الاحترار العالمي... فشل مهمة ضبط حرارة الكوكب

18 يوليو 2024
العدالة المناخية غائبة حول العالم (غلين هانت/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تفاقم التغير المناخي وتداعياته العالمية:** يهدد ارتفاع درجات الحرارة بقاء الدول الجزرية مثل المالديف، ويسبب كوارث بيئية كذوبان الجليد وارتفاع مستوى البحار. الدول الغنية لم تلتزم بجدية بتعهداتها في قمم المناخ، مما يزيد من تأثيرات الاحترار.

- **جهود دولية لمكافحة التغير المناخي:** منذ التسعينيات، تم توقيع اتفاقيات دولية مثل اتفاقية الأمم المتحدة 1992 وكيوتو 1997. رغم جهود قمة باريس 2015، زادت الانبعاثات بأكثر من مليار طن.

- **توقعات مستقبلية وتحذيرات:** تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى طقس دافئ غير مسبوق خلال السنوات الخمس المقبلة، مع احتمال تجاوز زيادة الحرارة سقف 1.5 درجة مئوية. دعا أنطونيو غوتيريس لاتخاذ إجراءات جادة لمواجهة التغيرات المناخية.

باتت الكثير من الدول تستشعر العواقب المترتبة على تفاقم التغير المناخي، وتكافح من أجل ضبط الاحترار المتزايد، لكن الأمر يحتاج إلى موازنات.

يذكّر التطرّف المناخي المتفاقم حول العالم خبراء الطقس والبيئة بفشل دول العالم في الالتزام بسقف ارتفاع درجات الحرارة المقدر بـ 1.5 درجة مئوية، ويحذر كثيرين منهم من أن الهدف المناخي فات أوان الوصول إليه، رغم الاتفاقيات التي وقعت عليها الدول وتعهدت الالتزام بها منذ قمة كوبنهاغن "كوب 15" في 2009.
وتطاول تداعيات ارتفاع درجات الحرارة العالمية أنحاء الكوكب، فبعض الدول المكونة من جزر، مثل المالديف، مهددة بالاختفاء خلال بضعة عقود كونها منخفضة عن سطح البحر، وبعد تكرار التعهدات في القمم المناخية الدولية، خصوصاً في قمة باريس عام 2015، يبدو أن الدول الغنية تعاملت باستخفاف مع الأزمة، ولم تدعم الهدف الطموح لوقف الاحترار الذي بات تأثيره يهدد معظم البلدان، الغنية والفقيرة.
وصلت درجات الحرارة في جنوب فرنسا، في بداية يوليو/ تموز الحالي، إلى نحو 38 درجة مئوية، وترافق ذلك مع أمطار غزيرة وعواصف رعدية، بينما بلغت درجات الحرارة في اسكندنافيا في أقصى شمال أوروبا القارة 14 درجة في المتوسط، مع عواصف وفيضانات غير معتادة.
وليس الخبراء حالياً على يقين إن كانت البشرية تفعل ما يكفي لمحاصرة الأخطار المتزايدة الناتجة عن الطقس المتطرف والجفاف، ومن بينها تدمير المحاصيل، وانقراض أنواع حيوانية، وتدمير الشعب المرجانية، والآثار السلبية لذلك على صحة الإنسان، إلى جانب ارتفاع مستوى سطح البحر أمتاراً عدة بسبب ذوبان الجليد.
في التطبيق العملي لمحاصرة الاحترار يصعب توزيع المسؤولية بالتساوي، فالدول الصناعية الغنية أكثر قدرة على إحداث تغييرات، بما فيها على مستويات اجتماعية واستهلاكية، بينما تبقى بلدان أخرى عرضة للتغيرات، كما هو الحال مع البلدان الأفريقية، حيث يتزايد الاحترار وما يرافقه من كوارث على الأمن الغذائي، والمنطقة القطبية الشمالية باتت تشهد ذوباناً متسارعاً للجليد مع ارتفاع الحرارة، ما يؤدي إلى ارتفاع مستوى البحار، ويهدّد مدناً شاطئية حول العالم.

ومنذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، يربط الخبراء والباحثون بين انبعاثات غازات الدفيئة والتغير المناخي، ويطالبون بالحد من تلك الانبعاثات، وفي عام 1992، وقعت معظم دول العالم على اتفاقية الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في مستوى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وتجنب التدخل البشري "الخطير" في النظام المناخي، وفي 1997، وقعت 193 دولة على "اتفاقية كيوتو" الخاصة بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وطوال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ناقش العلماء والسياسيون كيفية تجنب التغيرات المناخية الكارثية، ووضعوا هدفاً يجعل سقف الزيادة درجتين بحد أقصى، مقارنة مع الفترة التي سبقت عصر التصنيع.

التطرف المناخي يطاول عشرات البلدان (نايان كار/Getty)
التطرف المناخي يطاول عشرات البلدان (نايان كار/ Getty)

وساهمت قمة باريس للمناخ (كوب 21) في زيادة الذعر العالمي من التغيرات المناخية، وتقرر أن تقوم لجنة المناخ التابعة للأمم المتحدة (IPCC) بإعداد تقرير حول عواقب ارتفاع درجات الحرارة. بدا الالتزام جيداً من الناحية النظرية، وفقاً لخبراء الأمم المتحدة. لكن على مستوى الدول الفقيرة، فإن الأمر يتطلب استثمارات ضخمة، وإعادة هيكلة للمجتمعات لمجاراة مخططات خفض انبعاثات الغازات الدفيئة إلى النصف بحلول عام 2030.
وأنتج غياب تعاون عالمي على تحمل مسؤوليات التحول الأخضر حالة مناقضة لهدف اتفاق باريس، وبدلاً من خفض انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم، زادت تلك الانبعاثات بأكثر من مليار طن. في قمة "كوب 28"، العام الماضي، وافقت الدول على التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، وإعادة الالتزام بسقف 1.5 درجة مئوية. رغم ذلك، سجلت تقارير دولية أن 2023 كان العام الأكثر دفئاً على الإطلاق، واعتبر شهر يوليو/ تموز 2023 الأكثر دفئاً منذ 120 ألف سنة.

وتشير تقديرات حديثة لمنظمة الأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة (WMO) إلى أن تغير المناخ سيؤدي إلى طقس دافئ غير مسبوق خلال السنوات الخمس المقبلة. ويرى متخصصون أن البشرية تواجه بنسبة 80 في المائة خطر أن تتجاوز متوسط زيادة الحرارة بين 2024 و2028 سقف 1.5 درجة، ويرجح بعضهم أن تواجه البشرية سنة تعتبر الأكثر احتراراً على الإطلاق بين عامي 2024 و2028.
ويحذر الخبراء من أن الأرض تتجه نحو ارتفاع درجات الحرارة بنحو ثلاث درجات بحلول عام 2100. ما يهدد بعض الدول والمجتمعات بكوارث جدية بسبب الجفاف، وبعضها يعاني بالفعل من تطرف مناخي غير مسبوق. ما دعا أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إلى التحذير في يونيو/ حزيران الماضي، من خطورة عدم اكتراث بعض دول العالم بالتغيرات المناخية، وأن ذلك يهدد كوكبنا.

المساهمون