هدم المنازل... نكبة أهالي قرية الولجة الفلسطينية تتواصل

08 سبتمبر 2018
منع الأهالي هدم 3 منازل أخرى في الولجة(وسام هشلمون/الأناضول)
+ الخط -

مرة أخرى تتجرع عائلة الشاب الفلسطيني خالد أبو خيارة، وشقيقه مراد، مرارة نكبة التهجير، بعدما هدمت جرافات الاحتلال الإسرائيلي منزلهما في حي عين جويزة في قرية الولجة، غربي مدينة بيت لحم، جنوب الضفة الغربية المحتلة، بذريعة عدم حصولهما على ترخيص بناء.

وبعد 70 سنة من تهجير الأهالي من قريتهم الولجة القديمة، يعيش أبو خيارة وشقيقه في خيمة صغيرة نصبت على أنقاض منزلهما الذي هدمته جرافات الاحتلال، الثلاثاء الماضي، لتعيد إلى أذهان أهالي القرية مشاهد النكبة والتهجير، وسرقة الأرض، وطرد أصحاب الأرض الذين سبق أن طردوا من منازلهم. حكاية أبو خيارة وشقيقه بدأت عند الساعة الثالثة والنصف من فجر الثلاثاء الماضي، إذ اقتحم عناصر طواقم بلدية القدس المحتلة، برفقة قوات كبيرة من جيش وشرطة الاحتلال، منزلهما المكون من شقتين بمساحة 200 متر، وطردوا العائلة التي لم تتمكن من إخراج سوى بعض الحاجيات والملابس، كون ضباط الاحتلال لم يسمحوا لأفرادها بأن يفرغوا المنزل من محتوياته.

"تحويشة العمر راحت"، يقول خالد أبو خيارة لـ"العربي الجديد"، فليس من السهل أن يبني الفلسطيني، الذي يعيش ظروفاً اقتصادية صعبة، منزلاً يأوي أفراد عائلته، فكل ما تمكن من ادخاره من المال ذهب تحت عجلات جرافات الاحتلال الإسرائيلي التي هدمت "تعب العمر"، بحسب وصفه، في لمحة بصر. الأكثر قهراً عند أبو خيارة، أن جزءاً كبيراً من تكاليف بناء المنزل كان قد استدانه من أصحاب المحال التجارية، وكذلك الأصدقاء، وأفراد العائلة، وهو الآن سيدفع أقساط أنقاض المنزل، ثمناً لبقائه في أرضه ورفضه الرحيل عنها، وعدم تركها للاحتلال الذي يريد أن يحولها إلى محمية ومتنزهات وحدائق قومية للمستوطنين الذي سرقوا الأرض منذ النكبة.
ويعيش أبو خيارة وأطفاله الخمسة الآن في خيمة صغيرة قرب المنزل المهدم، يتفقدون أحلامهم تحت أنقاضه، في الوقت الذي يحاولون فيه تدبر أمورهم ببعض الحاجيات البسيطة التي تمكنوا من الحصول عليها، بينما يصعب عليهم التأقلم في خيمة لا ماء ولا كهرباء فيها، وتفتقد لكل مقومات الحياة الأساسية.



ويصر أبو خيارة، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، على البقاء في أرضه، فالاحتلال الإسرائيلي يتذرع بأن حي عين جويزة، الذي هدم فيه المنزل، يتبع لبلدية القدس وأن سكانه الفلسطينيين غير شرعيين، لكن أصحاب الأرض متمسكون بها حتى لو هدمت الجرافات المنازل وعاشوا في الخيام. وتسلم الشقيقان من بلدية القدس بلاغاً يقضي بهدم المنزل في أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، وتمكنا عبر المحاكم من إيقاف أمر الهدم لمدة ستة أشهر، وفي المرة الثانية جاء الحكم بالهدم، وحينها طلب المحامي 13 ألف دولار لوقف الهدم من جديد، قبل أن يخفض المبلغ إلى 8200 دولار، تم دفعها بعدما استدان المبلغ، لكن بعد شهر من وقف الهدم صدر قرار جديد بالهدم. ويقول أبو خيارة إن محامي العائلة توجه إلى المحكمة العليا الإسرائيلية التي أمهلت القضية أسبوعين. وفي منتصف أغسطس/ آب الماضي انتهت المهلة وقدم المحامي استئنافاً جديداً رفضته المحكمة، وتمت عملية الهدم وتهجير العائلة. منزل أبو خيارة كان المنزل الأول الذي هدم، قبل أن تتوجه الجرافات لهدم ثلاثة منازل، لكنها لم تستطع هدمها بشكل كامل بعدما تصدى الأهالي للجرافات وقوات الاحتلال التي استخدمت القوة ضدهم. ونجح الناس بالتجمهر داخل المنازل الثلاثة، ما عرقل عمليات هدمها بشكل كامل، مع وقوع إصابات بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط والاختناق جراء استنشاقهم لقنابل الغاز المسيل للدموع، ووصلت حصيلتهم إلى 13 مصاباً، بحسب جمعية الهلال الأحمر الفلسطينية.

وثمة إجماع شعبي في قرية الولجة على مواجهة عمليات الهدم، بحسب نائب رئيس المجلس القروي، خضر الأعرج، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إن هناك أوامر هدم ووقف البناء بحق 45 منزلاً، لحين إصدار المخطط الهيكلي للقرية. وتتذرع بلدية القدس بأن حي عين جويزة الفلسطيني يتبع لسيادتها، وتحاول تهجير سكانه منه، لكنها في المحصلة تريد تنفيذ مخططات ومشاريع استيطانية ضخمة على أراضي الحي، وأراضي القرية المهجرة، وعدد من القرى الفلسطينية المحيطة، أهمها حدائق قومية وسلسلة فنادق ومتنزهات. وحتى اللحظة هدمت جرافات الاحتلال في القرية نحو 35 منزلاً بذريعة أنها لا تحمل تراخيص أو مبنية على أراض تتبع لدولة الاحتلال.