قسد ونظام الأسد... اشتباكات وتراشق إعلامي يوسّع هوة الخلاف

13 اغسطس 2024
مقاتل من قسد في بلدة البصيرة بريف دير الزور، 4 سبتمبر 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **عملية انتقامية وتصعيد الصراع:** نفذت "قسد" عملية أمنية ضد قوات النظام السوري ومليشياتها جنوب نهر الفرات، رداً على مجزرة في ريف دير الزور الشرقي، مما أسفر عن مقتل 18 عنصراً ومصادرة أسلحة.

- **تراشق إعلامي وتوترات متزايدة:** تجدد الصراع في ريف دير الزور الشرقي أدى إلى توترات في الحسكة، حيث تبادلت قسد والنظام الاتهامات الإعلامية، مما زاد من حدة التوتر.

- **تراجع العلاقات واستمرار الصراع:** العلاقة بين النظام وقسد تراجعت منذ 2019، مع توقف الحوار بينهما، مما يعكس اتساع الهوة وصعوبة التفاهم السياسي حول مصير الشمال الشرقي.

نفذت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) الاثنين، ما قالت إنها عملية "انتقامية" ضد قوات النظام السوري ومليشيات محلية تابعة لها، جنوب نهر الفرات في تطور لافت في سياق الدائر بين الجانبين، وفي ظل تراشق إعلامي يشي بأن أي تفاهم سياسي بين الجانبين، ربما بات بعيد المنال في المدى المنظور على الأقل.

وذكرت هذه القوات في بيان لها أن "مجلس دير الزور العسكري" التابع لـ"قسد" أغار بعملية أمنية واسعة على ثلاث نقاط لقوات النظام في بلدات الكشمة والبوليل والطوب جنوب نهر الفرات، رداً على مجزرة ارتكبتها هذه القوات في قريتي الدحلة وجديدة بكارة بريف دير الزور الشرقي، الخاضع لـ"قسد" قبل أيام. وبحسب البيان، أسفرت العملية عن مقتل 18 عنصراً من قوات النظام، في حين قُتل عنصران آخران "قنصاً"، مشيراً إلى أن القوات المهاجمة صادرت 11 قطعة سلاح وكمية من التجهيزات العسكرية.

وهذه هي المرة الأولى التي تعبر فيها قوات "قسد" نهر الفرات في شرقي سورية لتنفيذ عملية ضد قوات النظام ومليشيات محلية تابعة لها، ما يعدّ تطوراً كبيراً في مجريات الصراع في هذا الريف الغني بالثروات، والذي يعد جانبه الشمالي منطقة نفوذ أميركية والجنوبي إيرانية.

وكان الصراع قد تجدد بين النظام وقوات قسد في ريف دير الزور الشرقي الأربعاء الفائت، حينما شن مسلحون محليون تابعون للنظام والإيرانيين هجوماً واسع النطاق بالأسـلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، على نقاط عسكرية تابعة لـ"قسد" في بلدتي ذيبان والحوايج شرقي دير الزور.

واستدعى التوتر في ريف دير الزور توتراً آخر في محافظة الحسكة أقصى الشمال الشرقي من سورية، حيث ما يزال النظام يحتفظ بمربعين أمنيين، وبعض الحضور العسكري الذي لا قيمة له على الأرض. وتحاصر قوات "قسد" المربعين في مدينتي الحسكة والقامشلي منذ عدة أيام، في ظل عجز كامل من النظام الذي لا يملك القوة العسكرية القادرة على فرض إرادته في مناطق سيطرة "قسد" المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

استدعى التوتر في ريف دير الزور بين قسد ونظام الأسد توتراً آخر في محافظة الحسكة أقصى الشمال الشرقي من سورية

وتراشق الجانبان بالبيانات الإعلامية على ضوء تجدد الصراع في "شرقي الفرات"، فوزارة الخارجية في حكومة النظام وصفت قوات "قسد" في بيان لها الأحد بـ "الأداة الرخيصة"، لتنفيذ المخططات "المعادية" لسورية وفق البيان الذي اعتبر هذه القوات "مليشيات انفصالية عميلة".

ولم يتأخر رد الإدارة الذاتية، الذراع المدني والإداري لقوات "قسد" على الهجوم السياسي الذي شنه النظام بالتزامن مع الهجوم العسكري، وقالت في بيان إن خطاب النظام "عدائي ومنفصم عن الواقع، ويلصق التُّهم جزافاً بقسد". كما قالت إن دمشق "تناست تماماً تفاصيل ما حدث في دير الزور وغيّبت الحقيقة، ألا وهو الهجوم الذي تم من مناطق تحت سيطرة النظام ومجموعات مدعومة منه"، مضيفة: "نؤكد رفضنا للغة الكراهية والتخوين، حيث إن النظام آخر من يحق له التحدث عن التبعية والانفصالية نسبة للوضعية التي هو فيها حالياً".

ويشي هذا التراشق الإعلامي واستمرار الاشتباكات في ريف دير الزور أن الهوّة بين النظام وقوات "قسد" التي تشكل الوحدات الكردية ثقلها الرئيسي، في اتساع، وأن تفاهماً سياسياً حول مصير الشمال الشرقي من البلاد بات بعيد المنال أكثر من أي وقت آخر.

وتضع قوات "قسد" يدها على نحو ثلث مساحة سورية، وتقع أغلب مساحتي محافظتي الرقة والحسكة تحت سيطرتها، إضافة إلى نصف محافظة دير الزور، وجانب كبير من ريف حلب الشمالي الشرقي، شرقي نهر الفرات، مع مدينتي منبج وتل رفعت وبعض ريفهما، غربي النهر.

 وتقع أهم حقول النفط والغاز وأكبرها تحت سيطرة "قسد"، لعل أبرزها حقول الرميلان في محافظة الحسكة، وحقلا العمر والكونيكو في ريف دير الزور. وسبق أن حاولت موسكو خلال السنوات الماضية، نسج خيوط تفاهم بين قوات "قسد" والنظام السوري، من خلال جولات حوار جرت في العاصمة السورية دمشق، إلا أنها فشلت بسبب رفض النظام الاعتراف بقوات "قسد" و"الإدارة الذاتية"، وهو شرط هذه القوات لنجاح أي تفاوض يفضي إلى نتائج.

تقارير عربية
التحديثات الحية

علاقة قسد ونظام الأسد في تراجع

ورأى المحلل السياسي فريد سعدون في حديث مع "العربي الجديد" أن العلاقة بين النظام وقوات قسد بدأت بـ"التراجع منذ الاحتلال التركي لمنطقة عفرين شمال غربي حلب ومنذ سيطرة قوات قسد على شرقي الفرات مطلع عام 2019". وأضاف سعدون: "كانت العلاقة أكثر من تكتيكية وأقل من استراتيجية بين الطرفين". وتابع: "العلاقة منذ خمس سنوات ليست على ما يرام، ولم يعد هناك تعاون كبير بين الطرفين، خاصة أن الحوار توقف". وأشار إلى أن "خطاب قسد اتجاه النظام كان في السابق معتدلاً، ولم يصل إلى مرحلة الدعوة إلى إسقاط النظام الذي لم يقطع شعرة معاوية معها"، مضيفاً: "في الآونة الأخيرة هناك تغيّر ملحوظ في خطاب الطرفين. بيان وزارة الخارجية فيه اتهام واضح لقسد بالعمالة ما يوحي أن هناك تبدلاً في موقف دمشق من قسد على المستوى الرسمي". وتابع: "في المقابل وجهت قسد اتهامات إلى ضباط بعينهم من أجهزة النظام الأمنية بالوقوف وراء أحداث ريف دير الزور، ما يعني أن هناك صراعاً إعلامياً يؤجج الصراع على الأرض".

المساهمون