كم تخنقني العبرة، وأنا أرغب أن تتعايش بلادي، كما تعايشت أنا مع صديقي الجزائري والتونسي والليبي والمغربي، من دون وجود حزازيات ماتشات الكرة التي ما خُلقت لنكون تعساء، أو بعض التراشق الإعلامي الذي خان كل مبدأ
هل جرّبت، سيدي المسؤول، أن ترى ابنك خلف القضبان؟ هل جرّبت أن ترى دموعه في الزيارات الخاطفة خلف قضبان كبيرة وضخمة؟ هل جرّبت أن تتسلم جثته، لا قدر الله، من أمانات السجن، ليقول لك خذ الجثة. ولكن، انتظر التصريح؟
هندسياً، يقولون إن البنيان الجيد هو، في الحقيقة، أساس جيد، وهذا هو الفهم الذي ينقصنا جيداً، في عصر الأدوار العلوية والديكورات الجميلة والمساحيق الخادعة الذي نعيش فيه.
مبررات الحزن كثيرة، ولكن، يكفي أن تنظر حولك لتحزن. يكفي أن تناقش أحداً لتعرف إلى أين وصلنا، يكفي أن تنظر للمرأة لتعرف حجم الحزن، يكفي أن تمشي في الشارع لتحزن، يكفي أن تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي لتحزن.
لا أستطيع أن أكون فيروزياً على طول المدى البعيد، أو كلثوميا عصيّا على التفكيك، بل في مزجهما يخرج لون وشعاع يحيطانك بقوس قزح عربي وليد، بدأ في الانزواء سريعاً هذه الأيام الرتيبة، وأضحى مسافراً بلا عودة على قضبان المرارة العربية.
أشعر، دائماً، بأن المبدع لا يحب القيود، ويظل كارهاً ومحارباً لها بقسوة، حتى لا يسقط رهين بيت مليء بالتساؤلات والاحتياجات الاستهلاكية التي لا تجتمع مع الفكرة والقلم والورق، أبداً.