أزواج السويد يختارون عدم الإنجاب خشية المستقبل

أزواج السويد يختارون عدم الإنجاب خشية المستقبل

28 ابريل 2023
يفضل كثير من شبان السويد عدم الإنجاب (Getty)
+ الخط -

تظهر دراسات ديمغرافية سويدية حديثة تراجع أعداد الولادات في البلد الإسكندنافي الذي يبلغ عدد سكانه نحو 10 ملايين نسمة، وأن المزيد من الأزواج الشباب يختارون عدم الإنجاب.
يقول أستاذ الديمغرافيا في جامعة استوكهولم، غونار أندرسون: "يمكن أن يؤدي هذا على المدى الطويل إلى توزيع منحرف للفئات العمرية"، مضيفاً لصحيفة "داغنسنيهتر"، أن "غياب اليقين في المجتمع ربطاً بما يجري حول العالم، يجعل الخوف من المستقبل أحد أسباب الامتناع عن الإنجاب".
ويتزامن اختيار مزيد من السويديين عدم إنجاب أطفال مع تراجع نسبة الخصوبة. فوفقاً لأرقام نُشرت في فبراير/ شباط الماضي، تبيّن أنّ التراجع في أعداد الأطفال المولودين في عام 2022 هو الأكبر خلال الـ17 سنة الماضية، وذلك على الرغم من أن النظام الاجتماعي السويدي يمنح الأم إجازة أمومة، ويقدم منحاً مالية دورية إلى الأسر التي لديها أطفال، بل تعطي أنظمة العمل في إسكندنافيا الآباء حق الإجازة خلال الأسابيع الأولى من ولادة زوجته.
وينظر متخصصون في أهمية زيادة المواليد من أجل مستقبل المجتمع، مشيرين إلى أن معدلات الخصوبة تتراجع بشكل ثابت منذ عام 2010، وانخفضت الولادات من أكثر من 115 ألف ولادة إلى نحو 110 آلاف في العام الماضي، مع توقعات باستمرار الانخفاض مستقبلاً.
ويعتمد الباحثون لقياس معدلات الخصوبة على عدد الأطفال المتوقع أن تنجبهم كل امرأة خلال فترة الخصوبة، ومن الواضح أن عدم الإنجاب الاختياري هو ما يقلقهم، إذ إن تراجع الخصوبة لأسباب طبية ليس هو السبب الرئيس في اختيار مجموعات شبابية عدم تكوين أسرة، وبالتالي يساهم هؤلاء في تراجع أعداد المواليد الجدد.

ولم يعد الأمر محصوراً في المدن الكبرى، كالعاصمة استوكهولم وأوبسالا ومالمو وغوتيبورغ، بل باتت الظاهرة منتشرة في الأرياف، ويرى باحثون أن الظاهرة ليست حكراً على السويد، بل هي أوروبية، كذلك فإنها ليست محصورة بمجموعات اجتماعية أو اقتصادية بعينها.
وإلى جانب خيار عدم الإنجاب، يلاحظ الباحثون عزوف فئات شبابية أكبر عن الارتباط الثابت بشركاء حياة، وأن المزيد منهم يختارون حياة العزوبة. وانكبّ الباحثون الديمغرافيون في السويد لسنوات على فحص خيار عدم الإنجاب أطفال، واكتشفوا أن مبررات اقتصادية ساهمت في ذلك، وأن نقاش عدم اليقين حول المستقبل على مستوى العالم يضاف إلى الأسباب، فضلاً عن شيوع حالات التدخل الطبي لإنهاء أية فرصة للإنجاب.
وإضافة إلى شيخوخة المجتمع مستقبلاً بسبب انحدار نسب الإنجاب إلى 1.4 طفل لكل سيدة (تحتاج المجتمعات للبقاء إلى 2.4 طفل لكل امرأة)، يبرز القلق الأكبر من زيادة متوسط العمر المتوقع، وما له من تأثيرات اقتصادية، وضغوط على نظام رعاية كبار السن، ونظام المعاشات التقاعدية.

الأوضاع المعيشية تفاقم رغبة عدم الإنجاب (Getty)
الأوضاع المعيشية تفاقم رغبة عدم الإنجاب (Getty)

ويرفض العازفون عن الإنجاب تحميلهم مسؤولية "شيخوخة المجتمع"، الذي يؤدي إلى نقص في اليد العاملة، بمن في ذلك المسؤولون عن رعايتهم حين يكبرون، ويلجأ البعض إلى تدخل طبي ينهي فرصة الإنجاب مستقبلاً، ما يؤدي إلى تدهور العلاقات بين الشباب ووالديهم الذين يتوقون إلى أن يصبح لديهم أحفاد.                                      ويؤكد خبراء نفسيون أن تلك الفئات تواجه تعليقات سلبية تصل إلى حد اتهامهم بالأنانية. شاركت الباحثة في علم النفس بجامعة غوتنبرغ، مالين إكيلوند، في دراسة سابقة عن نظرة المجتمع إلى الفئات غير المنجبة، وتقول إن "النظرة النمطية تعتبر أن هؤلاء سيندمون على ذلك، إذ يعتقد كثيرون أن من يرفضون الإنجاب يصابون بالوحدة والاكتئاب في شيخوختهم، في حين أن من لديهم أطفال يعيشون حياة أفضل".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وأظهر استطلاع أجرته هيئة الإحصاء السويدية في 2019، بعنوان "الأسعد هم من يعيشون دون أطفال"، أن 38 في المائة من إجمالي سكان السويد في المرحلة العمرية بين 20 إلى 65 سنة راضون جداً عن حياتهم، وأن الأكثر رضىً كانوا من يعيشون معاً دون أطفال، الذين بلغت نسبتهم 52 في المائة، في مقابل رضى 42 في المائة من المتزوجين الذين لديهم أطفال، وكشف الاستطلاع أيضاً أن 59 في المائة ممن يعيشون دون أطفال راضون جداً عن مواردهم المالية.

المساهمون