تقديرات إسرائيلية: الحرب على "داعش" لن تشهد تغييراً جوهرياً

18 ديسمبر 2015
لا شيء سيتغيّر من دون عمل بريّ (فرانس برس)
+ الخط -
في الوقت الذي يعمل فيه مجلس الأمن الدولي على تبنّي قرار جديد، وفق اقتراح أميركي روسي، يستهدف الموارد المالية لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، لا تتوقع تقديرات صادرة عن مركز "أبحاث الأمن القومي" تغييراً جذرياً في طبيعة وجوهر ونوع الحرب على التنظيم. ويُبرّر المركز ذلك، بأنه لم تتمّ مرافقة هذه الخطوات الدولية بأي تغيير أساسي، لجهة الانتقال من القصف الجوي إلى الحسم العسكري على الأرض، بحرب برية ميدانية.

ومع أن وزير الأمن الإسرائيلي موشيه يعالون، وشعبة الاستخبارات الإسرائيلية في جيش الاحتلال، سبق لها أن تحدثت عن تقديرات مشابهة، إلا أن التقرير الذي وضعه كل من السفير الإسرائيلي السابق لدى ألمانيا، شمعون شطاين، ورئيس قسم التخطيط السابق في الجيش الإسرائيلي، الجنرال احتياط شلومو بروم، ونُشر على موقع مركز "أبحاث الأمن القومي"، يضع اعتبارات عدة لبناء هذه التقديرات.

وفي صلب هذه التقديرات، مسألة المصالح الفردية والمشتركة للاعبين المحليين والإقليميين والدوليين في سورية، ومسألة السعي لإسقاط النظام السوري، باعتباره مسعى من شأنه أن يكون عاملاً يُعرقل الجهد الدولي المفترض للحرب على "داعش"، بفعل التضارب في أهداف اللاعبين الدوليين والإقليميين حول مسألة بقاء النظام.

ويرتبط هذا الموضوع بمدى وجود توافق دولي لترك موضوع النظام السوري جانباً في الوقت الحالي، لصالح توحيد الجهود ضد "داعش"، وأيضاً لتمكين تعاون دولي مع التحالف الذي تقوده روسيا، وإن كان هدف هذا التحالف، خلافاً لهدفه المعلن: "محاربة داعش"، يعمل بشكل أساسي لضرب المعارضة السورية، واستهدافها تحت ستار "محاربة داعش".

في هذا السياق، يشير شطاين وبروم إلى أن "السعودية التي تعتبر النظام السوري أحد أشدّ تحدياتها وأخطارها بفعل ارتباطه بإيران، فإنها حتى وإن تعاونت مع المبادرة الروسية، لن تبذل جهداً خاصاً، لانهماكها مع دول الخليج الأخرى بما يحدث في اليمن. والشيء نفسه، ينطبق من الجهة الأخرى على إيران، التي ترى أن مهمتها الأولى في المرحلة الحالية هي منع سقوط نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد، وهي تدفع مع روسيا، بكل جهودها في هذا الاتجاه، لتكريس سيطرة وبقاء النظام السوري في المناطق الخاضعة له ومنع فقدانه لهذه المناطق".

اقرأ أيضاً: مؤتمر القدس الدولي بجاكرتا يدعو لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين

وبحسب شطاين وبروم، فإن "الإخفاقات ومكامن الضعف والفشل، خصوصاً في المجال الاستخباري والتعاون الأوروبي لمواجهة الإرهاب، الذي كشفت عنه وعرّته اعتداءات باريس (13 نوفمبر/ تشرين الثاني)، دفعت فرنسا وقادة أوروبيين للسعي لتصحيح هذا الخلل على أرض القارة الأوروبية بالدرجة الأولى".

ويضيفان "لكن تناقض المصالح وتضادها أحياناً (كما في حالة الموقف من النظام السوري)، يجعل من فرص تحوّل الحرب ضد داعش إلى حرب فعلية، قادرة على حسم وكسر التنظيم، مرهونة بالقدرة على التوصّل إلى صيغة تتفوّق فيها الحرب على داعش لناحية أولوياتها، على الخلافات القائمة والفاصلة بين التحالف الدولي الغربي، الذي عمل لتشكيله الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وبين التحالف الذي أقامته روسيا مع كل من إيران وحزب الله للغاية نفسها من جهة ثانية".

ويرى الكاتبان أنه "لتحقيق تحوّل حقيقي في الحرب على داعش، يتعيّن أولاً أن يطرأ تغيير في خريطة المصالح المختلفة لمختلف اللاعبين (المحليين والإقليميين والدوليين) في سورية نفسها. وأن يرافق ذلك ويتمخض عنه استعداد مبدئي لتغيير أنماط الحرب على داعش، والانتقال من الهجوم الجوي الذي يتم حالياً بقوة محدودة، مقارنة بالمعارك التي دارت في أفغانستان والعراق، وأيضاً تلك التي دارت، وإن كانت مختلفة، في يوغوسلافيا السابقة مع دخول ومشاركة قوات كوماندوس، عبر تفعيل قوات برية حقيقية وكبيرة من الدول المجاورة ومن خارج المنطقة".

ويخلص الكاتبان بعد تحليل سلسلة المصالح الدولة والإقليمية للحرب في سورية، إلى اعتبار أن "الحرب على داعش لن تشهد تغييراً جوهرياً"، لأنهما يعتبران أن "التحالف الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي، واعتداءات باريس لا يشكّلان حدثاً مؤسساً لجهة تغيّر الموقف الدولي العام ولا الموقف الإقليمي أو حتى مصالح الأطراف المحلية، تدفع لجهة تغيير سلّم الأولويات. ولن يؤدي ذلك إلى إهمال الحرب ضد نظام الأسد، أو أن يتم توافق دولي وإقليمي على إرجاء موضوع بقاء النظام السوري، لصالح التفرغ كلياً للحرب على داعش، وخوض حرب فعلية توجب، كما في كل حرب، تغيير مفاهيم التدخل الخارجي، كما في حالة الولايات المتحدة، لناحية تراجع الإدارة الأميركية عن استراتيجيتها بعد الحرب على العراق والحرب في أفغانستان، لجهة العودة لتدخل بري وإرسال جنودها إلى ما وراء البحار، والانتقال من الحرب الجوية وعمليات القصف المحدودة إلى حرب شاملة ضد قواعد داعش في سورية والعراق". ويرصد الكاتبان في الطرف الأوروبي للمعادلة وجود فجوة كبيرة بين فيض الكلام والتصريحات الأوروبية، الداعية لضرورة محاربة التهديد الذي يُمثله "داعش" وبين الفعل على محك التطبيق، في الساحة الأوروبية الداخلية.

اقرأ أيضاً نخب إسرائيلية تحتفي بعنصرية ترامب: الوجه الحقيقي للاحتلال

المساهمون