هل يستخدم بوتين "السلاح النووي التكتيكي" لكسب المعركة في أوكرانيا؟

22 مارس 2022
صواريخ نووية روسية خلال عرض عسكري في الميدان الأحمر بموسكو (Getty)
+ الخط -

مع عودة الحديث عن الأسلحة النووية عقب إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع قوات الردع النووي في حالة تأهب، سلطت وسائل الإعلام الغربية مساحة واسعة للحديث عن هذه الأسلحة وحجمها ومدى إمكانية استخدامها وجدوى امتلاكها كقوة ردع، خاصة وأن ضرب مدينة هيروشيما وما نتج عنه من آثار تدميرية كبيرة ولّدا عائقًا نفسيًا جعل إمكانية استخدام هذه الأسلحة مرة أخرى غير واردة على مدى السنوات الماضية.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها، إن هناك قلقًا من استخدام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السلاح النووي، وكسر المحرمات التي وضعت قبل 76 عاماً بعد ضرب هيروشيما وناغازاكي، في إشارة إلى ما يعرف بـ"السلاح النووي التكتيكي أو غير الاستراتيجي"، بما يزيد المخاوف من إمكانية اندلاع حرب نووية شاملة.

وفي هذا السياق، يشير محللون إلى أن الجيش الروسي الذي يمتلك أكبر ترسانة نووية في العالم قد بحث عدة خيارات تصعيدية، قد يختار بوتين أحدها لكسب المعركة بعد الخسائر التي مني بها الجيش الروسي خلال غزوه أوكرانيا. وقال الخبير النووي في جامعة هامبورغ ومؤسسة "كارنيغي" للسلام الدولي، أولريش كون، للصحيفة، إن فرص استخدام بوتين للسلاح النووي منخفضة لكنها آخذة في الارتفاع، مضيفًا أن الحرب لا تسير كما يريد الروس، إضافة إلى أن الضغط الغربي على روسيا يتزايد.

وكان مدير وكالة الاستخبارات الدفاعية قد قال يوم الخميس أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي، إن موسكو تعتمد على رادعها النووي في إطار استعراضها للقوة بعدما ظهرت ضعيفة بالحرب. فيما قال جيمس آر كلابر، وهو جنرال متقاعد بالقوات الجوية، إن روسيا تعتبر اليوم الأسلحة النووية نفعية وليست أمراً لا يمكن تصوره.

وأشار إلى أن استهداف القوات الروسية محطة زاباروجيا في أوكرانيا يؤكد عدم خضوع روسيا للخطوط المعروفة بشأن الأسلحة النووية وعدم اكتراثها للمخاطر الناجمة عن إمكانية تسرب إشعاع نووي.

ويرى المحللون العسكريون أن إظهار موسكو للأسلحة النووية ذات القدرات المحددة خلال العروض العسكرية، ساهم في تلميع بوتين وزيادة هامش منطقة التخويف التي يحتاجها لخوض حرب تقليدية دموية. وتقول أستاذة العلوم السياسية في جامعة براون نينا تانينوالد، إن بوتين يستخدم الردع النووي ليشق طريقه في أوكرانيا، مضيفة: "أسلحة بوتين النووية تمنع الغرب من التدخل".

حرب نووية شاملة

تقول الصحيفة إن هناك تقديرات حديثة تشير إلى أن هذا النوع من السلاح يعادل نصف القنبلة التي سقطت على هيروشيما، وإذا ما أطلقت وسط مانهاتن، فإنها ستقتل أو تصيب نحو نصف مليون شخص.

وفي محاكاة أجراها خبراء في جامعة برينستون، تبيّن أن إمكانية استخدام القنابل النووية التكتيكية قد تجر العالم إلى حرب نووية شاملة، بعدما رسمت تصورًا عن كيفية اندلاعها مع إطلاق موسكو طلقة تحذير نووية تدفع "الناتو" إلى الرد بضربة صغيرة لتندلع حرب تسفر عن سقوط 90 مليون شخص في الساعات الأولى.

وبحسب مدير مشروع المعلومات النووي في اتحاد العلماء الأميركيين هانس م كريستنسن، فإن روسيا تمتلك ألفي رأس حربي غير استراتيجي، فيما تملك الولايات المتحدة نحو 100 رأس في أوروبا فقط.

وقالت الصحيفة، إن استراتيجية موسكو قد تحولت في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين نحو الهجوم، وشرعت في تحديث ترسانتها النووية، بما في ذلك الأسلحة النووية التكتيكية. وكان محور هذه الترسانة هو صاروخ "إسكندر- إم" الذي نشر لأول مرة عام 2005 ويصل مداه إلى 300 كليومتر، كما أنه قادر على حمل رؤوس حربية نووية.

من جانبه، قال الدبلوماسي الروسي السابق الذي تفاوض على معاهدات الحد من التسلح في العهد السوفييتي، نيكولاي سوكوف، إن موسكو قادرة على وضع رؤوس حربية نووية على صواريخ "كروز" التي تحلق على ارتفاع منخفض وتطلق من الطائرات أو السفن أو الأرض، مؤكدًا أن موسكو تستطيع الوصول إلى كل أوروبا بما في ذلك بريطانيا.

بالمقابل، قال فرانكلين ميللر الخبير النووي والمسؤول السابق بوزارة الدفاع الأميركية: "الأمر كله يتعلق بعلم النفس. إذا كان خصمك يعتقد أن لديه ميزة في ساحة المعركة، فحاول إقناعه بأنه مخطئ"، فيما أشار إلى أن رد الولايات المتحدة على إطلاق رؤوس حربية جديدة (في حال حدث) سيكون بمثابة رسالة تحذيرية لموسكو بخروج الأمور عن السيطرة، الأمر الذي يدفعها إلى تحمّل مسؤوليتها ومنع تدهور الأوضاع.

المساهمون