ويسعى الرزاز، قبل انعقاد الدورة العادية الرابعة لمجلس الأمة الأردني، والتي تبدأ في العاشر من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، إلى رأب الصدع بين وزراء الحكومة الحاليين، وذلك للخروج بفريق متجانس يواجه مجلسا نيابيا سيناكف الحكومة بأكبر قدر ممكن من أجل تسجيل النقاط الانتخابية، ورسم صورة إيجابية أمام المواطنين، خصوصاً أنّ هذه الدورة هي الأخيرة لأعضاء المجلس قبل الانتخابات البرلمانية في خريف العام المقبل.
وقال مصدر حكومي لـ"العربي الجديد"، إنه من المرجح أن يشمل التغيير وزارات التربية والتعليم والتعليم العالي، والثقافة والشباب، والبيئة والزراعة، وهي وزارت تم دمجها في تعديل سابق. كما أنه من المرجح أن يشمل وزارة المالية وربما الداخلية، فيما استبعد المصدر خروج نائب رئيس الوزراء رجائي المعشر، إذ يعتبر ركيزة أساسية يصعب الاستغناء عنها بسهولة.
ووصف المحلل السياسي جهاد المنسي، المختص في القضايا الحزبية والبرلمانية، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، التغيير المنتظر، بأنه "تعديل اللحظات الأخيرة على أمل الاستمرار"، مضيفاً "أياً كان نوعه، فالحكومة في الأشهر الأخيرة من عمرها، خصوصاً أنّ مجلس النواب في دورته العادية الأخيرة أيضاً، وهذا يعني أنّ ذهاب الحكومة بات قريباً جداً، ومرتبطا برحيل مجلس النواب".
وأضاف المنسي أنّ "التعديل مهما جاء بشخصيات على اختلافها وتنوعها، فلن يكون مثمراً، وأياً كانت أسماء الوزراء الجدد، فإنها لن تغيّر من واقع الحكومة وشعبيتها"، مشيراً إلى أنّ "المطلوب هو أن يكون هناك تبدل في النهج وإحداث تبدل جوهري في آلية تشكيل الحكومة وطريقة التفكير، والالتفات لحق المواطنين بحكومة شفافة قادرة على الإنجاز". غير أنّ المنسي توقّع أن "يأتي الرزاز بوزراء وأسماء لها ثقلها تستطيع أن تحدّ من المواجهة المتوقعة بين الحكومة ومجلس النواب في دورته الأخيرة".
من جهته، قال المحلل السياسي محمد الملكاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الحكومة تواجه غضباً من الشارع بشكل غير مسبوق، وقد زادت وتيرته منذ إضراب المعلمين في سبتمبر/أيلول الماضي، هذا بالإضافة إلى عدم قدرتها على التعامل مع الوضع الاقتصادي"، مشيراً إلى أنّ هذه المعطيات "لا يمكن إغفالها عند الحديث عن التعديل".
ورأى الملكاوي أنّ "التغيير المرتقب هو شكلي على حكومة ميتة سريرياً، تفتقد إلى الانسجام بين أعضائها"، معتبراً أنّ هذا الوضع "سيستمر لمدة عام كامل تقريباً بانتظار الانتخابات النيابية المقبلة". وأضاف أنّ "قيام الرزاز بخطوة التعديل، لا يحل المشكلة"، واصفاً الوضع السياسي في الأردن بـ"الصعب جداً". وأشار الملكاوي إلى أنّ "تشكيل حكومة جديدة سيجعلها في مواجهة مع مجلس النواب الذي سيستقوي عليها، خصوصاً أنه في دورته الأخيرة، وردود الفعل النيابية ستكون محاولة لتسجيل نقاط وبيانات ورسائل للناخبين".
وأشار الملكاوي إلى أنّ "التغيير المرتقب سيكون الرابع على حكومة الرزاز، وهو أيضاً المسمار الرابع بنعشها". وتابع "لا أعتقد أنّ التغيير سيكون له إيجابيات بقدر ما سيزيد من حنق الشارع على الحكومة، خصوصاً أن الحديث يتم عن تغييرات في وزارات غير سيادية، مثل الشباب والثقافة". ولفت إلى أنّ "الوزارات السيادية هي التي بحاجة إلى تعديل، وإلا فإنّ الوضع الاقتصادي سيزداد سوءاً. لذا فإنّ التغيير يجب أن يشمل أعضاء الفريق الحكومي كافة".
بدوره، قال النائب في البرلمان الأردني، نبيل غيشان، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "ليس المهم تغيير الأشخاص، بقدر تغيير النهج وأسلوب العمل، وهذا ما يطلبه الشارع والمواطنون"، لافتاً إلى أنّ "الحكم بشكل دقيق يكون بعد إجراء التعديل".
يشار إلى أنّ الرزاز أجرى خلال أقل من عام ثلاثة تغييرات وزارية كان آخرها في شهر مايو/أيار الماضي. وكان التغيير الأول قد أجري في 11 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، بتسلم تسعة وزراء جدد حقائبهم الوزارية، ودمج ست وزارات، فيما تم الثاني في 22 يناير/ كانون الثاني الماضي، في محاولات مستمرة لإعادة الثقة بالحكومة، إلا أنّ الثقة بحكومة الرزاز وشخصه في تراجع مستمر، وفق ما تبيّن استطلاعات الرأي، ولا سيما في ظلّ الأزمة الاقتصادية المزمنة التي تعاني منها البلاد.