عامٌ على فتح الجبهة اللبنانية... من إسناد غزة إلى الحرب الشاملة

08 أكتوبر 2024
تجمّع عسكري إسرائيلي على حدود لبنان، 30 سبتمبر 2024 (إريك مارمور/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في أكتوبر 2023، افتتح حزب الله جبهة الإسناد اللبنانية لدعم المقاومة الفلسطينية، مما أدى إلى تصاعد المواجهات مع إسرائيل في مزارع شبعا، واستمرت الاشتباكات رغم الجهود الدولية لوقف إطلاق النار.
- شهدت المواجهات تطورات خطيرة مع اغتيال إسرائيل لعدد من قادة حزب الله، مما دفع الحزب لتوسيع عملياته ضد الاحتلال، مستهدفاً مواقع عسكرية إسرائيلية حساسة مع تجنب المساس بالمدنيين.
- أكد حزب الله أن جبهة الإسناد حققت أهدافاً مهمة، منها استنزاف العدو وإعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة، مع استمرار الحاجة للحلول الدبلوماسية لتجنب تصعيد أكبر.

في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023، افتتح حزب الله جبهة الإسناد اللبنانية "على طريق تحرير ما تبقى من أرض لبنان المحتلة، وتضامناً مع المقاومة الفلسطينية المظفرة والشعب الفلسطيني المجاهد والصابر"، وفق إعلانه، وذلك إثر عملية "طوفان الأقصى" التي انطلقت في السابع من أكتوبر 2023. ونفذ حزب الله أول عملية له تبنّتها "مجموعات القائد الحاج الشهيد عماد مغنية"، باستهداف ثلاثة مواقع للاحتلال الإسرائيلي في منطقة مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، هي الرادار، وزبدين، ورويسات العلم، بأعدادٍ كبيرة من قذائف المدفعية والصواريخ الموجّهة.

منذ ذلك التاريخ، دشنت الجبهة اللبنانية المواجهات على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وأخذت في التطوّر وتسجيل خروقات تدريجية لقواعد الاشتباك المعمولة بين حزب الله وجيش الاحتلال بعد عدوان صيف 2006 على لبنان، وذلك في ظلّ استمرار حرب الإبادة على غزة. وفشل مساعي مفاوضات تطبيق هدنة ووقف إطلاق النار، رغم الحراك الدولي المكثف في لبنان ولا سيما من الجانب الفرنسي والأميركي برئاسة الوسيط عاموس هوكشتاين، ورغم تأكيد لبنان الرسمي التزامه القرارات الدولية على رأسها القرار 1701 (الذي أوقف عدوان 2006)، ورفضه الحرب، بيد أن تمسك حزب الله بربط الجبهتين حال دون ذلك، مع إصرار إسرائيلي على مواصلة العدوان على لبنان وعرقلة الحلول الدبلوماسية.


مصدر نيابي في حزب الله: العدو كان سيأتي إلى لبنان بمعزل عن قرار حزب الله فتح الجبهة

تدحرج المواجهات

وبقيت المواجهات حتى شهر سبتمبر/أيلول الماضي شبه مضبوطة أو محصورة بالقرى الجنوبية الحدودية، مع خروقاتٍ لجيش الاحتلال بقصفه مناطق بعيدة من الحدود وخارج قواعد الاشتباك (شمالي نهر الليطاني)، ولا سيما عند تنفيذه عمليات اغتيال لقادة وعناصر في حزب الله أو محور المقاومة سواء من حركة حماس أو الجماعة الإسلامية وحركة أمل وغيرها، والتي كان يردّ عليها الحزب بتوسعة عملياته ضد الاحتلال، وتغيير نوعية الأسلحة التي يستخدمها والمواقع التي يستهدفها. مع العلم أن حزب الله حافظ على وتيرة استهدافه القواعد العسكرية الإسرائيلية، ومنها الواقعة شمالي حيفا وضواحي تل أبيب، لكنه لم يستهدف المدنيين الإسرائيليين، حرصاً منه على تفادي جرّه من قبل إسرائيل إلى حرب لا يريدها.

ودخلت المواجهات في الشهر الماضي بشكلٍ خاص، مرحلة الحرب الواسعة بعد أخطر حدثَيْن سُجِّلا في تاريخ الصراع بين حزب الله وإسرائيل. تمثل الحدث الأول بمجزرتي تفجير أجهزة الاتصال، "بيجر" و"ووكي توكي" اللتين نفذتهما إسرائيل في 17 و18 سبتمبر الماضي. أما الحدث الثاني فكان اغتيال إسرائيل الأمين العام للحزب حسن نصر الله، في 27 سبتمبر الماضي. وقبل أن تعلن إسرائيل مطلع شهر أكتوبر الحالي بدء غزوها البري، الذي واجَهه حزب الله، مما مكّنه من استعادة بعض من قوّة الميدان بعد الخسائر الأخيرة التي مُنيَ بها والخروقات التي طاولت صفوفه وانكشافه تقنياً ومخابراتياً.

أحداثٌ كثيرة يمكن التوقف عندها في سياق مراجعة "سنوية الحرب الأولى"، التي شاركت بها بوتيرة متفاوتة وخفيفة جماعات أخرى في محور المقاومة، لكن ما حدث في الشهر الأخير استحوذ على محطات المواجهات كلّها، إذ إنه في أيام معدودة استشهد أكثر من ألف شخص، وتخطى العدد ما سُجِّل في إجمالي عشرة أشهر. وسقط مسعفون، وممرضون، وأطفال، ونساء وعائلات وصحافيون وعسكريون في الجيش اللبناني، ونزح ما يزيد عن مليون ومئتي ألف مواطن، بعدما كانوا لا يتخطّون المائة ألف، وسُوّيت مبانٍ بالأرض، وبشكلٍ خاص في ضاحية بيروت الجنوبية ومحيطها والبقاع وبعلبك الهرمل والجنوب وجبل لبنان، وفقدت معالمها، وتحوّلت إلى مدن أشباح.

ومن الأحداث الكبرى التي يمكن التوقف عندها على الجبهة اللبنانية وغيّرت كثيراً في مسار المواجهات، إلى جانب اغتيال كبار قادة حزب الله في لبنان، اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس إسماعيل هنية في 31 يوليو/تموز الماضي في طهران، واستهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في سورية في الأول من إبريل/نيسان الماضي، وما تبعه من ردّ إيراني في 13 إبريل الماضي، ثم سقوط صاروخ على بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل في 27 يوليو الماضي، التي نفى حزب الله مسؤوليته عنها، وبفعلها انطلقت منها التهديدات الإسرائيلية بتوسعة الحرب على الأراضي اللبنانية.

قادة حزب الله الذين اغتالهم الاحتلال

وخسر حزب الله خلال هذه السنة هيكليته القيادية، لا سيما في شهر سبتمبر الماضي، خصوصاً من "قوة الرضوان" (نخبة الحزب) التي اشترطت إسرائيل إبعادها ثمانية كيلومترات على الأقل، عن الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، ضمن حلّ وقف إطلاق النار "دبلوماسياً"، فإلى جانب اغتيال نصر الله، استهدف الاحتلال كبار المسؤولين من المقاومة، أبرزهم، وسام الطويل، مسؤول وحدة التدريب المركزي في حزب الله، الذي استشهد بغارة على سيارته في خربة سلم، جنوبي لبنان، في الثامن من يناير/كانون الثاني الماضي، وطالب سامي عبدالله، الذي قاد خلال معركة طوفان الأقصى، العمليات العسكرية ضد مواقع ومنشآت وتموضع العدو الإسرائيلي في الجزء الشرقي من الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، وصولاً إلى الجولان السوري المحتل، وذلك في بلدة جويا في 11 يونيو/حزيران الماضي. كذلك، اغتال الاحتلال محمد نعمة ناصر، الذي خطط وقاد وأشرف على العديد من العمليات العسكرية ضد مواقع ومنشآت وقواعد ونقاط انتشار الاحتلال في شمال فلسطين المحتلة، خلال عمليات طوفان الأقصى، وذلك بغارة على منطقة الحوش ـ صور في الجنوب، في 3 يوليو/تموز الماضي.


عادل مشموشي: للعدو قدرات قد يستغلها للقيام بعمليات إنزال خلف خطوط الجبهة اللبنانية ما يشكل ارتباكاً للمقاومة

واستهدف الاحتلال أيضاً فؤاد شكر، الذي قاد العمليات العسكرية على الجبهة اللبنانية منذ بداية معركة طوفان الأقصى، بغارة على حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت في 30 يوليو الماضي، وأحمد محمود وهبي، وقد تولى مسؤولية وحدة التدريب المركزي بعد اغتيال وسام الطويل، واستهدف في غارة على الضاحية في 20 سبتمبر الماضي، إلى جانب إبراهيم عقيل الذي خطط وأشرف على قيادة العمليات العسكرية لـ"قوة الرضوان" على الجبهة اللبنانية بغارة إسرائيلية على الضاحية في 20 سبتمبر الماضي.

ومن القادة أيضاً الذي تمكنت إسرائيل من تصفيتهم، إبراهيم محمد قبيسي، الذي قاد عدداً من التشكيلات الصاروخية في حزب الله، واستهدف في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية بتاريخ 24 سبتمبر الماضي، ومحمد حسين سرور، وهو من قاد العمليات العسكرية للقوة الجوية على الجبهة اللبنانية منذ بداية معركة طوفان الأقصى وحتى تاريخ اغتياله في الضاحية الجنوبية لبيروت في 26 سبتمبر الماضي. كذلك، استهدف الاحتلال علي كركي الذي خطط وأشرف على قيادة العمليات العسكرية لمقر سيد الشهداء على الجبهة اللبنانية واغتيل إلى جانب نصر الله في 27 سبتمبر الماضي. كما اغتيل نبيل قاووق، عضو المجلس المركزي في حزب الله، في غارة إسرائيلية على حارة حريك في الضاحية في 28 سبتمبر الماضي، ولا يزال مصير رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين مجهولاً، بعد إعلان إسرائيل استهدافه ليل 2-3 أكتوبر الحالي في الضاحية، مع الإشارة إلى أن أولى الغارات التي استهدفت معقل حزب الله في الضاحية طاولت في 2 يناير الماضي عضو المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري.

مواقع وقواعد عسكرية استهدفها حزب الله

في المقابل، قصف حزب الله العديد من المواقع والقواعد الإسرائيلية أكثرها أهمية وعمقاً تلك التي كان يستهدفها بصواريخ متطورة موجّهة، ودقيقة مختلفة عن تلك التي أدخلها المعركة مع انطلاقتها، وذلك رداً على اغتيال كبار قادته أو مسؤولين في حماس أو محور المقاومة أو المدنيين والمستشفيات، وأبرزها قاعدة ميرون، التي تقع على بعد حوالي ثمانية كيلومترات من الحدود اللبنانية، وهي مختصّة في المراقبة الجوية. كما استهدف الحزب قاعدة عين زيتيم، الواقعة في الشمال الفلسطيني المحتل، على حدود صفد، وتضم مقر قيادة الفيلق الشمالي. واستهدف الحزب ثكنة راموت نفتالي، الواقعة في الشمال الفلسطيني المحتل، وقاعدة يردن وسط مرتفعات الجولان المحتل، التي تضم مقر قيادة الجمع الحربي لفرقة هبشان 210، إضافة إلى قاعدة تسنوبار في الجولان أيضاً. كذلك، استهدف الحزب قاعدة إيلانيا، الواقعة غربي مدينة طبريا، وتضم باحة لإطلاق وهبوط المنطاد التجسّسي "سكاي ديو"، فضلاً عن ثكنتي كيلع ويوآف وقاعدة نفح اللواتي تقع في الجولان السوري المحتل، إلى جانب قاعدة غليلوت التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية 8200 ومقر الموساد والواقعة في ضواحي تل أبيب، والكريوت (وزارة الأمن) الواقعة شمالي حيفا، إضافة إلى قاعدة ناشر شرقي حيفا، وقيادة لواء غولاني ومقرّ وحدة إيغوز 621 في ثكنة شراغا شمالي عكا المحتلة.

كما استهدف حزب الله شركة ألتا للصناعات العسكرية التابعة للصناعات الجوية والفضائية الإسرائيلية، وهي إحدى الشركات الرائدة في العالم في مجال الأنظمة الإلكترونية العسكرية والرادارات، والشركة عاملة أيضاً في مجال تطوير وتصنيع وإنتاج في عدة مجالات الطيران والبر والبحر، وأنظمة الفضاء والأنظمة الدفاعية والعسكرية والمنتجات السيبرانية والإلكترونية، وهي أكبر شركة في إسرائيل في مجال صناعة الطائرات والفضاء. واستخدم حزب الله في عملياته العديد من الصواريخ بعدما طوّر في السنين الماضية من ترسانته العسكرية التي تضم أكثر من 100 ألف صاروخ، بمختلف أنواعها وأحجامها، إلى جانب المسيّرات الانقضاضية، أبرزها، صواريخ فلق 1 و2، صاروخ ألماس المضاد للدروع، وفجر، وكاتيوشا، وفادي 1 و2 و3 و4، صواريخ أرض جو، "نور". وأكد الحزب مراراً امتلاكه الكثير من المفاجآت العسكرية التي لم يستخدمها بعد وقادرة على تجاوز منظومات القبة الحديدية، كما صوّر قواعد ومراكز ومرافق حساسة للإسرائيليين، بفعل مسيرات هدهد 1 و2.

عام على الجبهة اللبنانية

اعتبر مصدر نيابي في حزب الله في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن جبهة الإسناد، ورغم التضحيات والخسائر والضربات الكبرى التي مُنِيت بها المقاومة، قد حققت العديد من الأهداف، أبرزها استنزاف العدو وإشغاله عن عدوانه على قطاع غزة، وإعادة القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني إلى الواجهة خصوصاً في ظل التقاعس الدولي والعربي الكبير. وأشار إلى أن "العدو كان سيأتي إلى لبنان بمعزل عن قرار حزب الله فتح الجبهة اللبنانية وكان سيهدد لبنان فيما لو حقق نصراً سريعاً في غزة، وهنا أهمية الجبهة اللبنانية". وأضاف المصدر أن "صمود الشعب الفلسطيني ساعد كثيراً ويعد أكبر انتصار، وإسرائيل تتهاوى وستسقط وهي اليوم مأزومة رغم كل الأحداث الكثيرة التي ستقوي المقاومة ولن تردعها ولن تجعلها تتخلى عن الجبهة اللبنانية مع الإصرار على إبقائها مفتوحة حتى وقف العدوان على غزة".

من جهته، رأى الكاتب السياسي حسن الدّر في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن هذا العام كان عام الاختبار، إذ كان كل طرف يجسّ نبض الآخر، ويكتشف الآخر من ناحية الإمكانات والقدرات والخطط والجاهزية واستجابته للأحداث وتفاعله معها وطريقة الردّ وحجمه والخطوط الحمر لكلّ طرف. وقد نجحت إسرائيل في العام الحالي بالعمليات الدقيقة والاستخباراتية أي الاغتيالات وسجلت نقاطاً كبيرة جداً، في حين لم تكن استجابة الحزب لهذه العمليات بالمستوى المتوقع لأسباب غير مفهومة وغير معلومة إلى اليوم ولا يمكن الجزم أم التنبؤ بها.


حسن الدرّ: لم تكن استجابة الحزب للعمليات الاستخباراتية الإسرائيلية بالمستوى المتوقع 

وأضاف الدرّ "أثبت حزب الله أنه متمكّن ومتماسك عسكرياً في الميدان ولديه قدرة على إدارة جبهة مع عدو مثل الإسرائيلي الذي أطبق استخباراتياً في السماء وعلى الأرض، لكن ذلك لم يمنع المقاومة من أن تحافظ على وتيرة معينة من الاشتباك اختارتها، ورغم أنها دفعت الكثير من الشهداء وبينهم قادة، ولكن كله كان يعوَّض، والجسم كان يتم ترميمه مع التأكيد على استمرار المعركة. وهذا بحد ذاته له دلالات ومعان كبيرة تثبت أن حزب الله بالقوة التي يستحق أن تخافه إسرائيل وتخاف منه على وجودها". واعتبر الدرّ أن إسرائيل أثبتت أنها كانت تمتلك مفاجآت كبرى وقد أضرّت كثيراً بمعنويات الحزب، لكن لم تسقط رايته ولم تستطع أن تهزم المقاومة وتدفعها إلى الاستسلام.

كذلك، رأى الدّر أنّ الجدلية حول "ماذا لو لم يفتح الحزب الجبهة، وهل أخطأ بذلك" لن تنتهي، وما نسمعه من تصريحات الإسرائيليين أكد أن الحرب كانت بكل الأحوال قادمة، فهم يتحدثون عن تغيير الشرق الأوسط، والمسألة مسألة أهداف كبيرة تريد أميركا تحقيقها بأذرع إسرائيلية، وفي حين أنه لو لم يدخل الحزب بالحرب كان خسر أكثر من خسارة الشهداء، أي سمعته وسرديته وكل خطابه وثقة الناس به. واعتبر الدرّ أيضاً أنه لا يمكن معرفة متى ستنتهي الحرب، فهي طويلة، إلا إذا حصلت مفاجآت، والغزو البري يعتبر بمثابة الفقرة الأخيرة من الحرب، والكلمة ستبقى للميدان، وإذا تلقت إسرائيل خسائر كبيرة أكبر من قدرتها على التحمّل فهذا عامل قد يغيّر مسار الحرب، وكذلك في حال كبر الاشتباك بينها وإيران وتحول إلى اشتباك إقليمي. وتوقع أن تنتهي الحرب بطبيعة الحال بتسوية وشكلها حتماً سيفرضه الميدان، علماً أنه برأيي فإن الإسرائيلي لن يستطيع تحقيق أهدافه وسيخسر الحرب كما حصل عام 2006، رغم كل الجرائم التي يرتكبها وعمليات التدمير والتهجير التي تبقى برسم المجتمع الدولي.

سياسة الأرض المحروقة

في الإطار، قال العميد المتقاعد، الخبير العسكري عادل مشموشي لـ"العربي الجديد"، إنّ "إسرائيل تعتمد سياسة الأرض المحروقة أو الممسوحة باستهداف المباني سواء بالضاحية أو على امتداد الأراضي اللبنانية، وبالتالي هي تقوم بمسح لما تعتبره أهداف وكأن لديها قائمة عريضة بالأهداف". وأضاف "أنه على مستوى المقاومة حالياً، فإنّ عمليات القتال على الحدود البرية تحقق نتائج لافتة وصمودا أسطوريا، وذلك نتيجة البطولات والتضحيات للمقاومة على امتداد الجبهة اللبنانية لكن الأمر قد لا يطول كثيراً، لأن العدو بما له من قدرات مناورة ونوعية الأسلحة والتغطية البحرية والجوية قد يستغلها للقيام بعمليات إنزال خلف خطوط الجبهة اللبنانية ما يشكل ارتباكاً للمقاومة".

وأشار مشموشي إلى أن "حزب الله تمكن من امتصاص الانتكاستين بالخرق الاستخباري وعلى المستوى الاستخباري العملاني بوجود مخبرين، ما ظهر باغتيال عناصر وقادة في المقاومة، وخلاف ذلك نرى أنّ إسرائيل مسيطرة كلياً ولبنان أصبح ساحة شبه مستباحة أمام العدو وبالتحديد أمام سلاح النيران والبحرية الإسرائيلية. وعلى الرغم من الردود النوعية لحزب الله واعتماده سياسة ضبط النيران من جهة الوتيرة أو السقف، باستخدامه الأسلحة المتوسطة وقصيرة الأمد وباستهدافات نوعية محصورة على الثكنات والمراكز الإسرائيلية، لكن لا يمكن التوازي بالخسائر بين العدو ولبنان. من هنا فإن من المهم للبنانيين تغليب الحلول الدبلوماسية وإتاحة المجال لوضع حد لهذه الحرب الشعواء التي يشنها الكيان على لبنان والتي تعتبر غير متكافئة بكل الموازين".

ورأى مشموشي أن "النقطة السلبية الكبيرة لمعركة الإسناد، هي أنه بينما كان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو محبطاً، وهناك بوادر فشل بعدم قدرته على إنهاء مقاومي حركة حماس داخل الكيان، حقق في فتحه الجبهة اللبنانية نقاطاً لصالحه، مما أعطاه دفعا على المستوى الإسرائيلي وصوّر نفسه للإسرائيليين وكأنه زعيم صهيوني يتصدر كل الزعماء الذين عرفهم الكيان. كما جعلته الانتصارات التي حققها على مستوى الجبهة اللبنانية يشعر بنوع من الانتشاء خصوصاً أمام الإدارة الأميركية، وصوّر نفسه مدافعاً عن أميركا ويقوم باغتيال قادة استهدفوا المارينز والسفارة الأميركية في بيروت، وثأر بالتالي لأميركا بعد قرابة 4 عقود من الزمن. من هنا نرى أن المعركة لن تتوقف والآفاق غير محددة ولن تقف عند حدود لبنان بل ستمتد لدول أخرى، وتستهدف ما يسمى التنظيمات العاملة لصالح النظام الإيراني".

المساهمون