خطر "داعش" على مدارس أفغانستان

11 يونيو 2019
التنظيم يستهدف مدارس البنات خصوصاً (محمود شيق/ Getty)
+ الخط -


يوسع تنظيم "داعش" نفوذه مرة أخرى في شرق أفغانستان بعد السيطرة على مناطق مهمة في إقليم كنر. هكذا تتوقف عملية التعليم إلى حدّ كبير في معظم تلك المناطق، لكنّها تحاول العودة في المناطق التي طرد منها...

قبل حلول موسم الربيع الحالي أعلن الرئيس الأفغاني أشرف غني، في فبراير/ شباط الماضي، خلال زيارته مديرية غني خيل، التي كانت أحد المعاقل المشهورة للتنظيم ونفذ فيها إعدامات لزعامات القبائل وأفرادها وكانت تضم سجونه ومراكز تدريبه، انتصار أفغانستان على التنظيم. لكنّ الربيع هو موسم الحرب في أفغانستان، ومعه بدأت الأمور تتغيّر. فالتنظيم بدأ تحركاته مجدداً، وليس من إقليم ننجرهار، بل من إقليم كنر المجاور. وتمكن من السيطرة على منطقة شبه دره الاستراتيجية الواقعة بين قمم الجبال بعدما تمكن من إنهاء سيطرة حركة طالبان عليها. وهناك نزحت أكثر من 3500 أسرة بسبب المعارك بين الطرفين وتوقف قطاع التعليم مع غيره من القطاعات.

بغض النظر عن تقدم "داعش" الحالي، فالحكومة تمكنت من القضاء على قوته الكبيرة في ننجرهار، بمساعدة القبائل وبالتنسيق معها. في هذا الصدد يقول أحد القبليين، من مديرية غني خيل، واسمه كل زاده خان، لـ"العربي الجديد": "استطعنا أن نمشي إلى قرانا بعد سنوات، في أعقاب القضاء على داعش وطالبان في المنطقة، وذلك بالتنسيق مع القبائل، والأخيرة ساهمت في تطهير المناطق من داعش، أخطر التنظيمات المسلحة التي شهدناها". ولا شك أنّ إعادة القبائل إلى بعض المناطق التي تمت تصفيتها من وجود تنظيم داعش جعلت تلك المناطق عامرة بسكانها من جديد، لكنّهم في حاجة إلى كثير من العمل وإلى فترة زمنية طويلة إلى جانب دعم الحكومة والمجتمع الدولي كي تعيد الحياة إلى مجراها الطبيعي.



في هذا الإطار، يضيف كل زاده: "أمامنا طريق طويل لأنّ إعمار المنازل والطرقات ومجاري المياه والمساجد وغيرها يحتاج إلى فترة طويلة وإلى كلفة مالية كبيرة، بينما الناس فقراء، خصوصاً أنّهم عاشوا فترة طويلة مشردين في مختلف مناطق إقليم ننجرهار أو مناطق أخرى من شرق أفغانستان، لكنّ ما يسرنا في الوقت الراهن هو العودة إلى قرانا من دون خوف أو وجل، كما أنّنا لا نخشى الآن من عودة داعش، لأنّ القبائل نظمت صفوفها للدفاع عن أراضيها، والحكومة تبدو مخلصة في دعمها".

المشكلة الأبرز في إقليم ننجرهار كانت تدهور قطاع التعليم مع إغلاق وتدمير معظم المدارس، وهكذا حرم آلاف التلاميذ من التعليم، كما أنّ التنظيم أعلن في الفترة الأخيرة أنّ المناهج الدراسية في المدارس الأفغانية، التي وصفها بالأميركية، غير مقبولة، وهدد جميع مدارس البنات لمنع استقبالهن.

لكن، بعدما خسر التنظيم معظم المناطق التي كانت تحت سيطرته، كان مطلب القبائل الرئيسي هو فتح المدارس وإعادة إعمار ما دمر أو تضرر منها. وهكذا قررت الحكومة الأفغانية إعادة إعمار 191 مدرسة في إقليم ننجرهار. يقول الناطق باسم إدارة التعليم المحلية في إقليم ننجرهار، محمد آصف شينواري، إنّ الحكومة دشنت مشروع "اقرأ" من أجل تطوير قطاع التعليم، وفي المرحلة الأولى ستجرى إعادة إعمار وترميم 191 مدرسة في الإقليم معظمها للبنات، لأنّ المدارس الخاصة بهن تضررت كثيراً في الآونة الأخيرة، ولأنّ الاهتمام بها كان ضئيلاً جداً، وسيجرى تنفيذ المشروع خلال ثلاثة أشهر، لأنّ كلّ مواد البناء جاهزة. يؤكد شينواري أيضاً أنّ المشروع ينفذ بالتنسيق مع مجلس الشورى الإقليمي والمجالس المحلية، وقد بدأ العمل على الحدود في المناطق القريبة بين باكستان وأفغانستان لأنّ الاهتمام بتلك المناطق كان ضعيفاً، بسبب الأحوال الأمنية السائدة فيها، ولأنّ بنات وأبناء تلك المناطق كانوا يذهبون إلى مدارس باكستان ويعبرون الحدود يومياً بالرغم من المخاطر، وبالتالي قررت الحكومة أن تبدأ بتلك المناطق كي يدرس هؤلاء داخل قراهم بالذات.



كذلك يعرب عضو الشورى الإقليمي ولي مسلم عن ارتياحه لإطلاق المشروع، ويرى أنّه سيساهم في تغير حالة قطاع التعليم إلى حد ما، لكنّ القطاع ما زال في حاجة إلى المزيد من العمل. ويؤكد مسلم لـ"العربي الجديد" أنّ اهتمام الحكومة بقطاع التعليم مرحب به ولا بد من التعاون معها.

على الضفة الأخرى، ومع انتقال التنظيم إلى إقليم كنر، يقول عبد الكافي، وهو أحد سكان شبه دره، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحياة قد دمّرت بالكامل في شبه دره بعد سيطرة التنظيم عليها، إذ بدأ مسلحوه بإحراق منازل الناس بحجة أنّهم الداعمون لطالبان، ودارت مواجهات عنيفة بين الطرفين، ما أدى إلى نزوح السكان، بينما يتمدد التنظيم في الإقليم، وكلّ ما عانى منه سكان ننجرهار نتوقعه الآن في مناطقنا".