وتشير تسريبات الأروقة السياسية التركية إلى أن داود أوغلو وباباجان يسابقان الوقت لإعلان حزبيهما قبل نهاية العام الحالي، على أن يكون البادئ داود أوغلو الذي أنهى الاستعدادات، في 16 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، فيما يستكمل باباجان التحضيرات لإعلان التشكيل قبل نهاية الشهر، وسبق أن أكد في لقاء متلفز أنه سيعلن تأسيس حزبه قبل نهاية العام. ويسارع كل طرف لاستقطاب أعضاء سابقين من "العدالة والتنمية" تركوا عضوية الحزب، وتشير الأرقام الرسمية إلى أن الحزب الحاكم فَقَد في عام واحد أكثر من خمسين ألف عضو، من إجمالي أكثر من 9 ملايين هم أعضاء الحزب في مختلف الولايات التركية.
ويركز داود أوغلو على هويته الأكاديمية لاستقطاب كبار المثقفين إلى حزبه من "العدالة والتنمية"، وليضمّ إلى صفوفه أسماء معروفة من الاتجاهات القومية الأخرى، مستهدفاً الطبقتين المحافظة والقومية الليبرالية، فضلاً عن مساعيه لاستقطاب أعضاء سابقين في حزب "الشعب الجمهوري" العلماني الكمالي، وحزب "الشعوب الديمقراطي" الكردي، في رسالة بشمولية الحزب، ليطرح نفسه على أنه الأمل لمن لم يجد لنفسه مكاناً ويعاني من الأوضاع السياسية والاقتصادية ويصارع في مشاكله بتحديد الهوية. وتشير المعلومات المتوافرة إلى أن برنامج حزب داود أوغلو جاهز، ويتضمن بيان التأسيس 100 شخصية بارزة مفاجئة.
مقابل ذلك، يعمل باباجان بسرية أكبر وفي دوائر مغلقة، وإزاء اندفاع داود أوغلو قد يعمد إلى تأخير موعد الإعلان عن حزبه إلى الشهر المقبل، لتخوّفه من تركيز الرأي العام على تأسيس حزب داود أوغلو وما يتبع ذلك من نقاشات قد تؤدي إلى القضاء على وهج حزب باباجان، فضلاً عن أن حزب الأخير في مراحله الأخيرة بكتابة برنامجه، بعد أن استُعرضت مسودات برنامج عديدة من مختلف الشرائح المجتمعية، والتركيز هو على وضع اجتماعي جديد وهوية خاصة في الاعتماد على خبرات سياسية سابقة في "العدالة والتنمية" والأحزاب السابقة المندثرة، فضلاً عن الدعم الغربي، ودعم الرئيس السابق عبد الله غل.
وبشكل عام، فإن الحزبين الجديدين يسعيان قدر الإمكان لتحصيل خبرات سياسية توقفت عن العمل في السابق أو استُبعدت، وهو صراع محموم ستكون له تأثيرات مستقبلية على خريطة التحالفات السياسية المختلفة، وقد تظهر خريطة جديدة. ومن أجل ذلك، ارتفعت حدة السجال الداخلي، خصوصاً مع طرح موضوع عدم شرعية الأرض التي أنشئت عليها جامعة إسطنبول شهير الخاصة، التي شارك داود أوغلو بتأسيسها، وكان خلال ذلك داخل الحكومة التركية، فاتُّهم بالفساد، ليرد داعياً البرلمان التركي إلى تشكيل لجنة للتحقيق في مواضيع فساد، واستعادة الأموال إلى خزينة الدولة وتوزيعها على الأيتام والمحتاجين والعاطلين من العمل.
القصة بدأت بقضية عالقة بين الجامعة التي يُعتبر داود أوغلو من مؤسسيها ومصرف "خلق بنك"، إذ حجز الأخير على الأرض بسبب قروض سحبتها الجامعة، ومع محاولات نقل الملكية جرى اتخاذ تدابير الحجز على أموال للجامعة من قبل المصرف، خصوصاً أن قيمة الأرض كبيرة جداً، وهذا الأمر جعل من أردوغان يصرّح السبت بأن داود أوغلو "عندما أصبح رئيساً للوزراء حوّل الأرض لملكية الجامعة، وليس في تركيا جامعة بهذا الشكل، ويسعون بذلك للاحتيال على مصرف خلق بنك، ويتضمن ذلك القرار الحكومي توقيع باباجان أيضاً".
وردّ رئيس الوزراء السابق ببيان في اليوم نفسه جاء فيه أن "تجميد أموال الجامعة يضر بـ7 آلاف طالب بسبب حقد الرئيس وغضبه، والشعب يعرف كيفية تسخير المصادر في الدولة من أجل تشكيل ثروات مالية في البلاد، فالجامعة لا يمكن استخدامها لغير أغراض التعليم، وهو لا يعني التملك". ودعا إلى "تشكيل لجنة للنظر في أموال كل الرؤساء والوزراء ورؤساء الوزراء الذين لا يزالون على قيد الحياة، وكبار الموظفين وأقربائهم من الدرجة الأولى والثانية، والتنقلات في الأموال في البرلمان، ومصادرة تلك الأموال وإعادتها إلى خزينة الدولة وتوزيعها على المحتاجين".