استمع إلى الملخص
- ترفض الفصائل الفلسطينية، بما فيها حماس، إبرام صفقات جزئية مع إسرائيل، معتبرةً أنها تلبي مطالب نتنياهو وتفقدها أوراق الضغط، وسط شكوك في قدرة إدارة بايدن على تحقيق تقدم.
- يتوقع الخبراء أن تكون الفترة حتى تنصيب ترامب استكشافية، مع استمرار الركود والمراقبة، مؤكدين الحاجة إلى ضغوط جدية لتحقيق تقدم في المفاوضات وإنهاء الحرب.
تعيش الساحة الفلسطينية حالة من الجمود في انتظار تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب منصبه في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل، بعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، مع ترقب الجميع العائد للبيت الأبيض من جديد لمعرفة الطريقة التي سيتعامل بها مع ملف الحرب الإسرائيلية المتواصلة للعام الثاني على التوالي. وكان من دلالات حالة الجمود في المفاوضات غير المباشرة التي تقودها قطر بالشراكة مع مصر إعلان وزارة الخارجية القطرية تجميد الاتصالات حول غزة بشكل مؤقت لحين إبداء الأطراف الجدية التامة لإبرام اتفاق يضع حداً لحرب الإبادة المتواصلة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. ويسيطر خوف على الأوساط الفلسطينية من أن يستغل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فترة الشهرين المقبلين لممارسة المزيد من الضغط على القطاع، عبر التجويع والقصف العشوائي ومنع إدخال المساعدات وسياسة نسف المربعات السكنية وتهجير السكان.
محمد الأخرس: نتنياهو يريد فرض أكبر قدر ممكن من هذه الوقائع على الأرض قبل تنصيب ترامب
فشل بايدن
سيبدأ ترامب مهامه بشكل رسمي بعد حفل التنصيب في 20 يناير 2025، فيما يعتبر ملف حربي غزة ولبنان من الأبرز بالنسبة له والموضوع على طاولة البحث بعد فشل الرئيس جو بايدن في إنهائه، على الرغم من تصريحاته المتكررة بأن الاتفاق قريب في كل مرة كان يتم فيها بدء جولة من المفاوضات. في المقابل، فإن الفترة الأخيرة لم تشهد أي تغيير في موقف الفصائل الفلسطينية، وتحديداً حركة حماس، على الرغم من استشهاد رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار في 16 أكتوبر الماضي بعدما خلف إسماعيل هنية، الذي اغتاله الاحتلال الإسرائيلي في طهران، في 31 يوليو/ تموز الماضي.
وتصر "حماس" على إبرام صفقة تبادل شاملة ورفض أي مقترحات لإبرام صفقات جزئية لا تشمل إنهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع أو الانسحاب من محاور التوغل، في ظل استمرار عمليات التوسع في بعضها، مثل محور نتساريم، وسط القطاع. وترى الفصائل الفلسطينية أن الصفقات الجزئية بمثابة تلبية لطلبات نتنياهو وحكومته المتطرفة وتنزع منها أي أوراق ضغط لاحقة من شأنها أن تتفاوض عليها لإنهاء الحرب الإسرائيلية. وتعتقد الفصائل وحركة حماس أن جهود بايدن خلال الفترة الحالية لن تنجح في الوصول إلى أي صفقات، مع افتقار الإدارة الحالية لأي أدوات ضغط على الاحتلال وحكومته في الفترة ما قبل الانتخابات الرئاسية.
في السياق، يقول الباحث في الشأن السياسي محمد الأخرس إن الشهرين المقبلين هما الأخطر في الحرب ومستقبلها، على اعتبار أن نتنياهو يحاول فرض أكبر قدر ممكن من الحقائق والوقائع على الأرض، معوّلاً في ذلك على قدرته على إدارة العلاقة مع الولايات المتحدة. ويضيف الأخرس، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن نتنياهو يريد فرض أكبر قدر ممكن من هذه الوقائع على الأرض قبل تنصيب ترامب، بما في ذلك الملف الإيراني وجبهة لبنان وحرب غزة، في حال أجبره الرئيس الأميركي الجديد على وقف الحرب بشكل كامل. ويشير إلى أن هذا الأمر قد يفسر حالة الاندفاع التي تقوم بها دولة الاحتلال في ما يتعلق بشمال قطاع غزة ومحاولة سيطرتها على المنطقة، إضافة إلى زيادة اعتماد الاحتلال على سياسة التجويع في محاولة لكسر إرادة المقاومة الفلسطينية للذهاب نحو اتفاقيات جزئية في موضوع صفقة الأسرى خلال الفترة الراهنة.
وبحسب الأخرس، فإن تعويل نتنياهو على إدارة ترامب مرتبط بشكل أساسي بالبعد الداخلي ومحاولة تغيير الواقع السياسي في الداخل الإسرائيلي، نظراً لأن لدى ترامب رؤية مماثلة لتغيير هوية المؤسسات في الولايات المتحدة. ويرى الأخرس أن هذا الأمر لا يتفق بالضرورة مع وجهة نظرة الإسرائيليين بشكل كامل، وأن هناك بعض التوجهات المتعلقة بالمنطقة أو فرض الاستراتيجية الإسرائيلية وأن نوايا نتنياهو غير معلومة. وينبه إلى أن هناك حالة من الضغط الكبيرة التي ستواجهها المقاومة الفلسطينية وحواضنها الشعبية خلال فترة الشهرين المقبلين، خشية من انتهاء مفاجئ للحرب عبر ضغط سياسي أو عبر قرار ملزم من مؤسسات الأمم المتحدة ومجلس الأمن خلال الفترة المقبلة. وخلال الأيام الماضية أعلنت حركة حماس استعدادها لتنفيذ قرار مجلس الأمن واتفاق الثاني من يوليو الماضي، وعدم الدخول في أي صفقات جزئية، باعتبار أن القرار والمقترح يضمنان إنهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع، ويضعان حداً عبر اتفاق من ثلاث مراحل يتم فيه التوافق على كافة البنود والنقاط العالقة.
أحمد عطاونة: الإدارة الأميركية القائمة فقدت الرغبة في إحداث أي تغيير جوهري
انتظار عهد ترامب
إلى ذلك، يرى مدير مركز رؤية للتنمية السياسية أحمد عطاونة أن فترة الشهرين المقبلين حتى موعد تنصيب ترامب ستكون استكشافية وفترة لجس النبض تجاه طروحات جديدة لا يعتقد أنها ستكون حاسمة بأي تجاه سواء على جبهة غزة أو لبنان. ويستعبد عطاونة في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تشهد الفترة المقبلة تطوراً نوعياً على صعيد المشهد الفلسطيني واللبناني والإيراني، على اعتبار أن الإدارة الأميركية القائمة فقدت الرغبة في إحداث أي تغيير جوهري، لأن ذلك لن يقدم أو يؤخر بالنسبة لها ولن يخدمها في شيء. ويضيف أن الإدارة الأميركية الحالية تعي أنه لا توجد لديها القدرة الحقيقية على ممارسة ضغط على أي من الأطراف باعتبارها في فترة انتقالية، إذ إن أي طرف يرغب في تقديم أي شيء سيكون لصالح الإدارة الجديدة ممثلة بترامب. ويرى أن حجم الأزمة القائمة في المنطقة يحتاج إلى ضغوط جدية على الأطراف من أجل إنجاز أي تحول أو أي تطور في المسار التفاوضي، وبالتحديد الضغط على الجانب الإسرائيلي في ما يتعلق بالمفاوضات وإنهاء الحرب. ويؤكد عطاونة أن هذه الفترة هي فترة ركود سيكتفي كل طرف فيها باستكشاف المواقف الجديدة للإدارة الأميركية التي ستتولى المشهد في البيت الأبيض، وهو ما يعني استمرار حالة المراقبة حتى موعد تنصيب ترامب رسمياً.