ريما وديما عقل فقدتا ستة من أسرتهما حرقاً بقصف في غزة

13 اغسطس 2024
تحاول ريما الانشغال عن آلامها بالرسم (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في 12 يوليو/تموز، تعرض منزل إياد عقل في دير البلح بقطاع غزة لقصف إسرائيلي، مما أدى إلى استشهاد الأب والأم والجد وثلاثة من الأبناء، بينما نجت الطفلتان ريما وديما بإصابات خطيرة.
- ريما (12 سنة) وديما (15 سنة) تعانيان من حروق وكسور، وتواجهان نقصاً حاداً في الرعاية الطبية، مما زاد من معاناتهما. ريما تتمنى العلاج خارج غزة.
- ياسمين سلامة، ابنة خالة الشقيقتين، أوضحت أن استشهاد الأسرة تم إخفاؤه عن ريما وديما لمدة 20 يوماً، مما أدى إلى نوبة صراخ هستيري عند معرفتهما. العائلة تحاول توفير الأدوية في ظل نقص حاد.

لم تتمالك الشقيقتان ريما وديما عقل نفسيهما ودخلتا في نوبة من الصراخ والبكاء داخل قسم الحروق بمستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، بعدما وصل إليهما نبأ استشهاد والدهما ووالدتهما وجدهما وثلاثة من أشقائهما حرقاً في القصف الإسرائيلي لمنزلهم.
بدأت حكاية الألم في 12 يوليو/ تموز الماضي، حين أصيب منزل والدهما إياد عقل بقذيفة إسرائيلية حارقة، أدت إلى إصابة الأب والأم والجد والأبناء، وتم نقلهم جميعاً إلى أقسام العناية المركزة لتلقي العلاج، لكن الواقع الصحي المتردي وانعدام إمكانيات التعامل مع الحروق الكبيرة حالا دون إنقاذ أرواحهم، ما تسبب باستشهادهم واحداً تلو الآخر. 
استشهد الأب بعد أربعة أيام من إصابته بحروق غطت معظم أنحاء جسده، ولحق به الابن الأكبر بلال، وبعد خمسة أيام لحقت بهما الأم سهى عقل، ثم لحق بهم في اليوم الثامن الابن الأوسط أحمد، الذي غطت الحروق 90% من جسده، وفي اليوم الرابع عشر لحق بهم الطفل محمود، ثم استشهد جدهما لأبيهما. 
تغطي الحروق نصف جسد الطفلة ريما عقل (12 سنة)، وهي مصابة في اليدين والوجه والظهر، وقد مكثت في العناية المركزة لأيام طويلة غائبة عن الوعي من دون أن تعرف مصير أسرتها، وأصيبت شقيقتها ديما (15 سنة)، بكسور في الحوض والساق والكتف، بينما أصيبت شقيقتهما مروة بجروح متوسطة، ونجا من القصف شقيقهن محمد، الذي يدرس الطب في الخارج، وشقيقتهن المتزوجة التي كانت خارج البيت. 
تقول الطفلة ريما عقل لـ"العربي الجديد": "كنا نصلي العشاء يوم الجمعة (12 يوليو)، وفوجئنا بصوت انفجار اهتز البيت على أثره بشكل غير طبيعي، وتلاه ضوء أحمر، بعدها حل الظلام بفعل الغبار الكثيف من دون أن أستوعب ما الذي يحدث. لم أكن أتمكن من التنفس بسبب الركام المتراكم فوق جسدي، وبدأت بإزالته بيدي إلى أن تمكنت من الخروج إلى منزل عمي المجاور. رأيت والدتي مصابة، وبدأت بالصراخ والمناداة على باقي أفراد أسرتي، ثم تم نقلي إلى قسم العناية المركزة بالمستشفى جراء إصابتي بحروق متعددة، وما زلت أشعر بآلام في معظم أنحاء جسدي، وأتمنى الحصول على علاج خارج قطاع غزة الذي يعاني من تدهور شديد في الرعاية الصحية". 

أصيبت ديما بكسور في الحوض والساق والكتف (العربي الجديد)
أصيبت ديما بكسور في الحوض والساق والكتف (العربي الجديد)

وتخبر شقيقتها ديما عقل "العربي الجديد" قائلة: "خلال أجزاء من الثانية أصبحنا تحت الردم من دون القدرة على الصراخ أو حتى على التنفس، إلى أن تمكن الأقارب والجيران من إخراجنا، ونقلنا إلى المستشفى، ليبدأ فصل آخر من الألم، عنوانه نقص الإمكانيات الطبية. بقينا فترة طويلة في ممرات المستشفى على الرغم من معاناة جميع أفراد الأسرة من كسور وجروح وحروق تراوح بين 60 و90%، وحاجتنا الماسة إلى بيئة طبية ومعقمة". 
تغالب ديما الدموع وهي تستذكر تفاصيل القصف: "كنا نصرخ من الألم ونحن ملقون على الأرض في المستشفى، ولاحقاً بدأت بعض الجروح العميقة بالتعفن. نقص الرعاية حرم والدي ووالدتي وأشقائي من فرصة إنقاذ حياتهم، بمن فيهم شقيقي الأصغر الذي كان يعاني من حساسية شديدة، وقد استشهد بفعل عدم توفر مضادات الحساسية. كان بالإمكان إنقاذ أسرتي عبر خروجهم للعلاج من الحروق في مستشفيات خارج قطاع غزة، لكن الإغلاق الإسرائيلي للمعابر حرمني من أبي وأمي وجدي وإخوتي، وأعاني مع شقيقتي حالياً من نقص الأدوية والمستهلكات الطبية الذي يزيد آلام الجروح الغائرة". 

تقول ياسمين سلامة، وهي ابنة خالتهما، إن استشهاد أفراد الأسرة بقي طي الكتمان لمدة 20 يوماً خشية إصابة الشقيقتين بانتكاسة صحية، وتم إخبارهما بالنبأ تدريجياً، وعندها دخلتا في نوبة صراخ هستيري، ما استدعى تدخل طبيبة نفسية لتهدئة روعهما. 
وتوضح سلامة لـ"العربي الجديد" قائلة: "في الأيام الأولى بعد الإصابة، بقيت الأسرة في جنبات المستشفى بفعل الاكتظاظ الشديد والنقص الحاد في الأسرّة والأدوية والمستهلكات الطبية، وهذا الأمر ساهم بشكل كبير في تدهور الحالة الصحية لمعظمهم، وفقدانهم الحياة. الإصابات كانت حرجة للغاية، وكانت بحاجة إلى تدخل طبي عاجل، لكن ضعف الإمكانيات حرمهم من ذلك. العائلة ما زالت توفر العديد من الأدوية والمستهلكات الطبية اللازمة للعلاج، إذ يفتقد قسم الحروق للعديد من الضروريات بفعل إغلاق المعابر ضمن الاستهداف المباشر للمنظومة الصحية، ووفرت العائلة جهاز تكييف لتخفيف درجات الحرارة التي تزيد آلام الحروق، وكذلك توفير بعض أدوات التفريغ النفسي، مثل الألوان وهواتف محملة بمقاطع الفيديو لتخفيف وقع الصدمة على الفتاتين". 

المساهمون