طارق الدحدوح... فلسطيني يعيش ويلات النزوح في غزة مع بقراته

طارق الدحدوح... فلسطيني يعيش ويلات النزوح في غزة مع بقراته

غزة

العربي الجديد

avata
العربي الجديد
توقيع
23 فبراير 2024
+ الخط -

من مدينة غزة الواقعة في شمال القطاع المحاصر والمستهدف من قبل الاحتلال الإسرائيلي إلى منطقة رفح في أقصى الجنوب، مروراً بمخيّم النصيرات في الوسط، نزح طارق الدحدوح مع شقيقَيه وعدد من بقراته ومجموعة من الدجاج.

ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، نزح الدحدوح مرّات عدّة قبل أن يصل أخيراً إلى أرض رملية نصب فيها فلسطينيون آخرون خيامهم وقد هُجّروا من منازلهم. وهنا، في هذه البقعة الصحراوية التي تتخلّلها بضع أشجار نخيل، أنشأ الدحدوح ما يشبه حظيرة لبقراته ودجاجاته، في خيام كذلك.

وإذ يعبّر الدحدوح عن خشيته من أن يفقد ما تبقّى من بقرات لديه، في حال شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي عملية برية في رفح، لا يخفي أمله في العودة إلى مسقط رأسه من دون أن يخسر أياً منها. ويؤكد أنّ تلك البقرات "روح"، وهي في حاجة إلى حماية من الموت مثلها مثل البشر.

وسط أصوات الأطفال المتصاعدة وزقزقة عصافير وأزيز المسيّرات الإسرائيلية، يتنقّل طارق الدحدوح في الحظيرة المستحدثة، ويهتمّ ببقراته والعجول التي أبصرت النور أخيراً، في النزوح.

الصورة
طارق الدحدوح نازح فلسطيني في رفح جنوبي قطاع غزة 2 (العربي الجديد)
طارق الدحدوح مع بقرته سعديّة التي تحتلّ مكانة خاصة لديه (العربي الجديد)

ويشكو الدحدوح من واقعه وواقع حيواناته اليوم، وقد طال النزوح الذي اعتقد أنّه سوف يدوم أياماً قليلة. ويقول: "تبهدلنا". يكرّرها مرّات عدّة، قبل أن يردف: "منذ 20 عاماً ونحن نبني مشروعنا شيئاً فشيئاً.. وعندما وقفنا على أرجلنا أوقعونا من جديد". ومشروعه يقوم على تربية المواشي وإعداد منتجات لبنية من حليبها.

ويأسف الدحدوح لأنّ بقراته خسرت كثيراً من وزنها، مشيراً أنّ صورها قبل الحرب تبيّن كم كانت ضخمة. أمّا اليوم، فتبدو أضلعها بارزة من تحت جلدها، فيما نتأت عظامها الأخرى وقد ذاب لحمها.

ويَعدّ الدحدوح أضلع "سعديّة"، واحدة من بقراته التي ضعفت كثيراً. يُذكر أنّ لـ"سعديّة" التي وضعت صغيرها قبل نحو شهر مكانةً خاصةً لدى صاحبها. وهو يتحسّر على حالها، مصرّاً أنّه لن يبيعها. ويتساءل: "هل نبيعها ويموت ابنها (الذي ما زال يرضع منها)؟".

وفي حين ترقد "سعديّة" على الأرض، بالقرب من المعلف المستحدث، يصرخ بها الدحدوح بحنيّة: "قومي.. قومي يا سعديّة! قومي الله يحميكِ... يا حبيبتي... يا قلبي".

ويبيّن الدحدوح أنّ بقراته "كلّها ذابت"، لافتاً إلى أنّه ربّاها منذ كانت صغيرة. ويشرح أنّ كلّ شيء باهظ الثمن اليوم، و"قد بعنا نصف الدواب لنتمكّن من إطعام المتبقية منها".

أمّا الدجاجات التي تسرح بين البقرات، فيخبر الدحدوح أنّه اشتراها من مخيّم النصيرات، عندما نزح إليه، وذلك بعدما كان قد ترك وراءه في تلّ الهوى بمدينة غزة "100 جوز من الدجاج". هو لا يعرف ما الذي حلّ بها... "هل نفقت؟ هل سُرقت؟".

وكان طارق الدحدوح قد قرّر البقاء في مدينة غزة الشمالية، بعدما خرج أهله منها. بقي هناك مع شقيقَين له، واستمرّوا في حلب البقرات وإعداد الجبن من حليبها لنحو 15 يوماً. لكن التوغّل البري أجبره على الفرار، و"سحبنا البقرات من تلّ الهوى إلى النصيرات". يضيف أنّ عدداً منها نفق، "فما بقي بقي وما راح راح... الله يعوّض".

في مخيّم النصيرات الواقع وسط قطاع غزة، بقي الدحدوح وشقيقاه وبقراته لمدّة شهرَين ونصف شهر، "ثمّ هجّرونا إلى رفح". ويسأل: "وبعد رفح؟ إلى أين نذهب؟".

بالنسبة إلى الدحدوح، فإنّ بقراته كانت "معزّزة" في مدينة غزة، قبل التهجير. أمّا الحال اليوم، فقد "تحوّلت البقرات إلى حطب"، مشيراً إلى ضعفها الشديد.

ولا يخفي الدحدوح أنّه يخاف عليها. يضيف: "ألم نرّبها لنعيش منها؟ هي روح. هل نجعلها تموت؟ أو نحافظ عليها؟". ويتابع: "ربّما تعود إلى وطنها (مدينة) غزة". ويبدو الدحدوح حاسماً وهو يقول إنّه لن يعود إلى دياره إلا مع بقراته. ويوضح: "أنا خرجت معها تحت القصف والموت والقذائف تنهمر مثل المطر علينا".

وهو يمسد جلد بقرة شقراء، من المتوقّع أن تضع عجلها بعد نحو شهر، يسأل عن ذنبها في ما حدث.

ذات صلة

الصورة

سياسة

كشفت صحيفة هآرتس العبرية، في عددها الصادر اليوم الأحد، عن انتحار عشرة جنود وضباط في الجيش الإسرائيلي بطرق مختلفة منذ بداية الحرب على غزة.
الصورة
عائلات تغادر رفح بلا وجهة محددة (أشرف أبو عمرة/الأناضول)

مجتمع

رغم استمرار موجات مغادرة مدينة رفح باتجاه خانيونس ودير البلح، إلا أنه لا يتوفر مكان يؤوي العدد الأكبر من هؤلاء المهجرين، وغالبيتهم أطفال ونساء ومسنون.
الصورة

مجتمع

قدّرت الوكالة الأممية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) نزوح 150 ألف فلسطيني من مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، بعد العملية العسكرية التي شنتها إسرائيل.
الصورة

مجتمع

أبدت جامعات إسبانيا، الخميس، استعدادها لتعليق تعاونها مع أي مؤسسة تعليمية إسرائيلية لا تعرب عن "التزام واضح بالسلام"، مع احتدام الحرب على غزة.

المساهمون