هل حان موعد الحوار في تونس؟

26 ديسمبر 2022
شكّل العزوف الانتخابي رسالة قوية لسعيّد (Getty)
+ الخط -

يؤكد رئيس "جبهة الخلاص الوطني" المعارضة في تونس، أحمد نجيب الشابي، أنّ المشاورات انطلقت بين أطراف متعددة في تونس، من أجل بحث مخرج للأزمة، وأنّه قريباً جداً سيلتقي الجميع في الشارع بالآلاف، لإسقاط الإنقلاب. وأضاف الشابي، في وقفة للجبهة في بنزرت، شمالي تونس، أمس الأحد، أنه "يُنتظر من الاتحاد العام التونسي للشغل أن يؤدي دوره الجامع الذي طالما لعبه تاريخياً"، مؤكداً: "نحن إما ننجح معاً أو نغرق معاً". 

وتشير معطيات كثيرة في تونس إلى أن موعد الحوار الوطني بدأ يقترب، خصوصاً بعد أن توضحت أغلب المواقف الحزبية والمدنية في هذا الاتجاه.

ويشكل موقف الاتحاد العام التونسي للشغل بعد انتخابات 17 ديسمبر/كانون الأول التشريعية لحظة تحول فارقة في الصراع بين الرئيس التونسي قيس سعيّد وبين معارضيه، حيث تعتبر المنظمة النقابية أن العزوف والمقاطعة شكّلا رسالة قوية وواضحة لسعيّد ولكل الساحة السياسية. ويتأكد مسعى الاتحاد لإيجاد مخرج للأزمة، خصوصاً بعدما تلقى أخيراً تفويضاً من هيئاته الجهوية بذلك. ويبدو أن الاتحاد بدأ فعلاً في بحث إطار حواري مع منظمات أخرى، وقد تكشف الأيام المقبلة وتوضح تفاصيل هذا الاتجاه.

لكنّ المشكلة المطروحة اليوم في هذا الخصوص تتعلق بأمرين مهمين: الأول، هل أن هذا الحوار سيجرى مع سعيّد أم من دونه، وهل يقبل سعيّد أصلاً المشاركة في أي حوار ممكن، وهو الذي يعتبر أن شرعيته ومشروعيته ونظرته للوطن لا تقبل شريكاً ولا حتى رأياً؟

أما الأمر الثاني، فيتعلق بالخلاف بين المعارضين لسعيّد أنفسهم، إذ إنّ هناك من يرفض الدخول تحت مظلة الاتحاد العام التونسي للشغل أصلاً، وهناك من يرفض الالتقاء مع أحزاب أخرى، وكأنهم يملكون أريحية الخيار وفسحة الوقت، بينما الخناق يشتد على الجميع، سياسياً وحقوقياً واجتماعياً واقتصادياً أيضاً، أو يملكون خيارات عملية غير الحوار، السريع والعاجل، لإنقاذ البلاد من أزمة حارقة تقترب بشدة.

مشكلة بعض النخب السياسية في تونس أنها لا توفّق كثيراً في ترتيب أولوياتها، وهذا ما تبين خلال سنوات الثورة بوضوح، ولكنها لا تقرأ ذلك جيداً ولا تتعظ منه أيضاً. الوقت اليوم هو لتوحيد الجهود، كل الجهود، في سباق ضد الزمن، لبحث آليات جديدة، مهمتها الأولى والأساسية والمطلقة عودة الديمقراطية، وبعد ذلك يمكن الاختلاف على كل شيء وفي كل شيء.

صحيح أن هناك من ساهم في هذا الوضع أو شجّع عليه أو كان جزءاً منه أصلاً، ولكن لا يمكن لأحد أن يصادر حق أي كان في مراجعة موقفه، لأنه ليس هناك من هو بلا خطيئة. والمهم اليوم أن ينجز هذا الحوار، لأن هناك بلداً ينتظر الإنقاذ.

المساهمون