هل يكسر "الرئاسي" الجمود الليبي؟

05 يناير 2023
وجه المجلس الرئاسي دعوة للمشري وصالح لعقد لقاء (الأناضول)
+ الخط -

حمّل المجلس الرئاسي الليبي، الإثنين الماضي، مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة المسؤولية الوطنية من أجل توحيد جهودهما لتذليل الصعاب أمام التوافق الوطني لإنجاز الانتخابات التي طال أمد انتظارها، بعد أن وجّه لرئيسي المجلسين، عقيلة صالح وخالد المشري، دعوة للقاء في غدامس الأسبوع المقبل للحوار المباشر، من أجل تجاوز العقبات التي تقف أمام إنجاز إطار دستوري لإجراء الانتخابات.

وجاء موقف المجلس الرئاسي الجديد رداً على إعلان المجلس الأعلى للدولة، الإثنين الماضي، رفضه التجاوب مع دعوته للقاء في غدامس، فيما لا يزال مجلس النواب يلزم الصمت حيال هذه الدعوة، من دون أن يبيّن عن موقفه بالرفض أو القبول.

وبموازاة إعلان مجلس الدولة رفضه قبول دعوة الرئاسي، أُعلن عن إعادة التواصل مع مجلس النواب بعد أسابيع من إعلان تعليق الحوار بينهما على خلفية جدل كبير بخصوص إصدار مجلس النواب قانوناً لإنشاء محكمة دستورية. واعتُبرت إعادة التواصل كافية لمواصلة مشوار الحوارات بين المجلسين، سواء على صعيد الرئيسين، أو اللجان المشتركة بين المجلسين.

لكن العديد من المراقبين قللوا من شأن دعوة الرئاسي، واستندوا في ذلك إلى المكانة الضعيفة التي يعيشها المجلس الرئاسي في خضم مجريات العملية السياسية في الفترات السابقة، معللين تحركه في الآونة بأنه خطوة لمنع محاولات رئيسي المجلسين، صالح والمشري، التي تستهدف تغيير السلطة التنفيذية، باعتبار الرئاسي جزءا منها.

لكن ما لم يُقل في إطار تحليل خطوة المجلس الرئاسي، إن دعوته أدخلته كلاعب جديد في مشهد العملية السياسية، فقد أصبح طرفاً ثالثاً وكسر حلقة احتكار مجلسي النواب والدولة لقرار ومصير العملية السياسية.

وعكس كل التحليلات للمشهد الماضي التي كانت ترى أن ابتعاد المجلس الرئاسي عن حالة الصراع القائمة بين الأطراف جعله ضعيفاً وغير قادر على الفاعلية بدور مؤثر، يبدو أن حالة الابتعاد هذه جعلته الطرف السياسي الوحيد الذي يمكنه المبادرة باقتراح حلول سياسية على اعتبار حياديته، خصوصاً في نظر الأطراف الدولية والإقليمية التي يمتلك علاقات جيدة مع جميعها. كما أن الأمم المتحدة سارعت للترحيب بمبادرته التي أطلقها مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي، ودعا فيها أطراف الصراع إلى الحوار، وأكدت البعثة الأممية استعدادها لدعم هذه الخطوة.

لا شك أن إعلان المجلس الأعلى للدولة إعادة التواصل مع مجلس النواب لن تلقى ترحيباً، ولا حتى تفاؤلاً في أوساط الرأي العام المحلي والدولي، استناداً إلى نتائج كل التواصلات والحوارات السابقة التي باءت بالفشل، واستناداً إلى قناعة ترسخت في الأذهان مضمونها أن المجلسين، سيما رئيسيهما صالح والمشري، لا يسعيان إلا لتمديد بقائهما في السلطة، وبالتالي فإن أسهم المجلس الرئاسي ستتزايد، وقد ينجح في فرض نفسه كلاعب جديد في المشهد.

طيلة الفترات السابقة، كان المجلس الرئاسي يلمّح في تصريحات مسؤوليه إلى إمكانية إصداره مرسوماً رئاسياً يبيّن ملامح وشكل الإطار الدستوري للانتخابات. وفي كل مرة يستقبل قادة مجلسي النواب والدولة تلك التصريحات بالرفض، ما يعني أنهما كانا يتوجسان خيفة من دور محتمل للرئاسي قد يلقى تأييداً وقبولاً محلياً وخارجياً.

المساهمون