الجيل الرابع من اللاجئين الفلسطينيين متمسّك بحق العودة

بيروت
صمود غزال
صمود غزال
صحافية فلسطينية لاجئة في لبنان. من فريق موقع العربي الجديد قسم السياسة.
15 مايو 2023
النكبة الفلسطينية... الجيل الرابع متمسك بحق العودة
+ الخط -

تمرّ الأعوام منذ النكبة الفلسطينية في عام 1948 من دون أن يحقق الفلسطينيون حلم العودة، وهو حقّ تتوارثه الأجيال. على مدى 75 عاماً، فارق مهجّرون ولاجئون الحياة في المنفى ومخيمات اللجوء، ويحرص الأحياء منهم على نقل ما عاشه أجدادهم خلال النكبة إلى الأجيال الجديدة، في محاولة للحفاظ على الحق، والتمسك بالهوية الفلسطينية.
تعيش غفران غزلان (11 سنة) في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين (جنوب بيروت)، وتقول لـ"العربي الجديد": "أنا فلسطينية من حيفا. هُجّرنا من حيفا لكننا سنعود إليها يوماً ما".

ولدت والدة جدتها، حسنية أحمد غزلان، في فلسطين عام 1936، وهي تُخبر الأحفاد دوماً عن بستان أبيها، وعن شجرتي التين والرمان اللتين لم تشهد مثلهما في حياتها. تقول إن بيتها كان مؤلفاً من ثلاث غرف، وكان قريباً من النبع، ولا تزال تتذكر تفاصيله، لكنها تفضّل عدم الحديث عن النكبة.
تضيف: "كانت شقيقتي متزوجة، وتسكن على مقربة من منزلنا، وكانت شبابيك الجيران تطل علينا. أتذكر التصوينة (حاجز من الحجارة) التي كانت تلف منزلنا، ونبع الماء. تخرج من الشارع العام، ثم تتوجه إلى اليسار فتجد منزلنا. والدي كان يزرع الرمان والتين والباذنجان والخس والزيتون".
يقول الفيلسوف الفرنسيّ موريس هالبفاكس، إن "الذكريات ليست تجربة متمركزة ومنحصرة داخل الفرد، بل تنشأ داخل منظومة اجتماعية تستند إلى تفاعل الفرد مع محيطه الاجتماعي، سواء الأسرة أو الأصدقاء أو المجتمع ككل، وتتم بالارتكاز على ذكريات الآخرين، وعلى الأطر الكبرى لذاكرة المجتمع".
قد يقودنا هذا التفسير إلى فهم الحالة الفلسطينية، والتمسك بإحياء ذكرى النكبة سنوياً في الداخل والشتات، من خلال تنظيم فعاليات يشارك فيها الكبار والصغار. لن ينتهي الأمر إلا بعد العودة، وإلى حين تحقق ذلك، ستستمر الفعاليات من جيل إلى جيل.  

لديها خمس بطاقات هوية (العربي الجديد)
لديها خمس بطاقات هوية (العربي الجديد)

تقول الطفلة مرام يوسف الصالح (10 سنوات) من مخيم برج البراجنة (جنوب بيروت): "نحن من بلدة كويكات قضاء عكا شمالي فلسطين. تحولنا إلى لاجئين في عام 1948. دخل اليهود إلى البيوت، وكانوا يطلقون النار على الناس ليخرجوا من بيوتهم فيهدموها".
وتقول جدتها عصرية حسين صالح: "كان منزلنا من الطين، وكنا نزرع القمح، والزيتون. نفرش الأرض قرب البيت، والأفضل بيننا هو من يدق الزيتون أكثر تمهيداً لكبسه". تخرج من حقيبتها القديمة 5 بطاقات هوية، وتوضح: "أنا من مواليد فلسطين، وحصلت على الهوية الأولى في عام 1973، والثانية في عام 1989، والثالثة عام 1999، والرابعة في عام 2005، والأخيرة عام 2022. كل بطاقات الهوية كتب فيها أنني فلسطينية. هل لدى أحد كل هذه البطاقات؟ قد أحمل الهوية السادسة في حال لم أمت".

يعرفن الكثير من القصص عن فلسطين (العربي الجديد)
يعرفن الكثير من القصص عن فلسطين (العربي الجديد)

تكسر الجدة عصرية الغصة بالغناء من التراث الفلسطيني: "جفرا ويا هالربع بين البساتين. مجروح جرح الهوى يا مين يداويني. هي يا حاملة الجرة ميّلي واسقيني. بلكن يطيب الجرح ع يد البنيّة". 
تضم الفعاليات الفلسطينية داخل مخيمات لبنان أطفالاً يشاركون في حلقات الدبكة الشعبية التراثية على أغنيات فلكلورية تذكر فلسطين ومدنها وتاريخها ومقاومتها. 
تحيي روضة "القسام" ذكرى النكبة في مخيم برج البراجنة من خلال معرض تراثي، وتشارك فيه النساء عبر إعداد الأطعمة الفلسطينية. تجلس طفلة ترتدي الزي التراثي لتُحيك بالإبرة والخيط خريطة فلسطين. لدى الاقتراب منها تقول: "أحيك خريطة بلادي". 

يرقصون الدبكة للتذكير بالهوية الفلسطينية (العربي الجديد)
يرقصون الدبكة للتذكير بالهوية الفلسطينية (العربي الجديد)

حين تسأل أطفال المخيمات عن موطنهم، يذكرون بتلقائية اسم القرية أو المدينة الفلسطينية التي يتحدر منها أجدادهم. يقول الطفل كريم عصام حسين (13 سنة): "نحن من قرية كويكات قضاء عكا. أخبرني جدي ما جرى خلال النكبة. بدأ القصف على القرية ليلاً، فخرج أهلها حفاة من منازلهم، وساروا في الجبال حتى وصلوا إلى لبنان".
وتقول الطفلة ريم النقوصي من مخيم مار الياس (غرب بيروت): "أنا فلسطينية من غزة، وستي حكيتلي كيف أخذت إسرائيل أرض فلسطين".

 

تشير أرقام الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن نحو 800 ﺃﻟﻑ ﻓﻠﺴﻁﻴﻨﻲ من أصل 1.4 مليون كانوا يقيمون في الأراضي التي احتلت عام 1948، وهجّروا ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻭﻗﻁﺎﻉ ﻏﺯﺓ ﻭﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ، فيما هُجر آلاف آخرون من بيوتهم، لكنهم بقوا في ﻨﻁﺎﻕ ﺍﻷﺭﺍﻀﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺨﻀﻌﺕ لاحقاً ﻟﺴﻴﻁﺭة الاحتلال.

حالياً، يتجاوز عدد الفلسطينيين 14 مليوناً داخل أراضي فلسطين التاريخية وخارجها، وأصبح الجيل الرابع للنكبة يعرف ما حصل قبل 75 عاماً عبر وسائل مختلفة، وهو متمسك بهوية أجداده، ويحفظ الرواية، ويتابع المسيرة والنضال حتى العودة إلى مدنه وقراه الأصلية.

ذات صلة

الصورة
مخيم طالبي من أجل غزة في جامعة ليستر 1 - بريطانيا - 15 مايو 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

في ذكرى النكبة السادسة والسبعين، أحيا الطلاب المعتصمون في جامعة ليستر البريطانية هذه المناسبة في الحرم الجامعي حيث يقيمون مخيّماً احتجاجياً نصرةً لغزة.
الصورة
حسن قصيني

سياسة

بلدة طيرة حيفا واحدة من القرى الفلسطينية التي هُجر أهلها في النكبة عام 1948. حسن قصيني أحد أبناء البلدة يروي لـ"العربي الجديد" أحداث التهجير.
الصورة
ذكرى النكبة حاضرة في فعاليات نصرة الأسرى الفلسطينيين (العربي الجديد)

سياسة

لم تغب معاناة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي في مناسبة ذكرى النكبة الفلسطينية الـ76،
التي تحل اليوم الثلاثاء في ظل الحرب على غزة.
الصورة
أبناء قبائل في مصر يطالبون بالعودة إلى قراهم في شمال سيناء (فيسبوك)

مجتمع

أعلنت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، أن محكمة عسكرية مصرية، قررت تجديد حبس 11 من أبناء سيناء، على خلفية القضية المعروفة إعلاميًا بـ"تظاهرات حق العودة".
المساهمون