- الطلاب من 8 جامعات يطالبون بوقف استثمارات جامعاتهم في شركات تدعم إسرائيل والتوقف عن فصل الطلاب الداعمين لفلسطين، مع تسليط الضوء على التنوع والتعقيد في المشاعر داخل المخيم.
- الحركة الطلابية تبرز قوة الشباب وإصرارهم على التغيير، مع التأكيد على أهمية دورهم في التأثير على القضايا العالمية والضغط على الجامعات لإنهاء العقود مع مصنعي الأسلحة والجامعات في إسرائيل.
تحول مخيم الاعتصام في جامعة جورج واشنطن إلى ساحة للكتابة من أجل فلسطين، ومن أجل غزة، ومن أجل دعم الطلاب، كما تم نصب عشرات الخيام في الشارع مع توافد المئات يومياً لدعم الطلاب المعتصمين الذين يعقدون اجتماعات لمناقشة الخطوات التي اتخذوها من أجل تحقيق مطالبهم.
في وسط المخيم توجد خيام الطلاب، وفي أطرافه خيام المتضامنين معهم، وكان يفصل بينهما حاجز معدني وضعته الشرطة لمنع الموجودين في الخارج من الدخول، وقد احتفل الطلاب ليلة الاثنين بإزالة هذا الحاجز بعد توتر مع الشرطة على إثر محاولة القبض على أحد المتظاهرين، ليتحول المكان إلى مخيم واحد يسميه الطلاب "المنطقة المحررة".
يضم المخيم طلاباً من 8 جامعات في العاصمة الأميركية، هي جامعات جورج واشنطن، وجورج تاون، وجورج ميسون، والجامعة الأميركية، وجامعة هاورد، وجامعة ماريلاند، وجامعة جالوديت، وفرع جامعة ماريلاند بمقاطعة بالتيمور، وجميعهم يطالبون جامعاتهم بوقف الاستثمارات في الشركات التي تدعم إسرائيل، والتوقف عن فصل الطلاب الداعمين للقضية الفلسطينية أو معاقبتهم.
تتباين مشاعر الطالبة اليهودية راشيل (20 سنة) التي شاركت في مخيم الطلاب من أجل غزة في جامعة جورج واشنطن، حيث قضت ليلة كاملة نصف نائمة على أحد المقاعد. تفكر راشيل في هؤلاء الذين يقيمون في مخيمات غزة، وفي الوقت نفسه تفكر في أصدقائها من الطلاب اليهود الغاضبين، وهؤلاء المغضوب عليهم من الطلاب المؤيدين للحق الفلسطيني.
تحاول الطالبة الأميركية أن تحدد طريقها في الحياة، وأن لا تستسلم للأفكار المعلبة الرائجة، فهي لم تكن تعرف الكثير عن القضية الفلسطينية قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن شيئاً فشيئاً تغير رأيها حول فلسطين، وصارت ممن يتظاهرون من أجل وقف الحرب في غزة.
يفترش غالبية الطلاب الأرض، وبعضهم لم يغادر المخيم منذ عدة ليال. من بين هؤلاء الطالبة ياسمين، وهي إحدى المشاركات في التنظيم، وعضو بحركة طلاب من أجل العدالة في فلسطين، وتقول لـ"العربي الجديد": "أفراد الشرطة يراقبوننا في جميع الأوقات، كما سمحوا بدخول أفراد من صحيفة Hatchet Reporters، وهي صحيفة طلابية تابعة لجامعة جورج واشنطن، وهؤلاء أيضاً يراقبوننا، وهذا أسلوب تخويف لكنه لن يجدي نفعاً، فلن نغادر حتى يتم تلبية مطالبنا. هناك اهتمام بالمشاركة في الاعتصام والتظاهرات من أجل غزة، وأعتقد أنه شعور رائع أن نرى كل هؤلاء الأشخاص المستعدين للتوقف عن دراستهم قبيل الاختبارات النهائية". تضيف: "نواصل الاعتصام، ونركز على استمرار التنظيم، وهذا سيكون له بالتأكيد تأثير على أدائنا الدراسي، لكن من الصعب الشعور بأن أي شيء أكثر أهمية مما يجري في غزة، ولا أعتقد أنه يمكن لأحد مشاهدة الإبادة الجماعية تحصل باعتباره أمراً طبيعياً".
يدرس لوكاس بجامعة جورج تاون، وهو من بين الطلاب المنظمين أيضاً، ويقول: "نحن في موسم الامتحانات النهائية، ومن الصعب الموازنة بين التظاهر والامتحانات، وقد تأخرت في دروسي، لكن لحسن الحظ، يتفهم بعض أساتذتي الأمر لأنه في نهاية المطاف أكثر أهمية، غزة أكثر أهمية. لقد مر أكثر من 200 يوم على الإبادة الجماعية، والناس على الأرض في غزة دفنوا الآلاف من أحبائهم وجيرانهم، والأطباء يعالجون آلاف المرضى على مدار الساعة، ونحن متواطئون بأموال ضرائبنا وأموال الرسوم الدراسية في دعم الإبادة الجماعية الصهيونية".
يضيف لوكاس: "تستثمر جامعة جورج تاون، حيث أدرس، ما يزيد عن 31 مليون دولار في الشركات التي تطور التكنولوجيا للجيش الصهيوني، ما يعني أن أموالي الدراسية تمول الإبادة الجماعية التي أشاهدها مباشرة، وهذا غير مقبول. نتلقى الكثير من الدعم من المجتمع، ويتوافد الآلاف على مدار اليوم على المخيم، وتصل إلينا تبرعات بالطعام والشراب، والعشرات يتبرعون بوقتهم لتنظيم توزيع الوجبات والمشروبات، وعشرات آخرون يساعدون الوافدين والموجودين".
وقد منعت جامعة جورج واشنطن بعض الطلاب من دخول المباني من أجل استخدام دورات المياه، ما اعتبره الجميع موقفاً غير إنساني، ويفترش بعضهم بطانية بفعل برودة الجو، ويسير البعض ملتحفين بالأغطية، وبعضهم لا يستطيعون النوم، فيتسامرون ويلعبون رغم الألم الكامن في صدورهم.
ويقول عدد من الطلاب إنهم يختبرون حياة الخيام لأول مرة في حياتهم، وإنها تجعلهم يدركون كيف يعاني أهل غزة النازحون، وهم محرومون من الطعام والشراب، ومهددون بالقصف في أي لحظة، وجميعهم يكررون أن بوصلتهم واحدة، ومطالبهم لن تتغير، وهي: أوقفوا الحرب، وحرروا فلسطين.
ولا تقتصر المشاركة على طلاب الجامعات، إذ التقينا طالبة ثانوية قضت ليلتها داخل المخيم، وقالت الفتاة التي طلبت عدم ذكر اسمها، إنها جاءت إلى المخيم من أجل دعم طلاب الجامعات، مضيفة أنها نشأت في كمبوديا التي قامت الولايات المتحدة بقصفها في السابق، وإنها تستغرب من محاولات الهجوم على الطلاب الذين يتظاهرون سلمياً. تنتمي الطالبة مولي إلى ولاية كولورادو، وقد انتقلت إلى دراسة الماجستير في إحدى جامعات العاصمة العام الماضي، وتشير إلى أن بداية معرفتها بالقضية الفلسطينية كانت في عام 2015، عندما لعبت في فريق الكرة الطائرة مع فتاة من فلسطين، وقتها لم تكن تعرف أين توجد فلسطين على الخريطة. حين عادت إلى المنزل، بدأت البحث في غوغل، لتبدأ التعرف على القضية الفلسطينية.
وتستغرب مولي من أن هناك أشخاصاً يعتقدون أن إدانة إسرائيل معناها معاداة السامية، مؤكدة مشاركة الكثير من الطلاب اليهود في الاحتجاجات في جميع الولايات المتحدة، وأنهم يشعرون بالإهانة من حقيقة أن إسرائيل تستخدم المجتمع اليهودي جزءاً من الحملة العسكرية التي تشنها على غزة، واصفة هذا الاستخدام بأنه مقزز.
تعد حركة الشباب الفلسطيني واحدة من أهم الحركات المشاركة والمنظمة للتظاهرات، كما تقدم الكثير من الدعم للمظاهرات الطلابية.
تقول عضو الحركة سارة لـ"العربي الجديد": "هذه ثورة طلابية، ونحن هنا نسير على خطى الطلاب الذين أخذوا زمام المبادرة في السابق، فالطلاب هم من يصنعون مستقبل العالم الذي يريدون العيش فيه، ولدينا مطالب واضحة من إدارة الجامعات، ونعمل على التأكد من تلبية هذه المطالب، ومن بينها عدم قمع الطلاب، وعدم معاقبتهم بأي شكل، خاصة في ظل تكتيكات التخويف التي تقوم بها الجامعات، مثل التهديد بالمداهمة، والتهديد بالاعتقالات، واستخدام سلاح التوقيف ضد الطلاب".
تضيف أن "مهمتنا هي الوقوف مع الطلاب، والضغط على الجامعات لإنهاء العقود التي أبرمتها مع مصنعي الأسلحة، ومع الجامعات في إسرائيل، ومنها برامج التبادل الأكاديمي، فكلها تؤثر على الفلسطينيين لأنها تساهم في استمرار نظام الفصل العنصري، وبقاء الاستعمار الاستيطاني".