يستغلّ الفلسطينيان علاء الغول وفريد الدوش استقرار حركة الأمواج والطقس من أجل الغوص في رحلة جديدة، لاستكشاف ما أمكن من أعماق بحر قطاع غزة، وما يخفيه من أسماك أو صخور تحتوي على شعب مرجانية لا يطلع عليها الكثيرين.
ويُعتبر الغول والدوش من بين مجموعة من الهواة والشباب في غزة، الذين اتّجهوا خلال السنوات الأخيرة إلى ممارسة هواية الغوص، إلى جانب شريحة أخرى رأت فيه مهنة للصيد، باستخدام البندقية البحرية، في ظلّ عدم امتلاكهم قوارب صيد.
وتبدأ رحلة الفلسطينيين عادةً في ساعة مبكرة من الصباح، حيث يختاران النزول بعد شروق الشمس بوقتٍ قليل، فيما لا تقلّ الرحلة الواحدة عادةً عن ساعة يومياً في الشتاء وتزيد عن ذلك خلال فصلي الربيع والصيف.
ويصطحب الغول والدوش خلالها بنادقهما البحرية المخصّصة لصيد الأسماك، بالإضافة إلى كاميرا تصوير مائية يلتقطان خلالها أبرز تفاصيل الرحلة البحرية ويوثّقان عبرها عمليات صيد الأسماك، بالإضافة إلى المشاهد المميزة في قعر البحر.
واعتاد الغول خلال السنوات الأخيرة على توثيق أبرز رحلاته البحرية برفقة زميله الدوش، إذ يحتفظ بمجموعة كبيرة من مقاطع الفيديو التي عمل على التقاطها خلال جولاته البحرية المتكرّرة في أعماق بحر غزة، فيما يقوم بنشر بعضها على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعية، وأخرى يطرحها على المقرّبين منه لمشاهدة طبيعة الحياة البحرية.
ويمزج الاثنان بين الهواية والصيد من أجل بيع الكميات البسيطة من الأسماك التي يحصلون عليها من الغوص، بما يساعدهم في تعزيز احتياجات عوائلهم في ظلّ الأوضاع الصعبة والقاسية التي يعاني منها سكّان القطاع.
ويقول الغول لـ "العربي الجديد" إنّ هوايته بدأت قبل قرابة 15 عاماً، وكانت حينها مقتصرة على السباحة والرغبة في الصيد، قبل أن تتطوّر بوتيرة متسارعة لتجعل منه صياداً يمتلك قارباً وشباكاً، ليقرّر في الفترة الأخيرة التوجّه نحو الغوص.
وأدّت الملاحقات الإسرائيلية وصعوبة ممارسة مهنة الصيد بالغول إلى تعزيز مهارته في الغوص وامتلاك بدلة خاصة قديمة، بالإضافة إلى "بندقية البحر" بمبلغ مرتفع بعض الشيء نظراً للقيود المفروضة على دخولها وارتفاع ثمنها.
ويوضح أنّ ما يميّز هذه الهواية والمهنة هي اعتمادها بشكل أساسي على المهارة الشخصية في التعامل مع البحر والغوص لمسافات أعمق للوصول إلى الأسماك، مقارنة بالنمط التقليدي للصيد الذي يعتمد على القوارب والشباك.
ولا ينكر الغول أنّ جانباً من هذه الهواية بات مرتبطاً لدى من يتقنون الغوص بجمع الأسماك وبيع بعضها في الأسواق أو للتجّار من أجل المساهمة في تحسين دخلهم اليومي، في ظلّ تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
وخلال السنوات الأخيرة، نمت بشكلٍ واضح أعداد الهواة وحتى الصيادين الذين اتجهوا للغوص بعيداً، حيث يُلاحظ المتجوّل على شاطئ بحر غزة وجودهم، إمّا في ساعات الشروق الأولى أو فترة الظهيرة.
أما صديقه ورفيق الرحلات البحرية فريد الدوش، فيقول لـ "العربي الجديد" إنّ عامل الطقس يلعب دوراً بارزاً في مزاولة هذا النوع من الهوايات، إذ يحدّ فصل الشتاء من إمكانية نزولهم إلى البحر، مقارنة مع فترات الربيع والصيف.
ويوضح الدوش أنّ من بين الصعوبات التي تواجههم نقص المعدات وصعوبة الحصول عليها نظراً لارتفاع أسعارها في حال توفّرها داخل القطاع، ومنع الاحتلال إدخال الكثير منها، تحت ذرائع عدة، ما يدفعهم لتوفير معدّات بديلة وبسيطة.
ويشير الشاب الفلسطيني إلى أنّه يحبّ في ممارسة هواية الغوص التعرّف إلى تفاصيل الحياة البحرية ومعرفة الأنواع المختلفة من الأسماك وصيد أنواع أخرى، بعيداً عن هموم الحياة اليومية والضغوط المترتبة عليها.
ولا يفوّت الدوش فرصة للنزول إلى شاطئ البحر، إذ هو يقوم برحلات الغوص بمعدل 10 مرات في الفترة التي تشهد انخفاضاً في درجات الحرارة، وهي ترتفع في فترة الصيف والربيع، لتصبح شبه يومية.