رمضان غزة على غير عادته مع اشتداد كورونا

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
22 ابريل 2021
+ الخط -

لم يسمح تدهور الأوضاع الوبائية المتعلقة بمُستجدات موجة كورونا الثانية في قطاع غزة، للفلسطيني عُدي عبيد، من مخيم الشاطئ للاجئين غربي المدينة، بوضع أرجوحته الصغيرة أمام منزله، كي يلهو عليها أطفال المنطقة في ليالي رمضان كما جرت العادة.

ومحت الموجة العنيفة، التي بدأت تضرب القطاع منذ شهر مارس/آذار الماضي، ملامح استقبال شهر رمضان، وغيّرت طقوسه المعتادة سنويًا، سواء خلال ساعات النهار، أو في جلسات السمر المسائية، فيما أثّرت على مختلف النواحي الحياتية والقطاعات السياحية والاقتصادية بفعل تضاعف حالات الوفاة والإصابة.

محت الموجة العنيفة، التي بدأت تضرب القطاع منذ شهر مارس/آذار الماضي ملامح استقبال شهر رمضان، وغيرت طقوسه المعتادة سنويًا

وبدأ عبيد (32 عامًا)، العمل على الأرجوحة منذ خمس سنوات، بعد ملاحظته تجمّع الأطفال أمام بقالته الصغيرة عقب تناولهم برفقة ذويهم طعام الإفطار، فيما يستفيد منها كذلك خلال أيام الأعياد والإجازات، إلا أن تشديد الإجراءات الاحترازية، منعه من تشغيلها، منعًا للتجمع، وتطبيقًا لقرار الحظر الليلي التام.

ويوضح عبيد لـ"العربي الجديد"، أن مهنته الصغيرة كانت تعينه على توفير بعض المتطلبات المتزايدة خلال شهر رمضان، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية، التي يمر بها القطاع المُحاصر منذ 14 عامًا، لكنه اليوم فقدها، وفقد الجو العام لشهر الصوم.

وشهد مطلع شهر فبراير/شباط 2021، حالة من الاستقرار للحالة الوبائية، نتج عنها تخفيف الإجراءات تدريجيا وصولا إلى إنهاء كافة أشكال الإغلاق، بما فيه الإغلاق الليلي، وعودة الحياة إلى طبيعتها، إلا أن ذلك التخفيف تبعته إجراءات صارمة، في 23 مارس/آذار بتوصية من خلية الأزمة، بناءً على تقييم الحالة الوبائية، وازدياد أعداد الإصابات مع دخول الموجة الثانية من الوباء.

وشملت إجراءات الإغلاق التي بدأت تدريجيًا، الإغلاق الليلي عند الساعة التاسعة مساء، ومنع التجمعات وإقامة بيوت العزاء وحفلات الأفراح، تلاها قرار منع حركة المركبات يومي الجمعة والسبت، وصولًا إلى الإجراءات المُشددة والتي اتُخِذت عشية حلول شهر رمضان، وتعلقت بالإغلاق الشامل يوميًا منذ آذان المغرب وحتى آذان الفجر، علاوة على القرارات الأكثر تشديدًا، والتي اتخذت قبل يومين، وتعلقت بفرض الإغلاق الليلي الشامل، ومنع الحركة كليًا للمُشاة والمركبات، وإغلاق جميع القطاعات والمنشآت والمساجد والمحال التجارية.

ولم تسلم الزيارات العائلية في شهر رمضان، من تأثيرات الجائحة، بفعل منع حركة المركبات خلال ساعات المساء، وعدم تمكّن المواطنين من الحركة، فيما انعدمت العزائم الرمضانية، التي كانت تجمع الأقارب والأصدقاء والجيران داخل المنازل وفي المتنزهات العامة، فيما لوحظ اختفاء ظاهرة الإفطار والشواء على شاطئ البحر وفي الأراضي الزراعية، والتي نشطت خلال السنوات الماضية، حيث يتطلب الوصول إليها السماح بحركة وسائل المواصلات.

وطاول تشديد الإجراءات كذلك جلسات السمر والإفطار الجماعي في بعض المناطق والحارات التي كانت تشهد تنظيم إفطارات جماعية يقوم فيها كل شخص من أهالي المنطقة بإحضار فطوره، كنوع من زيادة الألفة والترابط، فيما اختفت الخيام الرمضانية التي تنظمها المطاعم والاستراحات، وكانت تتضمن فقرات ترفيهية ومسابقات وجوائز.

وغابت زينة الإضاءة الليلية عن واجهات المحال التجارية، إذ باتت تقفل أبوابها مع آذان المغرب، وهو موعد توقف حركة المركبات، والذي كانت تشهد فيه البلدة حركة نشطة خلال السنوات الماضية، فيما دفع منع حركة المركبات أصحاب محال بيع المثلجات والمُسليات إلى إغلاق أبوابها (قبل قرار الإغلاق الليلي) نتيجة عدم تمكن الزبائن من الوصول إليها.

المساجد كذلك اختلفت آليتها مع دخول الموجة الثانية من الجائحة، إذ كان الصائمون يقضون أوقات النهار داخل المسجد للصلاة وقراءة القرآن، إلا أن الإجراءات اقتضت فتح المساجد قبل 20 دقيقة من رفع الأذان، وإغلاقها بعد انتهاء الصلاة بـ 15 دقيقة، وقد تم السماح بداية شهر رمضان بأداء صلاة التراويح مع بعض التغييرات، حيث اقتصرت على الرجال دون النساء، وفق قواعد التباعد والوقاية، إلا أنه تم إلغاء صلاة التراويح بعد أسبوع من بدء شهر الصوم، بفعل اشتداد الأزمة.

وعلى الرغم من انتشار الألعاب النارية في الليالي الرمضانية ومحافظة الأطفال على تلك العادة السنوية، إلا أنها شهدت كذلك انخفاضًا ملحوظًا بفعل حالة الإغلاق، والتي أثرت على ملامح الشوارع العامة، حيث بدت شبه خاوية خلال ساعات المساء الأولى.

ويشير رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، سلامة معروف، إلى أنّ الإجراءات المُتخذة تسير وفق الحالة الوبائية، منعًا لانتقال العدوى، وقد تم فرضها بناءً على توصيات من وزارة الصحة والطواقم الطبية العاملة.

ويلفت معروف إلى أنّه في ضوء ارتفاع عدد الإصابات كانت هناك حاجة لإعادة تقييم الأوضاع، وفرض إجراءات مشددة، بهدف كسر حدة انتشار العدوى"، موضحًا أن تلك الإجراءات، والتي لا زالت تراعي خصوصية شهر رمضان، لها أثر طبي ايجابي على الحالة الصحية العامة، إلا أنها تحتاج إلى وقت أكبر من الأثر الآني للإغلاق الشامل.

كوفيد-19
التحديثات الحية

ولا يزال خيار الإغلاق الشامل مطروحًا، وفق معروف، الذي يقر بأنه خيار "غير مُفضلٍ لثقله على واقع المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة"، وأن المُتحكم الأساسي في فرض الإغلاق الشامل هو قدرة المنظومة الصحية على التعامل مع أعداد الإصابات، فيما يُمثل التزام المواطنين بالإجراءات الوقائية المُتبعة صمام الأمان في تحديد سيناريوهات المرحلة المقبلة، مضيفًا: "نحاول التوازن والابتعاد عن الإجراءات التي يمكن أن تطاول كل القطاعات المجتمعية".

وشهد قطاع غزة مراحل متعددة لمواجهة أزمة فيروس كورونا، مرت بسيناريوهات مُختلفة، اتُخِذت فيها إجراءات تراوحت بين التشديد والتخفيف، حيث ظهرت أولى حالات الإصابة بفيروس كورونا في صفوف العائدين من خارج قطاع غزة في  شهر مارس/آذار، 2020، إلا أنه تم السيطرة على الحالة الوبائية حينها، عبر حجر المُصابين في مراكز الحجر الصحي، إلى أن تم الإعلان عن عدة إصابات خارج مراكز الحجر الصحي في أغسطس/آب، 2020، تلاه إغلاق شامل، ومن ثم تذبذب للإجراءات وفقًا للحالة الوبائية.

المساهمون