تَمُر عائلة الأسير الفلسطيني نائل عودة، من مدينة غزة، بظروف صعبة، بفعل المستجدات الأخيرة في قضية الأسرى، والتي يتعرضون خلالها لتحدّيات حقيقية، في ظل تهديدات المتطرف إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي، والداعية إلى تعقيد سنوات اعتقالهم.
ويتخوف أهالي الأسرى الفلسطينيين والعرب من التهديدات المتواصلة التي يُطلقها متطرفون إسرائيليون بين الفينة والأخرى، وتتعلق بالأسرى وأمنهم، وقد تفاقمت خلال الفترة الأخيرة لتطاول حياتهم، من خلال المُطالبة بقانون لإعدام الأسرى، إلى جانب تفاقم التنكيل والاقتحامات والاعتداءات، وحرمان الأسرى من حقهم في تلقي العلاج اللازم داخل السجون.
ولا يتوقف بن غفير عن إطلاق تهديداته المتعلقة بالأسرى الفلسطينيين، والتي تهدف إلى تشديد ظروف اعتقالهم، إذ هدد باتخاذ إجراءات غير مسبوقة تمس حياتهم وتفاصيلها اليومية، ومن بينها تشديد ظروف اعتقال الأسرى، إلى جانب وقف توزيعهم وفقاً لانتمائهم السياسي، علاوة على إلغاء من يُسمى بـ"الدوبير"، وهو ممثل الأسرى، إلى جانب إجراءات تتعلق بأدق تفاصيل يومهم، مثل منع الأسرى من طهي طعامهم، أو شراء مستلزماتهم، والقانون الخطير الذي تتم الدعوة إليه والمُنادي بإعدام الأسرى.
وشجّع وصف بن غفير للسجون في وضعها السابق بأنها "أشبه بالفنادق والمخيمات الصيفية" مصلحة السجون في التمادي في سياسة الاستهتار بحياة الأسرى من خلال الإهمال الطبي، إلى جانب زيادة وتيرة المساس بالحقوق الأساسية، مثل التحكم بالمواد المتوفرة بـ"الكنتينة"، أو الزيارات، أو لقاء المحامين، وكذلك التواصل مع العالم الخارجي، والتضييق بمختلف الإجراءات، ومن بينها تشديد الحصار الثقافي والتعليمي، وتحديدا بعد صدور كتاب (الحافلات تحترق) للأسير حسن سلامة، في محاولة لخلق واقع أكثر إيلاما للأسرى.
وتقول الفلسطينية منتهى عودة، زوجة الأسير وائل عودة، المُعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ تاريخ 2 أغسطس/ آب 2015، والمحكوم 12 عاماً، إنها هي وأبناءها الستة يعيشون في أوضاع نفسية سيئة، بفعل الأخبار المتداولة حول التهديدات المتواصلة بحق الأسرى الفلسطينيين، مضيفة: "تلك الأوضاع أثرت على مختلف نواحي الحياة، ومن بينها التحصيل الدراسي الخاص بأبنائي، ومنهم من لا يعرف والده سوى بالصور".
وتوضح عودة لـ"العربي الجديد" أن زوجها الذي حُرمت من زيارته منذ تاريخ 17 ديسمبر/ كانون الأول 2017، كان معتقلا في سجن ريمون، وتم نقله إلى سجن النقب، وتضيف: "نستقبل الأنباء المتعلقة بالأسرى بمشاعر ممزوجة بالحسرة والغضب، بفعل عدم وجود تحرك عالمي ودولي يحول بينهم وبين التهديدات المتواصلة بحقهم، والتي ألقت بظلالها على أهالي الأسرى".
وتتقاسم أُمهات الأسرى الألم والحرمان والقلق بالتساوي، إذ تقول والدة الأسير مرعي أبو سعيدة إنها حُرمت من زيارته منذ اليوم الأول لاعتقاله عام 2004، في سجن نفحة الصحراوي، فيما حُكِم بالسجن 11 مؤبدا، ويُعاني من أمراض مزمنة.
وتقول والدة الأسير إن التخوفات على الأسرى باتت كبيرة في ظل الهجوم المُباشر من المتطرف بن غفير، والذي يواصل تهديداته ضد الأسرى، مضيفة: "نخاف على الأسرى في ظل عنجهية مصلحة إدارة السجون، في الوقت الذي يمر فيه الأسرى بظروف سيئة، تتعلق بالاقتحامات، والتعذيب الجسدي والنفسي ومنع الزيارة (..) نتطلع إلى صفقة تبادل مُشرفة، تمكننا من رؤية أبنائنا أحرارا، نريد أن نعانقهم ونفرح برؤيتهم سالمين، ولا نريد أن نستلمهم جثثا داخل الأكفان".
بدوره؛ يبين رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين عبد الناصر فروانة، أن الأوضاع داخل السجون الإسرائيلية صعبة، وتتصاعد بشكل مستمر، حتى قبل تصريحات بن غفير، وقبل الانتخابات الإسرائيلية، إذ تم رصد التصعيد الخطير ضد الأسرى، والمتمثل في حجم الاعتقالات، والانتهاكات والجرائم التي تقترف بحق الأسرى بشكل عام.
ويبين فروانة، لـ"العربي الجديد"، أن الانتهاكات والتهديدات الإسرائيلية زادت بعد تسلم بن غفير وزارة الأمن القومي، والدعوة إلى سن قانون لإعدام الأسرى، والذي يمنح الضوء الأخضر للأجهزة الأمنية، ولكل إسرائيلي لمُمارسة القتل الميداني وإطلاق الرصاص بهدف القتل، مشددا على أن "هذا ما تمت ترجمته على أرض الواقع خلال العام المنصرم، والذي شهد العشرات من عمليات التصفية الميدانية التي وثقتها عدسات الكاميرات، إلى جانب توثيق نحو 40 عملية اعتقال لفلسطينيين بعد إطلاق النار عليهم بهدف قتلهم، وقد تم التحقيق معهم واستجوابهم ميدانيا، قبل نقلهم إلى السجون.
ويوضح رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين أن تخوف أهالي الأسرى على أبنائهم يأتي نتيجة زيادة الخطورة، بعد تهديدات بن غفير التي أطلقها قبل الانتخابات، ونيته بعد تشكيل الحكومة إثبات مصداقيته التي وعد بها الناخبين، من خلال زيارته الاستفزازية إلى سجن نفحة، والتي تمثل كذلك الضوء الأخضر لإدارة السجون للبدء باتخاذ الإجراءات التنكيلية والتضييقية بحق الأسرى.
ويبين فروانة أن "هناك مخاوف كبيرة لدى الأسرى وذويهم وكل المختصين، على الأسرى وحياتهم في ظل التطرف الإسرائيلي، خاصة وأن بن غفير لا يمثل شخصه، وإنما يعكس ظاهرة آخذة بالاتساع، فيما تُظهر كل المؤشرات أن هناك تصاعدا في التطرف الإسرائيلي تجاه الأسرى، ما يُبقي السجون على صفيح ساخن، للتصدي لأي قرار أو قانون يُمكنه أن يمس الأسرى، أو يشكل خطورة عليهم".