- **ردود الفعل على محاولة اغتيال ترامب**: أثارت محاولة الاغتيال تساؤلات حول العنف السياسي، ودعا بايدن إلى التروي وإجراء تحقيق مستقل. ترامب أبدى أمله في حملة انتخابية أكثر تحضراً.
- **تداعيات الحادث على الحملات الانتخابية**: حملة بايدن أوقفت الهجمات اللفظية وركزت على المستقبل، بينما يسعى ترامب لتعزيز صورته. الحادثة زادت من انقسام البلاد وأثارت نظريات المؤامرة.
بعدما كان يفترض أن تكون فعالياته محدّدة مسبقاً، على أن يختتم بترشيح دونالد ترامب للرئاسة مجدداً، بدأ مؤتمر الحزب الجمهوري الأميركي، اليوم الاثنين، في مدينة ميلووكي بولاية ويسكونسن، وسط ضجة وتغطية إعلامية استثنائية، وبحدث غير اعتيادي، إذ حضر الرئيس الجمهوري السابق ومرشح الحزب، مؤتمر الجمهوريين بعد أقلّ من 48 ساعة فقط على محاولة اغتياله في ولاية بنسلفانيا السبت. وسيشهد المؤتمر الممتد حتى الخميس، تهافتاً لشخصيات جمهورية، لتقديم التزكية لترامب الذي بات بعد حادثة السبت، أكثر قرباً من كرسي الرئاسة من أي وقت مضى بحسب ما تقوله استطلاعات الرأي والجو السياسي العام في أميركا. وفيما تعالت الدعوات من كلا الحزبين إلى الوحدة، بعد محاولة الاغتيال، إلا أن ما جرى أعاد تسليط الضوء على ما يعتمل في الولايات المتحدة من انقسام عمودي، حيث يدخل العنف السياسي على خط أزمة متواصلة منذ وصول ترامب إلى الرئاسة في 2016، مع كل ما يعنيه خطّه السياسي والأيديولوجيا اليمينية المتطرفة التي يغذيها استمرار هيمنته على المشهد المحافظ. وأثارت حادثة بنسلفانيا التساؤلات مجدداً حول خطر العنف السياسي الآتي من الداخل، علماً أنها جاءت أيضاً في وقت يحتدم فيه الجدل لدى الديمقراطيين، حول مدى قدرة الرئيس جو بايدن على مواصلة ترشحه لولاية ثانية، بسبب كبر سنّه، وهي نقطة تصبّ أيضاً في مصلحة ترامب وفريقه.
مؤتمر الجمهوريين يبدأ أعماله
وبدأت اليوم فعاليات المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في ويسكونسن بحضور ترامب، حيث من المقرر أن يتوج المؤتمر بترشيحه مجدداً للرئاسة. وشهدت ميلووكي حالة تأهب أمني قصوى، رغم إعلان جهاز الخدمة السرّية أنه لم يدخل أي تعديلات على الإجراءات الأمنية الخاصة المقررة لتأمين المؤتمر. وكان ترامب غادر مساء السبت عقب محاولة الاغتيال في بنسلفانيا إلى منزله في ولاية نيوجيرسي، قبل أن يصل مساء الأحد إلى ويسكونسن لحضور مؤتمر الجمهوريين.
أوقفت حملة بايدن الهجمات اللفظية على الرئيس السابق
وكانت ترددت أنباء بعد محاولة الاغتيال عن التفكير في تأجيل مؤتمر الجمهوريين، غير أن حملة ترامب واللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، أعلنا استمراره في موعده "بينما نمضي قدماً في مؤتمرنا لترشيح ترامب ليكون الرئيس الـ47 للولايات المتحدة". وسيشهد المؤتمر أيضاً اختيار نائب ترامب، وتبني البرنامج الحزبي الذي يسلّط الضوء على مواقف الحزب في قضايا مهمة مثل الاقتصاد والهجرة والإجهاض، وسيشهد حضور أكثر من 50 ألف شخص، بما في ذلك 2429 مندوباً.
ويتحدث في مؤتمر الجمهوريين عدد كبير من الشخصيات البارزة من بينها رئيس مجلس النواب مايك جونسون، وحاكم فلوريدا رون ديسانتيس، ووزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو، والنائبة مارجوري تايلور غرين، وأفراد من عائلة ترامب، وغيرهم، فيما تقرر إضافة كلمة للسفيرة الأميركية السابقة نيكي هايلي التي ترشحت للرئاسة هذا العام، وخسرت في التمهيديات أمام ترامب، والتي لم تكن مدعوة لحضور المؤتمر قبل محاولة الاغتيال. وسيركز المؤتمر أعماله على شعار "لنجعل أميركا غنية مرة أخرى"، وعلى أجندة ترامب لزيادة إنتاج النفط والغاز، وخفض التضخم من خلال ترحيل المهاجرين غير النظاميين. وسيتوج اليوم الأخير، بخطاب ترامب يوم الخميس.
وفي مقابلة له مع صحيفة نيويورك بوست، قال ترامب، الأحد، إنه "كان يفترض أن أكون ميتاً"، مضيفاً من طائرته في طريقه إلى ميلووكي لحضور مؤتمر الجمهوريين: "لم يكن من المفترض أن أكون هنا، كان يفترض أن أكون ميتاً"، فيما كتبت الصحيفة أن ترامب روى "تجربة سريالية" وهو يضع ضمّادة بيضاء تغطي أذنه اليمنى. ومن ضمن ما قاله، هو أنه لو لم يمل رأسه قليلاً إلى اليمين لقراءة رسم بياني حول المهاجرين غير النظاميين أثناء إلقاء خطابه، لكان مات. وأضاف: "إنه أمر سريالي".
وعلّق ترامب على الصورة التي احتلت عناوين الأخبار السبت الماضي، حين بدا بعد إطلاق النار رافعاً قبضته فيما كان عناصر من جهاز الخدمة السرية يرافقونه. وأضاف: "يقول كثر إنها الصورة الأكثر تميزاً التي رأوها على الإطلاق. إنهم محقون وأنا لم أمت. عادة يجب أن تموتوا للحصول على صورة مميزة وشهيرة". وأشار إلى أنه أعاد كتابة الخطاب الذي أعده لإلقائه في مؤتمر الحزب، لافتاً إلى أنه كان أعد "خطاباً قاسياً جداً" عن "إدارة بايدن الرهيبة"، لكنه استبدله بعد محاولة الاغتيال، بخطاب يأمل أن "يوحد بلادنا". لكنه أبدى عدم يقينه إن "كان ذلك ممكناً"، فـ"الناس منقسمون جداً". ورأى رغم ذلك، أنه "من الممكن أن تكون الحملة بيني وبين بايدن من الآن فصاعداً أكثر تحضراً".
من جهته، أكد بايدن، الأحد، من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، ضرورة توحيد الأميركيين بعد محاولة الاغتيال. وبحسب بايدن، فإن إطلاق النار على ترامب "يدعونا جميعاً إلى التروي". وقال: "يجب علينا أن نتّحد بصفتنا أمة لإظهار ما نحن عليه"، مشيراً إلى أنه أجرى "محادثة قصيرة لكن جيدة" مع ترامب. وحول حيثيات الهجوم، دعا "الجميع إلى عدم إطلاق افتراضات بشأن دوافع المنفذ أو انتماءاته". كما لفت إلى أنه طلب إجراء "تحقيق مستقل" في ظروف الحادث. وإذ دعا بايدن إلى "خفض التوتر"، اعتبر أن الانتخابات الأميركية ستشكل "فترة اختبار"، مشدداً على أن السياسة يجب ألا تكون "ساحة للقتل". وأضاف: "يجب ألا نسمح أبداً بأن ننحدر إلى العنف. لقد حان الوقت للتهدئة".
ترامب: يمكن أن تكون الحملة بيني وبين بايدن أكثر تحضراً
ومع حادثة ترامب، كانت هذه هي المرة الثالثة التي يستخدم فيها بايدن المكتب البيضاوي للتعليق على قضايا ذات أهمية كبرى للأميركيين منذ توليه السلطة رسمياً في يناير/كانون الثاني 2021. وجاء ذلك، ليشكل إشارة رمزية مهمة، في الوقت الذي يتصدى فيه بايدن لمساعي بعض أعضاء حزبه الذين يطالبونه بالتنحي. ويحاول بايدن وفريقه رسم مسار جديد لحملته في أعقاب محاولة اغتيال ترامب الذي يريد بدوره استغلال الحادثة للظهور أكثر بمظهر الرئيس وليس المرشح. وألغت حملة بايدن الهجمات اللفظية على الرئيس السابق للتركيز بدلاً من ذلك على "المستقبل"، كما أوقفت الإعلانات التلفزيونية وتعليق الاتصالات السياسية الأخرى.
وقدّم مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي"، معلومات إضافية حول محاولة الاغتيال، موضحاً أن مطلق النار (الذي أطلق جهاز الخدمة السرية النار عليه وقتله) تحرّك وحده، وأن المحققين لم يُحدّدوا حتى الآن "توجهاً أيديولوجياً" لديه. وكان "إف بي آي" قد حدّد هوية المنفذ على أنه توماس ماثيو كروكس (20 عاماً) من بيثيل في بنسلفانيا. وأفادت وسائل إعلام أميركية بأن المسلّح كان يحمل متفجرات في سيارته التي كانت متوقفة قرب مكان انعقاد التجمع الانتخابي في بنسلفانيا. وبعدما أفاد شهود عيان بأنهم رأوا المسلّح قبل إطلاق النار وأبلغوا السلطات بالأمر، قالت شرطة باتلر إنها "استجابت لعدد من التقارير بشأن نشاط مشبوه". وقال عنصر الشرطة الفيدرالية في بنسلفانيا، ريفن روجيك: "تفيد المعلومات بأن السلاح الذي استُخدم هو بندقية نصف آلية طراز إيه آر 556 تم شراؤها قانونياً". من جهته، قال روبرت ولز، مساعد مدير قسم مكافحة الإرهاب في "إف بي آي": "نحن نحقّق في (الواقعة) باعتبارها محاولة اغتيال، لكننا نحقق فيها أيضاً باعتبارها عملاً إرهابياً داخلياً محتملاً".
ورأت صحيفة نيويورك تايمز، أن الحادث جاء في وقت تبدو فيه أميركا منقسمة، وتعيش عالمين منفصلين، معتبرة أن محاولة الاغتيال قد تزيد انقسام البلاد. وذكّرت أن قسماً كبيراً من الجمهوريين، ومن عائلة ترامب، وجّهوا أصابع الاتهام سريعاً بعد الحادثة إلى ما يسمونه "اليسار"، في إشارة إلى الديمقراطيين، وحذّرت من أن كل ما حصل سيغذي نظرية المؤامرة التي عمل ترامب طويلاً على تضخيمها وجعلها في الواجهة، وهو أن الدولة العميقة تريد قتله.