّل الوعي الجماعي الغربي منذ الحروب الصليبية. وعلى الرغم من أن طبيعة الأنظمة القائمة في الغرب التي تقوم على التعدّد والديمقراطية قد خففت من وطأة الصراع الثقافي، إلا أن النزعات العنصرية تتجدّد بين الفينة والأخرى، وتستمد استمراريتها من غياب سياسة عربية إسلامية متجانسة، في التعامل مع الظاهرة من ناحية. وفي استعداد بعض أنظمة الاستبداد العربي لوصم الإسلام بالإرهاب، في سبيل تشويه خصومها السياسيين، والتضييق عليهم في بلدان اللجوء. ولا يمكن أن نتحدث عن إضعاف هذه النزعات العنصرية، إلا بوجود أنظمة ديمقراطية قوية في الدول العربية، تدافع عن مواطنيها، وتحفظ لهم كرامتهم، وتدافع عن هوياتهم، لا أن تحرّض عليهم بأساليب دعائية رخيصة.