قدّمت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات (مستقلة، ذات مرجعية حقوقية)، اليوم الجمعة، دراسة حول نفاذ النساء ضحايا العنف إلى العدالة، والصعوبات التي تواجهها المعنّفات لنيل الحماية.
وتناولت محاميات الجمعية، 65 حكماً قضائياً ودرسن العنف الجنسي والزوجي والسياسي ومدى تطبيق قرارات الحماية للنساء المعنفات.
وقالت عضو هيئة النساء الديمقراطيات، والمسؤولة عن لجنة العنف، جليلة الزنايدي، لـ"العربي الجديد"، إنّه تم التركيز على إحصائيات مراكز الاستماع والتوجيه للنساء ضحايا العنف لثلاث سنوات من (2019-2021)، مشيرة إلى أن الأرقام بينت تعرض 2712 امرأة للعنف، بزيادة بحوالي الضعف خلال الفترة نفسها، أي قبل 3 سنوات ومن 2016 إلى 2018 نجد ما بين 1300 و1400 امرأة معنفة، مشيرة إلى أن العنف الزوجي في طليعة العنف بنسبة 65 بالمائة ثم العنف الأسري بـ9 بالمائة.
وتابعت: "هناك أشكال جديدة من العنف، ومنها الممارس على شبكات التواصل الاجتماعي"، مؤكدة أن نفاذ النساء ضحايا العنف للعدالة لا يزال ضعيفا، وعادة ما تطبق القوانين القديمة وليس القانون عدد 58 لسنة 2017 والمتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، ووضع التدابير الكفيلة بالقضاء على كل أشكاله من أجل احترام الكرامة الإنسانية، مبينة أن القضاء لا ينصف بالشكل الكافي النساء المعنفات.
بدورها دعت المحامية حياة الحزار، إلى مراجعة المجلة الجزائية والتنصيص على إجبارية حضور محام للنساء ضحايا العنف، ولفتت إلى أن "الاغتصاب الزوجي موجود، ولكن هذه القضايا للأسف تمر وكأنها عنف شديد وقد تابعت في هذا الصدد قضية حُكم على الزوج المغتصب بتهمة العنف الشديد فقط".
مبينة أن "هناك نقصاً في تطبيق القانون حول العنف المسلط على النساء وحيفاً على الضحايا، ولا يزال القضاء متشبعا بالنزعة الذكورية وغياب سياسة واضحة لمعاقبة المعتدين، كما أن الأحكام والتعويضات لا تغطي الضرر الفعلي للضحايا"، بحسب رأيها.
من جهتها، قالت رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات، نائلة الزغلامي، إنّ المحاكم لا تزال تفتقد إلى خلايا للإرشاد واستقبال النساء والأطفال المعنفين، وتطبيق القانون الخاص بحمايتهم منقوص، في حين أن التشبع بروح القانون يساعد على إنصاف الضحايا.
وبينت أن النساء ضحايا العنف يجب أن يكن في حماية قبل الاعتداء عليهن وليس بعد تعنيفهن، إذ يجب العمل على الحيلولة دون تعنيفهن وتكريس حمايتهن.
وقالت المحامية، هالة بن سالم لـ"العربي الجديد"، إنّ من أهم الاستنتاجات التي وقفت عليها الدراسة أن القانون لا يطبّق بالدرجة نفسها في أغلب المحاكم، مؤكدة أن الأمر يختلف حسب تكوين القضاة واستشعارهم للعنف، وهناك عدة صعوبات تتعلق بالمرأة الضحية من الناحية النفسية والاجتماعية.
مشيرة إلى أن هناك صعوبات إجرائية وأخرى تتعلق بعدم معرفتها للقانون وعدم تمتيعها بالإعانة العدلية الوجوبية التي يجب أن تكون آلية بحسب القانون، مؤكدة أن مطالب الحماية لا ينظر فيها سريعا رغم أهميتها للمعنفات، في حين أن هناك قرارات صدرت بعد 6 أشهر من طلب الحماية، وهذا مخالف للقانون ومن شأنه أن يفاقم وضع المرأة الضحية.
وأفادت المتحدثة أن هذا التأخير يؤدي إلى مزيد من تعنيف الضحايا وحتى قتلهن، مؤكدة أن القانون 58 الخاص بمناهضة العنف ضد المرأة من أفضل القوانين وهو نتاج نضالات نسوية وحقوقية، ولكن لم يتم توفير الموارد اللازمة لتطبيقه على أحسن وجه، واليوم للأسف لا يوجد مراكز إيواء للنساء المعنفات حيث يوجد في تونس الكبرى مركز واحد فقط.
ودعت المتحدثة، الدولة، إلى وضع استراتيجية وطنية تحمي المعنفات وتوفر الموارد اللازمة للإحاطة بهن، مؤكدة أنه لا بد من تعزيز السياسة الجزائية للبت في الشكاوى والقضايا.