حذّر الدفاع المدني السوري، اليوم الجمعة، من عاصفة قد تضرب مناطق شمال غربي سورية اعتباراً من الليلة، مع توقعات بأن تمتدّ ليومي السبت والأحد، وتصل إلى منطقة الجزيرة والمنطقة الوسطى. وذكّر المقيمين في المخيّمات بضرورة تثبيت الخيام، والابتعاد عن مجاري السيول وأماكن تجمّع المياه.
ويقول المتطوع في الدفاع المدني السوري حسن الحسّان، لـ "العربي الجديد": "هناك توقعات بأن تبدأ العاصفة منتصف ليل الجمعة (اليوم)، وتستمر يومي السبت والأحد. ومن المتوقّع أن تكون الأمطار غزيرة ومصحوبة بعواصف رعدية، خصوصاً في المناطق الشمالية الغربية، عدا عن تساقط البرد، ما قد يضر بالمزروعات والمخيّمات، ويتعمّق المنخفض خلال اليومين المقبلين ويشمل كافّة مناطق سورية، خصوصاً منطقة الجزيرة والمنطقة الوسطى".
يتابع الحسان: "هذه المأساة تتجدّد في المخيمات وتفاقم معاناة المدنيين. مع كلّ تساقط للأمطار، يكون هناك إغلاق لعدد من المخيمات. تتكرر هذه المأساة منذ 11 عاماً. لكن هذا العام وبعد وقوع الزلزال، تضاعفت المأساة. وهناك نحو 40 ألف عائلة بلا منازل، بعدما تهدمت منازلها كلّياً أو تضرّرت وأصبحت غير قابلة للسكن. ويقدر عدد أفراد العائلات المتضررة بنحو 200 ألف شخص، جزء منهم في مخيمات إيواء بنيت على عجل لتؤوي بشكل عاجل المنكوبين من الزلزال. وهذه المخيّمات تفتقد الحد الأدنى من مقوّمات الحياة، وبالكاد تمّ فرش المخيّمات بطبقات من الحصى لعزل الخيام عن الطين. للأسف، العاصفة الماضية تسبّبت بأضرار في عدد من المخيّمات، والأضرار نجمت عن الرياح القوية التي اقتلعت عدداً من الخيام".
يضيف الحسان: "الأمطار التي تساقطت يوم الأربعاء الماضي تسبّبت بأضرار في عدد من المخيمات بمنطقة الباب. للأسف، ليست هناك أية وسائل لتفادي هذه الآثار الجوّية. المخيّمات غير مهيّأة لمقاومة هذه الظروف، سواء مخيّمات التهجير أو مخيمات الإيواء. وسيكون الدفاع المدني السوري بحالة استنفار خلال هذه الليلة والليلة التي تليها، للاستجابة لأي طارئ سواء لفتح قنوات تصريف المياه أو الاستجابة ومساعدة المدنيّين. وبشكل عام، لم تتوقف أعمالنا المتعلّقة بالمخيّمات خلال الفترة الماضية للتخفيف من آثار الأمطار. توجيهاتنا للمدنيين هي بمثابة مراوغة للموت والمأساة. ماذا يفعل الذين يعيشون في الخيمة لمواجهة العاصفة؟ في الأصل لا خيارات لديهم. للأسف، حتى التوصيات هي مجرد مراوغة للمأساة والواقع الصعب. المدنيون ليس بمقدورهم فعل شيء. نطلب منهم أن يبتعدوا عن أماكن تشكّل السيول والأودية ومحاولة تدفئة الكبار في السن والصغار. حتّى مواد التدفئة غير موجودة. الأهم عدم إشعال النار بشكل ملاصق للخيمة أو داخلها، وحتى هذه الأمور محدودة كونه من النادر أن يكون لديهم شيء للتدفئة. الوضع مأساوي وإن كانت هناك إمكانية لتفادي هذه الكوارث. من المؤكد أن الوضع سيكون أفضل بكثير، مثل وجود كرفانات مؤقتة تؤمن معيشة كريمة لمنكوبي الزلزال ومنكوبي التهجير. هذا واقعنا منذ 12 عاماً".
لجأ عمار أبو علي، النازح من منطقة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، لوضع التراب ومن ثمّ الحجارة على محيط الخيمة التي يقيم فيها في منطقة مشهد روحين، كما يوضح خلال حديثه لـ "العربي الجديد". ويوضح أن شدّ الحبال ووضع الحجارة فوق التراب يمنعان تمزّق الخيمة. يأمل أن يتخلص من الخيمة التي يقيم فيها منذ عام 2020، قائلاً: "تعبنا للغاية من الحياة في الخيمة. نواسي أنفسنا بأننا اعتدنا الحياة هكذا. لكن في الحقيقة، هذا لا يعدو كونه تشجيعاً على الصبر لا أكثر. سمعنا أن هناك عاصفة مطرية ليس هناك ما نفعله سوى تثبيت الخيمة وانتظارها".
وتسببت الأمطار بإغراق خيام النازحين في مخيم الشلاش بريف الرقة شمال سورية، وهناك مخاوف لدى النازحين في المخيم ومخيمات أخرى من العواصف الهوائية والمطرية. ويقول حسين علي، القاطن في مخيم "الشلاش"، لـ "العربي الجديد": "عدد العائلات 250 على الأقل. تضررت 200 عائلة من المياه التي أغرقت الخيام. الفيضانات وصلت إلى المخيم والريح اقتلعت الكثير من الخيام. الناس لم تنم منذ يومين، وكل ما في الخيام من ألبسة وفرش تبلل بالمياه. الناس هنا خائفون أيضاً من الريح والأمطار".
أم محمد (65 عاماً)، وهي نازحة من منطقة الزغير بريف دير الزور، وتقيم في مخيم سهلة البنات، تقول لـ "العربي الجديد": "منذ مساء الأربعاء والخميس الماضيين، لم تتوقف العاصفة المطرية التي ضربت الرقة، ما أدى إلى تشكّل ثلاث بحيرات كبيرة في المخيم، واقتلاع أكثر من 30 خيمة. وأصيب جارنا وزوجته وأطفاله نتيجة غرق الخيمة وهبوطها عليهم". تضيف: "الوضع كارثي جداً وقد غمرت المياه معظم أرجاء المخيم ولم تصلنا أي طوارئ أو إسعاف. ونناشد تدخلاً فورياً لإنقاذنا".