عادت أزمة المعابر الليبية مع دول الجوار وعادت معاناة المواطنين عند طرفَي الحدود، على الرغم من المناشدات حول ضرورة تحسين وضع المعابر والقرارات المتعاقبة من سلطات البلدان كافة.
عند معبر رأس أجدير الحدودي مع تونس، اصطفت عشرات السيارات على مدى يومَين قبل أن يتمكّن أصحابها من تجاوز إدارتَي المعبر، الليبية والتونسية، اللتَين تشتكيان من سوء الترتيبات الفنية وتُعدّان غياب هذه الترتيبات السبب الأوّل في معاناة المواطنين.
وقد أعطى رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة تعليماته لوزارتَي الخارجية والداخلية للتنسيق مع الجانب التونسي من أجل تفعيل المعبر بين البلدَين، وتحسين عمله بما يتناسب مع عدد المسافرين الليبيين. ووفقاً للمكتب الإعلامي في الحكومة، فقد بحث الدبيبة خطة تطوير المعبر الحدودي مع مسؤولي وزارات الخارجية والداخلية والمواصلات والحكم المحلي، بالإضافة إلى مؤسسات أمنية.
وبينما شدّد وزير الداخلية خالد مازن على ضرورة تنظيم العمل في المعبر و"تحديد اختصاصات الأجهزة الأمنية بشكل واضح وتطبيق معايير العمل داخل المعابر الحدودية"، نقل شكوى الجانب التونسي في ما يخصّ ضيق المعبر من جهته ونقص الأجهزة الفنية لديه.
من جهته، يعبّر علي عرابي، وهو مسؤول في جهاز إدارة وتشغيل المنافذ البرية الحكومية، لـ"العربي الجديد"، عن أمله في حلّ أزمة هذا المعبر الحدودي، ويلفت إلى أنّ "اللقاءات والاتصالات بين الطرفَين لم تتوقّف، وهما في مرّات عديدة يعلنان عن اتّفاق لتطوير المعبر ثمّ ما تلبث الأزمة أن تعود مجدداً، فيعاني المسافر طول الانتظار لساعات وربّما لأيام".
الشريف العلاقي مواطن ليبي من مدينة صبراته (شمال غرب) يخبر "العربي الجديد" أنّه بقي ينتظر دوره لاجتياز المعبر يوماً ونصف يوم، فيما كانت إدارة المعبر الليبي تبرّر العرقلة بأنّها تعود إلى "أسباب فنية في منظومة المسافرين". يضيف: "لكنّنا نسمع، عبر وسائل الإعلام، عن أسباب أخرى تتعلّق بتواصل بين مسؤولي الدولتَين لحلّ مشكلات مستمرة، أظنّ أنّها سوء تنسيق بين الطرفَين. ولو كانت فنية فقط مثلما يبرّرون، لكانوا تغلبوا عليها ولم تستمرّ كلّ هذه المدة".
والعلاقي كان يجتاز المعبر إلى منطقة تونسية قريبة من الحدود، إذ كانت عليه مراجعة طبيب طفلَيه. يقول: "لو كانت الأمور تسير بانسياب ربّما لم تكن الرحلة لتستغرق أكثر من يومَين، لكن بسبب عرقلة المعبر اضطررت إلى قضاء خمسة أيام". ويوضح العلاقي الذي يراجع طبيب أطفاله بشكل دوري أنّ "أزمة المعبر تتكرر من دون أن تتمكّن سلطات الطرفَين من وضع حلّ جذري لها".
وإذ يؤكد عرابي صحة شهادة العلاقي، يشير إلى "تراجع حدّة الازدحام والانتظار أمام المعبر من الجانب الليبي". ويشرح أنّ "الازدحام حدث فجأة بسبب توافد أعداد كبيرة من المسافرين بعد عيد الأضحى مباشرة لقضاء عطلة الصيف مع عائلاتهم"، لافتاً إلى أنّ سلطات المعبر من الجانب الليبي "لم تكن مستعدّة لأنّ أفراد الجمارك كانوا بمعظمهم في عطلة العيد".
لكنّ الأزمة لا تنحصر في المعبر الليبي-التونسي، فالمسافرون في اتجاه الجانب المصري يشكون هم الآخرون من سوء معاملة على الحدود، وهو ما أكّدته مراسلة وجّهتها وزارة خارجية حكومة الوحدة الوطنية إلى الجانب المصري، في 22 يونيو/ حزيران الماضي. فقد عبّر الجانب الليبي عن استيائه من "المعاملة السيئة التي يتعرّض لها" المسافرون عند معبر السلوم الحدودي بين البلدَين، مشيراً إلى أنّ المسافرين يضطرون إلى "الانتظار في القاعة المخصصة للجوازات لساعات طويلة تصل إلى 15 ساعة من دون مراعاة للحالات الإنسانية ومن دون وضوح الأسباب أو الموانع القانونية التي تؤدّي إلى ذلك". لكنّ الجانب المصري نفى ذلك بشكل رسمي، وقد تسبّبت القضية في أزمة دبلوماسية بين البلدَين.
ويقول عرابي مستنداً إلى تقارير حكومية إنّ "عدد المسافرين الى الجانب التونسي يبلغ سنوياً نصف مليون، يسافرون بمعظمهم بقصد تلقّي علاج طبي بسبب انهيار المنظومة الصحية في ليبيا. كذلك ثمّة من يسافر بقصد قضاء العطلة الصيفية مثلاً، خصوصاً في المناطق الساحلية التونسية".