مزارعو هولندا يحتجون على خطة حكومية لخفض التلوّث

10 يوليو 2022
يعمد المزارعون الهولنديون إلى إغلاق الطرقات بجراراتهم (Getty)
+ الخط -

يسود السخط صيف المزارعين الهولنديين من دون أيّ علامة على التراجع، إذ يتظاهرون ضدّ خطط الحكومة الخاصة بكبح انبعاثات أكسيد النيتروجين والأمونيا التي يدّعون أنّها تهدّد بتدمير نمط حياتهم.

وتهدف هولندا إلى تقليل انبعاثات النيتروجين بنسبة 50 في المائة بحلول عام 2023، وقد خصّصت 24.3 مليار يورو (25.6 مليار دولار أميركي) إضافية لتمويل التغييرات الضرورية. لكنّ الخطط أثارت احتجاجات في أنحاء البلاد من قبل المزارعين الغاضبين، الذين يرون أنّها غير مجدية وتهدّد مصادر رزقهم. وفي احتجاجاتهم الحاشدة، قطع المزارعون الطرقات السريعة بجرّاراتهم. كذلك اشتبكوا مع الشرطة أمام منزل الوزير المسؤول عن سياسات الحكومة الخاصة بالنيتروجين.

وفي وقت سابق هذا الأسبوع، أطلق ضابط كان يخشى على سلامته النار على جرّار كان يقوده فتى في السادسة عشرة من عمره. وبعدما احتُجز في بداية الأمر بشبهة محاولة القتل غير العمد، أُطلق سراح السائق الصغير من دون توجيه تهمة.

وقد تؤدّي أهداف تخفيض الانبعاثات إلى تغيير جذري في قطاع الزراعة المربح في هولندا. وقد يُنذر هذا أيضاً بإصلاحات مماثلة، وكذلك احتجاجات، في دول أوروبية أخرى تضخّ قطاعاتها الزراعية هي الأخرى الملوّثات.

ياب زيغوارد صاحب مزرعة لتربية الأبقار تبلغ مساحتها نحو 80 هكتاراً (200 فدان) ما بين ميناء روتردام ذي الثقل الصناعي ومنطقة وست لاند الشهيرة بالدفيئات الزراعية. هو يرعى قطيعه المؤلّف من 180 رأساً من الماشية، معظمها من نوع هولشتاين-فريزيان ذي اللونَين الأسود والأبيض، في مروج بالقرب من طاحونة هوائية هولندية تقليدية وتوربينات رياح بيضاء كبيرة.

ويخبر زيغوارد أنّ عائلته تتوارث المزرعة منذ خمسة أجيال، لكنّه لا يعرف ما إذا كان سيوصي بحياة الزراعة لأطفاله الصغار. يضيف زيغوارد لوكالة أسوشييتد برس: "إذا سألتني الآن، فسأقول من فضلك لا تفكّر في الأمر. فقط اسأل المزارع العادي... إنّه أمر محزن جداً".

تفيد البيانات الهولندية الرسمية بأنّ في هولندا، البالغ عدد سكانها 17.5 مليون نسمة، 1.57 مليون بقرة ألبان مسجّلة وأكثر من مليون بقليل تُربّى من أجل لحمها. وفي عام 2019، أنتجت مزارع الدولة صادرات بقيمة 94.5 مليار يورو (96.2 مليار دولار).

تجدر الإشارة إلى أنّ أكسيد النيتروجين والأمونيا يعملان على رفع مستويات المغذيات والحموضة في التربة، الأمر الذي يؤدّي إلى انخفاض في التنوّع البيولوجي. كذلك يؤدّي النيتروجين المحمول جوّاً إلى تكوّن الضباب والجزيئات الدقيقة التي تضرّ بصحة البشر.

وعندما قضت المحكمة الإدارية العليا والهيئة الاستشارية التشريعية في عام 2019 بأنّ سياسات كبح انبعاثات النيتروجين غير كافية، أُجبرت الحكومة على النظر في اتّخاذ تدابير أكثر صرامة. وفي يونيو/ حزيران الماضي، كشفت الحكومة عن خريطة تفصّل أهداف خفض النيتروجين ووصفتها بأنّها "انتقال لا مفرّ منه". كذلك أفادت بأنّ العام المقبل سوف يجعل الأمر واضحاً بالنسبة إلى المزارعين، وهو ما يمنحهم الاختيار ما بين أن يصيروا مستدامين (بشكل أكبر) أو أن ينتقلوا من أماكنهم أو يتوقّفوا عن العمل.

لكنّ فيم دير فريز، وهو أستاذ وخبير النيتروجين في جامعة فاغنينغن، يشكّك في إمكانية تحقيق هدف الحكومة في الإطار الزمني الذي حددته. ويشير إلى أنّ الوضع الحالي أسوأ بكثير ممّا كان عليه في ثمانينيات القرن الماضي، عندما كانت المشكلة تُعرف باسم "المطر الحمضي". يضيف فريز أنّه "بالنظر إلى هذا الإرث، فإنّنا لن نحدث فرقاً كبيراً إذا أنجزنا ذلك في سبعة أعوام أو 10 أو 12 عاماً، وفي كلّ الأحوال علينا الانتظار عقوداً حتى تتحسّن الطبيعة بجدية".

ويرى المزارعون أنّ الحكومة تركّز على الحدّ من الثروة الحيوانية وشراء المزارع، ولا تولي اهتماماً كافياً للابتكار وممارسات الزراعة المستدامة.

يُذكر أنّ مزرعة زيغوارد تقع في منطقة تسعى فيها الحكومة إلى خفض الانبعاثات بنسبة 12 في المائة فقط. ومع ذلك يتظاهر تعبيراً عن تضامنه مع الآخرين ويدعم الاحتجاجات. كذلك هو يشكك بمستقبل مزرعته التي تضمّ 180 رأساً من الأبقار. ويقول زيغوارد: "يمكنني الاختيار... إمّا أحتفظ بعدد أقلّ من الأبقار وإمّا تقدّم (الحكومة) عرضاً رائعا للتوقّف. فالحديث هو عن مليارات. وإذا كانت هذه مشكلة كبيرة حقاً، فعليك تعويض المزارعين جيداً".

(أسوشييتد برس)

المساهمون