في محاولة منها للتغلّب على مصاعب الحياة، تمكّنت اليمنية "أمُّ سامي" في العاصمة صنعاء من تغيير نظرة المجتمع للمرأة واقتحام مهنة ظلت حكراً على الرجال لسنوات، من خلال عملها سائقة سيارة أجرة (تاكسي)، لتأمين لقمة العيش الكريم لأسرتها في بلدٍ أنهكته الحروب.
تقول أمّ سامي لـ "العربي الجديد"، إنّ الظروف المعيشية الصعبة وانعدام فرص الشغل وشحّ الوظائف، كلّها عوامل دفعتها للعمل سائقة للتاكسي لكي تعيل أولادها الصغار، بعد وفاة زوجها ومعيلها الوحيد. وتضيف: "لم يكن لديّ خيار آخر غير الخروج للعمل بعدما حوّلت سيارة زوجي إلى سيارة أجرة، كنت مترددة في البداية، لكنني تشجعت متحدية العادات والتقاليد وبدأت العمل في شوارع صنعاء لإنقاذ أسرتي من التشرد".
وتتابع: "لم تكن الدهشة في البداية تخفى على ملامح الركاب من الرجال والنساء على حد سواء، لكنني سرعان ما كسرت هذا الحاجز، وتمكنت من كسب تعاطف كثيرين وكثيرات ممن تبادلت معهم أطراف الحديث أو سمعوا قصتي، وشجعوني على مواصلة العمل، ومنهم من التقطوا صورا معي وشاركوها عبر حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي حتى عرفني الناس أكثر وإن شاء الله أنجح في تحقيق طموحي".
وتوضح أمّ سامي: "خلال عملي لا أمكث في مكان واحد مثل بقية سائقي سيارات الأجرة في انتظار الركاب، وإنما أتحرك بكل الاتجاهات بحثاً عن الرزق، وأحمل الناس إلى وجهاتهم، وأحرص على إيصالهم في وقت معقول وبتكلفة بسيطة".
وفي السياق يقول مالك التعزي، أحد الركاب الذين أوصلتهم "أمّ سامي" لـ "العربي الجديد": لقد اندهشت عندما رأيتها تلوّح بيديها واقفة أمامي بطريقة تدل على أنها بارعة ومتمكنة من عملها، وأنا أشجع عمل المرأة اليمنية، إذ من حقها أن تعمل لتتمكن من مساعدة أسرتها والتغلب على الوضع المعيشي الصعب".
ورغم الصعوبات التي تواجهها هذه المكافحة اليمنية، والساعات الطويلة التي تمضيها خلف مقود السيارة، إلا أنها فخورة بمهنتها كأول امرأة يمنية تعمل سائقة تاكسي لتتغلب على ظروفها المادية وتتكفل بمعيشة أسرتها.
وتوجّه "أمّ سامي" رسالة لكل امرأة يمنية، بأنه يجب عليها أن تقف في وجه الحرب ولا تفقد الأمل، ولم لا؟ تفتح مشاريع صغيرة، كل منهن حسب قدرتها، لتتمكن من مواصلة الحياة وتكون نموذجاً يحتذى به في العالم.