انتشرت قوات عسكرية في ميانمار، الأحد، وسط انقطاع شبه تام للإنترنت، ما يثير مخاوف من شنّ حملة قمع واسعة النطاق ضد حركة الاحتجاج على الانقلاب، في وقت مدّد قادة الجيش احتجازهم للزعيمة المدنية أونغ سان سو تشي.
وكان من المقرّر أن تنتهي فترة حبس سو تشي الاحتياطي اليوم الإثنين، وهي ستسجن الآن حتى 17 فبراير/شباط، حيث من المحتمل أن تمثل أمام محكمة عن طريق الفيديو، وفقاً لما ذكره محاميها خين ماونغ زاو.
ولا تزال الزعيمة، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، قيد الإقامة الجبرية بتهمة حيازة أجهزة اتصال لاسلكية مستوردة غير مسجلة.
وشهدت جميع مناطق ميانمار الأحد "انقطاعات للإنترنت"، وفق ما أعلنت منظمة "نتبلوكس" لمراقبة تدفق الإنترنت.
وأوضحت المنظمة غير الحكومية أن الاضطرابات الكبرى في الشبكة "بدأت نحو الساعة 01:00 بالتوقيت المحلي (18:00 بتوقيت غرينتش)"، مشيرة إلى أن الإنترنت يعمل بـ"14 بالمئة من مستواه العادي"، فيما نُشرت قوات عسكرية في البلاد، ما يثير مخاوف من حملة قمع وشيكة ضد حركة الاحتجاج على الانقلاب.
وقال مقرر الأمم المتحدة الخاص بميانمار، الأحد، إن قادة المجلس العسكري "سيحاسبون" على أعمال العنف في البلاد. وكتب توم أندروز على تويتر: "يبدو أن الجنرالات أعلنوا الحرب على الشعب في ميانمار"، وأضاف: "على الجنرالات الانتباه: ستحاسبون".
ورُصدت دبابات في أحياء رانغون، كبرى مدن البلاد، حيث فرضت السلطات حظر تجول اعتباراً من الساعة 20:00.
وفي شمال البلاد فرّقت قوات الأمن الأحد حشداً بإطلاق أعيرة باتّجاه المتظاهرين، وفق صحافية محلية. وقالت الصحافية لوكالة فرانس برس: "أطلقوا في بادئ الأمر الغاز المسيل للدموع، ثم أطلقوا أعيرة"، من دون أن توضح ما إذا استُخدِم الرصاص الحيّ أو الرصاص المطاطي. كذلك أُوقِف خمسة صحافيين خلال هذه العملية، وفقاً لصحيفة محلية.
والأحد دعت سفارات غربية الجيش الذي ينشر قوات في ميانمار إلى "عدم استخدام العنف" ضد المتظاهرين الذين يحتجون على الانقلاب. وكتبت سفارات الولايات المتحدة وكندا وعدة دول في الاتحاد الاوروبي على تويتر: "نطلب من قوات الأمن عدم اللجوء إلى العنف ضد المتظاهرين والمدنيين الذين يحتجون على الانقلاب على حكومتهم الشرعية".
ويسود تخوّف من رد فعل انتقامي في البلاد، بعدما قمع الجيش بشكل دموي آخر انتفاضتين شعبيتين في 1988 و2007. لكن الحركة الاحتجاجية على الانقلاب الذي أطاح الحكومة المدنية بزعامة أونغ سان سو تشي في الأول من فبراير/ شباط، لا تزال مستمرة بالزخم نفسه.
وصباح الأحد، ولليوم التاسع على التوالي، نزل آلاف المواطنين إلى الشوارع، فيما نشر الجيش لفترة وجيزة عربات مدرعة في شوارع العاصمة.
ونشر المجلس العسكري الحاكم برئاسة الجنرال مين أونغ هلاينغ قائمة تضم أسماء سبعة من أبرز الناشطين، مطلوبين بسبب تشجيعهم على التظاهر.
وقال الأحد في بيان: "إذا عثرتم على أحد الفارين المذكورين في القائمة، أو إن توافرت لديكم معلومات عنهم، بلغوا أقرب مركز للشرطة. من يؤوي هؤلاء سيواجه ملاحقات بموجب القانون".
ومنذ بدء حركة الاحتجاجات، أوقف العسكريون نحو 400 مسؤول سياسي وناشط، وأفراداً من المجتمع المدني، بينهم صحافيون وأطباء وطلاب.
ومن بين الأشخاص الواردة أسماؤهم في هذه اللائحة مين كو ناينغ، أحد قادة الحركة الطالبية في 1988 الذي أمضى عشر سنوات في السجن، لدوره في التظاهرات ضد الحكم الديكتاتوري في تلك المرحلة.
مقرر الأمم المتحدة الخاص بميانمار : على الجنرالات الانتباه... ستحاسبون
وقال قبل ساعات من إصدار مذكرة توقيف في حقه: "يوقفون الناس ليلاً، وعلينا أن نتوخى الحذر". وجاءت تصريحاته في مقطع مصور نشره السبت عبر فيسبوك منتهكاً بذلك حظراً فرضه المجلس العسكري على استخدام شبكة التواصل الاجتماعي. وأضاف: "قد يضربون بشدة، وعلينا أن نكون مستعدين".
ومنح مينغ أونغ هلاينغ السبت صلاحيات استثنائية للقوى الأمنية التي بات بإمكانها القيام بمهمات تفتيش في المنازل من دون مذكرات رسمية أو توقيف أشخاص لفترة قصيرة من دون إذن قضائي.
ومساء الجمعة، تشكلت لجان حراسة شعبية بشكل عفوي عبر البلاد مكلفة حراسة الأحياء في حال قيام السلطات بعمليات لتوقيف معارضين. وقالت ميو كو كو، وهي من عناصر الحرس في أحد أحياء رانغون: "لا نثق بأحد في الوقت الراهن، خصوصاً الذين يرتدون البزات".
ويعتبر البعض أن الإفراج الجماعي عن سجناء هذا الأسبوع جرى تنسيقه بهدف إثارة الاضطراب من خلال إطلاق سراح أشخاص سيئي السلوك، وفي الوقت نفسه إخلاء مكان في السجون للمعتقلين السياسيين.
وصدرت تنديدات دولية كثيرة بشأن الوضع في ميانمار في الأسبوعين الأخيرين، ولكنها لم تؤدِّ إلى تغيير موقف الانقلابيين.
ويؤكد المجلس العسكري الانقلابي أن الانتخابات التي أجريت في نوفمبر/ تشرين الثاني والتي حقّق فيها حزب سو تشي "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية" فوزاً ساحقاً، شابتها مخالفات.
ويؤكد المجلس أيضاً أنه تسلم السلطة باحترام الدستور، وأمر الصحافيين في البلاد بالتوقف عن الحديث عنه على أنه "حكومة انقلابية".
وسو تشي متّهمة باستيراد أجهزة اتصالات لا سلكية بصورة غير شرعية، وهي بصحة جيدة وقيد الإقامة الجبرية في نايبيداو، العاصمة الإدارية للبلاد، وفق حزبها.
وبقيت ميانمار تحت الحكم العسكري على مدى أكثر من خمسين عاماً منذ استقلالها في عام 1948.
(فرانس برس، أسوشييتد برس)