لم تتمكن المُسِنة الفلسطينية آمنة محمد، وهي تسكن معسكر الشاطئ للاجئين الفلسطينيين، غربي مدينة غزة، من توفير ثمن علاجها، بعد تأخّر صرف شيكات الشؤون الاجتماعية، التي تخصّصها وزارة التنمية الاجتماعية في رام الله بالضفة الغربية للأسر الفقيرة كُل ثلاثة أشهر، إذ هي تعتمد عليها بشكل أساسي في توفير مستلزماتها.
وتصرف وزارة التنمية الاجتماعية دفعة مالية مخصّصة كمساعدات نقدية مقدمة من الاتحاد الأوروبي وتساهم فيها السلطة، لنحو 80 ألفاً من الأسر الفقيرة في غزة كل ثلاثة أشهر، بمجموع أربع دُفعات سنوية، إلّا أنّ الأسر لم تتلقَّ منذ بداية عام 2021 سوى دفعة واحدة، فيما لم يتضح حتى اللحظة موعد صرف الدفعة الثانية.
وتعاني الفلسطينية آمنة محمد، إلى جانب خشونة القدمين، من جرثومة في المعدة، تحتاج إلى جدول علاج مكلف ومتواصل، وتقول إنها لن تتمكن حتى من استدانة ثمن العلاج، إذ كانت تحصل على مستلزماتها وعلاجها مقابل سدادها في وقت محدد، حين كان صرف شيكات الشؤون منتظماً كل ثلاثة أشهر، وإنّ تأخّر الصرف جعلها غير قادرة على الالتزام بالسداد في الموعد المُحدد، ما حرمها من الحصول على حاجاتها الأساسية.
وتقول محمد لـ"العربي الجديد"، إنّ شيكات وزارة التنمية الاجتماعية باتت تُصرف كل خمسة أشهر أو أكثر، بتأخير أكثر من شهرين، ما أثّر بشكل مباشر عليها، وتضيف: "كنت أحصل على مبلغ 750 شيكلا كل ثلاثة أشهر، ولا تكفي لسداد احتياجاتي، فما بالكم بعد تأخّرها بهذا الشكل". (الدولار = 3.26 شيكلات).
وتحاول محمد، التي تسكن وحيدة، الاستعانة بجيرانها وبعض أقاربها لتوفير مستلزماتها خلال الفترة الحالية، وخاصة أنها لا تمتلك أي مصدر دخل آخر سوى النقود التي تحصل عليها من وزارة التنمية الاجتماعية، داعية إلى الإسراع في صرف الشيكات، إذ باتت في أمس الحاجة إلى توفير العلاج وبعض الحاجات الضرورية.
من ناحيتها، تقول الفلسطينية هنا رشيد، وهي من المُنتفعات من مساعدات الشؤون الاجتماعية، إنها تعيل أسرة مكوّنة من ستة أفراد، وأنها باتت مسؤولة عنهم بعد وفاة والدهم. وتضيف أنّ شيك الشؤون هو مصدر الرزق الوحيد لها ولأبنائها.
وتوضح لـ"العربي الجديد"، أنه وبدلاً من زيادة المبلغ ليتماشى مع سوء الأوضاع الاقتصادية لأسرتها، تمّ تخفيضه، إذ حصلت في المرة الأخيرة على مبلغ 750 شيكلا، بدلا من 1800، إلى جانب أنها باتت تحصل على الدُفعة المالية كلّ 5 أو 6 أشهر، بدلاً من الحصول عليها كل 3 أشهر، كما جرت العادة سابقاً.
وتضيف رشيد أنّ احتياجات الأسرة كثيرة، بخلاف الطعام والشراب، إذ هي تحتاج إلى مصاريف يومية وشهرية، إلى جانب الأدوية والمستلزمات الضرورية الأخرى.
وتقول: "أطالب جميع الجهات المسؤولة بضرورة صرف شيكات الشؤون في أسرع فرصة ممكن، هذا حق الفقراء، وواجب المسؤولين تجاه الأسر الفقيرة".
ويعيل الفلسطيني سائد ياسين، من منطقة المعسكر الشمالي، غربي مدينة غزة، أسرة مكوّنة من خمسة أفراد، ويقول إنّ الاحتياجات المتزايدة لا تتناسب مع أوضاعه الاقتصادية المتردية، خاصة في ظلّ تأخر دفع شيكات الشؤون لفترات طويلة، إلى جانب عدم وضوح موعد محدد لصرفه.
وعلى الرغم من عدم قدرته على العمل بسبب أوضاعه الصحية الصعبة، الناتجة عن إصابته بمرض مزمن، إلّا أنه يحاول بين الفينة والأخرى فتح بسطة صغيرة أمام بيته، أو العمل في بعض الأعمال الحُرة، ويقول: "سنموت جوعاً في حال مواصلة انتظار شيك الشؤون، خاصة في ظلّ عدم تحديد موعد واضح للصرف".
ويوضح ياسين في حديث مع "العربي الجديد"، أنه لم يعد قادراً على الحصول على مستلزمات أسرته من البقالة، إذ اتفق مع صاحبها على الاستدانة حتى موعد صرف شيك الشؤون كل ثلاثة أشهر، ويضيف "تأخر الدفع زاد من نسبة الدين، الذي فاق بالأصل قيمة الشيك، ما دفع صاحب البقالة إلى إيقاف السماح لي بالاستدانة".
ويضيف أنه من واجب وزارة التنمية الاجتماعية زيادة قيمة الشيكات المدفوعة للأسر الفقيرة، التي لا تملك أي مصدر دخل، وزيادة الدفعات السنوية، بدلاً من تقليل الدفعات عبر تأخير صرفها لمدة باتت تزيد عن خمسة أشهر، ما يضع الأسر الفقيرة في أوضاع صعبة لا يُحسدون عليها.