سبعون عاماً ونحن نعيش في صندوق بريد. ننتظر لحظة تاريخية تنتشلنا من هذا المستنقع، ننتظر دولة أو شبه دولة. وصلنا إلى أصقاع الأرض، وصنعنا المستحيل، وحينما نصل إلى لبنان، يتوقف كل شيء، ونبدأ البحث عن الكهرباء والماء والشهادة والدجاجة.
لبنان بلدٌ تجتمع فيه تناقضات المنطقة من المضيق إلى المضيق، لا شيء هنا يمر بلا ضجيج. لا مكان للحياد الإيجابي أو الاستقرار السياسي الأمني المتواصل. لبنان، كان وسيبقى، قطعة جغرافية ملتهبة، وساحة أبدية لتصفية الحسابات وتسوية التوازنات وصراع الأمم.
الحرب على العراق 2003 هي حجر الزاوية في المشروع التفتيتي الطائفي، وتعبيد طريقه بهدف خلق نزاع سني شيعي مستدام، وهذا ما حدث، فقد أخذت إيران دور الوصيّ على مفاصل الحياة السياسية العراقية، وسيرت المخطط الطائفي.
يراهن النظام السوري على الوقت وعلى التطورات السياسيّة والأمنيّة التي تعصف بالمنطقة، مدركاً أن الغرب يتعامل بواقعيّة سياسيّة، تراعي مصالحه في المنطقة، ستفرض عليه حتماً العودة إلى دمشق، لمقاربة الملفات المتعلقة بأمن إسرائيل، أو بالاستقرار الأمني السياسي في لبنان والعراق.
الجماعة الإسلامية، ترى أن مستقبلها السياسي بات على المحك، وأن التحاقها الكامل بتيار المستقبل دونه موتٌ سريري مُحتّم، لا سيّما في ظل الأخبار المتواترة عن حراك الرئيس سعد الحريري، باتجاه بلورة اتفاق شامل مشابه للذي أنتج الحكومة القائمة.
يكاد لا يخلو خطاب للدكتور جعجع، إلا ويقول فيه "راجعوا كل إستطلاعات الرأي"، نحن الرقم "1". كلامٌ لا يلبث أن يرده العماد عون لصاحبه "نحن أكبر تكتل مسيحي في تاريخ لبنان"، وبالتالي، نحن الرقم "1".
لو أصبح ميشال عون رئيسا للبنان، سيكون أمام خيارين لا ثالث لهما، أن يدير الأزمة وفق منطق أبو ملحم، وهذا ما لا يتقنه عون ولا يحبذه، أو أن يدير الدولة وفق شروط الدولة، ما يعني إصطداماً حتمياً بحزب الله.
