أوميكرون لا يمنع الليبيين من "السفر العلاجي"

01 مارس 2022
لا علاجات لأمراض عدة في ليبيا (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

لم تمنع مخاطر تفشي متحوّر "أوميكرون" من وباء كورونا في العالم سفر الليبيين إلى الخارج لتلقي العلاج والرعاية الطبية اللازمة أو للبحث عن أدوية، وتحديداً إلى تونس ومصر وتركيا التي تعد أكثر الدول التي يقصدها الليبيون.
وفيما يكتفي المركز الوطني الحكومي لمكافحة الأمراض بمطالبة المسافرين إلى الدول الثلاث بأخذ الحيطة والحذر الشديدين، كونها بين الدول التي تشهد ارتفاعاً كبيراً في مؤشرات الإصابة بالوباء، تستمر الطوابير الطويلة للمسافرين براً أمام الحواجز الحدودية مع تونس ومصر.
ويروي إدريس قنيش الذي عاد مؤخراً إلى مدينة طبرق بعدما قام برحلة علاج إلى مدينة الإسكندرية المصرية، لـ"العربي الجديد" أنّه "حتى أماكن إقامة الليبيين في الخارج أصبحت معروفة، إذ تكون عادة قرب مصحات خاصة. وواضح أن الانهيار الذي يعيشه قطاع الصحة في ليبيا دفع المواطنين إلى البحث عن الرعاية الصحية الضرورية في الخارج، رغم مخاطر تفشي وباء كورونا". وفيما يؤكد قنيش أنّه يأخذ كلّ الاحتياطات الخاصة بتجنب فيروس كورونا في الخارج على صعيد عدم الاختلاط والانضمام إلى تجمعات، يستدرك بأن "لا مفر من تفادي ازدحام المصحات الخاصة في الخارج، ما يعني أن الشخص قد يذهب لمعالجة مرض ثم يعود مصاباً بفيروس كورونا".

بدوره، يقول عبد الكريم البوسيفي الذي اضطر إلى السفر مرتين خلال شهرين الى تونس، لـ"العربي الجديد": "غالبية المسافرين ينشدون تلقي العلاج أو شراء أدوية، وهم لا يملكون خيارات أخرى فالأمراض المستعصية لا تعالجها المصحات الخاصة والمراكز الصحية العامة في البلاد". ويتحدث عن مشاهداته الميدانية خلال السفر بأن غالبية الليبيين الذين يسافرون إلى الخارج لا يقضون وقتهم في السياحة، وقد رأيت كُثراً يتحلقون في مراكز عيادات خاصة في تونس، ثم يعودون أدراجهم فور انتهاء العلاج". وبينما تشترط الدول على المسافرين الذين يدخلون أراضيها الحصول على شهادات طبية تفيد بأنهم لا يحملون فيروس كورونا، فإنّ البوسيفي يؤكد أنّ هذه الشهادات "أصبحت تباع بثمن رخيص بسبب التعقيدات التي يواجهها المواطن في الحصول عليها، وأيضاً بسبب برتوكولات حكومات الدول التي تشترط الحصول على شهادة الوضع الصحي الخاص بالفيروس قبل 72 ساعة من دخولها. ويبرر البوسيفي شراءه شهادة فحص سالب بفيروس كورونا بأنه يحتاج إلى يومين لانتظار صدور نتيجة الفحص، ثم إلى يوم ثالث للانتهاء من الازدحام أمام بوابة الحدود مع تونس، "لذا أعتبر أن شراء الشهادة في يوم سفري أسهل، خصوصاً أنني أريد أساساً شراء دواء من أول مدينة داخل الأراضي التونسية، وقد أعود إلى ليبيا في اليوم ذاته".

نقص حاد في الأدوية (محمود تركية/ فرانس برس)
نقص حاد في الأدوية (محمود تركية/ فرانس برس)

في المقابل، تحرص نصيب كريوة، على الحصول على شهادة قانونية رغم أنّها مضطرة إلى السفر كل شهر مع زوجها الذي يعاني من فشل كلوي، ويخضع لجلسات غسل. وتقول لـ"العربي الجديد": "بسبب النقص الحاد في تجهيزات مراكز غسل الكلى، أنقل زوجي برفقة أخي إلى أقرب مدينة في تونس بعد الحدود تضم مركزاً لغسل الكلى، وأنا حريصة على التقيد بالإجراءات الاحترازية أثناء سفري".
وتسيّر شركات الطيران الليبية أربع رحلات إلى تونس ومصر يومياً وثلاثاً إلى تركيا. ويقول خالد الشلماني لـ "العربي الجديد" إن "الرحلات الكثيفة إلى مصر وتونس لا تحصل للسياحة، خصوصاً أن فصل الشتاء الحالي لا يناسب هذا الأمر"، والغرض الأساسي لغالبية المسافرين بالتالي هو العلاج، باستثناء أولئك الذين يقصدون تركيا، وبينهم تجار وموردون، باعتبار أن هذا البلد يشكل أكبر المنافذ التجارية لليبيا". ويشير الشلماني الذي يسافر كثيراً إلى تركيا بهدف التجارة، إلى أن سلطتي الدولتين متساهلتان جداً في الحصول على شهادة عدم حمل الفيروس. ويوضح لـ"العربي الجديد" أن "غالبية الدول تشترط حيازة الليبيين شهادات فحص سالب من مختبرات حكومية، باستثناء تركيا التي تسمح بالحصول عليها من مختبرات خاصة قد لا تجري الفحص أصلاً". وقرر الشلماني تقليل رحلاته إلى الخارج بسبب مخاوفه من انتشار متحوّر "أوميكرون" الجديد من فيروس كورونا، لكنه يلفت إلى أنّ الإقبال على السفر إلى الخارج لتلقي العلاج ما زال كبيراً.

كوفيد-19
التحديثات الحية

أما الطبيب رمزي أبو ستة الذي يعمل في مركز للعزل الصحي من فيروس كورونا في العاصمة طرابلس، فيبدي قلقه من أن يكون التساهل في السفر والحصول على شهادات مزورة تفيد بعدم حمل الفيروس، بين أسباب ارتفاع مؤشرات الإصابة بالوباء في ليبيا. ويقول لـ"العربي الجديد": "الأسباب التي تجبر الليبيين على السفر واضحة ويسهل توفير حلولها من خلال تأمين السلطات الرعاية الطبية الضرورية لهم. ومن المهم أيضاً محاربة ظاهرة الأدوية المغشوشة التي تضطر المواطنين إلى السفر لجلبها من دول الجوار". ويرى أبو ستة أن تسهيل سفر أصحاب الأمراض المزمنة أمر ضروري، في حين يجب التشدد في فرض أخذ الاحتياطات عند السفر والعودة منه من أجل خفض المخاوف من تحوّل بوابات السفر إلى بؤر لنشر الوباء".

المساهمون