أسقط رئيس القائمة العربية الموحدة، عضو الكنيست العربي منصور عباس، الذي انشق عشية الانتخابات عن القائمة المشتركة لباقي الأحزاب العربية، أمس الخميس، في كلمة له بالعبرية موجهة بالأساس لاسترضاء اليمين الإسرائيلي، القضية الفلسطينية من طروحاته السياسية ومن خططه وبرنامجه السياسي في حال تأسست حكومة يمين في إسرائيل، برئاسة بنيامين نتنياهو، أو مشاركة قائمته في أي حكومة مقبلة.
ورفض عباس في كلمته التي ألقاها أمس في الناصرة عبر تحديد موعد إلقائها مع بدء النشرات الرسمية للقنوات الإسرائيلية، في الثامنة مساء، ووسط ترويج إعلامي لترقب الكلمة، الكشف موقتاً عن هوية زعيم الحزب الذي سيرشحه للحصول على تكليف من رئيس الدولة الإسرائيلي رؤوفين ريفلين لتشكيل الحكومة المقبلة.
ومع أنه من المقرّر أن يبدأ ريفلين اتصالاته الرسمية يوم الاثنين، إلا أن التحركات في الساحة الحزبية الإسرائيلية لم تتوقف حتى خلال المعركة الانتخابية، وقبل الانتخابات نفسها، في محاولة لرص الصفوف وبناء تكتلات برلمانية لضمان الحصول على تكليف لرئيس الكتلة الكبرى لتشكيل الحكومة.
ومع إفراز الانتخابات حالة تعادل للمرة الرابعة في إسرائيل، بحصول معسكر نتنياهو على 52 مقعداً مقابل 57 مقعداً للمعسكر المناهض له، ارتفعت "أهمية" القائمة العربية الموحدة بقيادة عباس بفعل رفضها حشرها ضمن معسكر من بين المعسكرين، وترديد رئيسها منصور عباس أنه لا يلغي تعاونه مع "الليكود" برئاسة بنيامين نتنياهو.
وأمس، ألقى منصور خطابه من دون أن يتورّع عن توظيف الآيات القرآنية لما يبدو أنه تمهيد للرأي العام لإمكانية التوصية على بنيامين نتنياهو للحصول على التكليف بتشكيل الحكومة، مقابل شروط حصرها عباس في القضايا اليومية والحياتية للفلسطينيين في الداخل، متجاهلاً كلياً وبشكل بارز قضايا الاحتلال والاستقلال الفلسطيني.
واستهلّ عباس خطابه أمس، بالإشارة إلى أجواء أعياد "الفصح اليهودي" و"الفصح المجيد"، واقتراب رمضان، معلناً أنه يبتهل بصلاة الأمل والسعي غير المساوم لحياة مشتركة على أساس الاحترام المتبادل والسلام، مضيفاً أن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، ثم تلا الآية الكريمة بعد ذلك: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا".
بعد ذلك، اختار منصور عباس أن يقدّم نفسه على أنه "رجل الحركة الإسلامية، عربي ومسلم فخور، مواطن دولة إسرائيل، رئيس أكبر حركة سياسية في المجتمع العربي"، قائلاً: "أرفع بشجاعة كبيرة، رؤيا السلام والأمن المتبادل، شراكة وتسامح بين الشعوب، أمدّ يدي باسمي وباسم رفاقي والجمهور العربي الذي انتخبنا لخلق فرصة لحياة مشتركة في البلاد المقدسة والمباركة لأبناء الديانات الثلاث والشعبين".
وكرّر عباس في خطابه الدعوة للتعايش والاستماع للآخر والبحث عن القاسم المشترك، من دون أن يشير، ولو بكلمة واحدة، إلى الاحتلال والاستيطان وممارسات الاحتلال، ما جعل خطابه مجرّد محاولات للحصول على قبول من اليمين الإسرائيلي لحركته، في حال قرّرت دعم حكومة برئاسة نتنياهو، محولاً نضال الفلسطينيين في الداخل إلى قضايا مدنية صرفة، تبدأ بفقدان الأمن الخاص وتنتهي بالخدمات المدنية.
وشكّل خطابه محاولات، باعتراف مصادر في اليمين لموقع "واي نت" وصحف إسرائيلية أخرى، للتمهيد لحالة توصي فيها القائمة العربية الموحدة على نتنياهو لتشكيل حكومة، أو في حال قرارها دعم الحكومة التي يقدمها نتنياهو من الخارج، عبر الامتناع عن التصويت ضدها عند عرضها.
وعلى الرغم من الرسائل السياسية التي حملها الخطاب، وأهمها حصر نشاط القائمة المستقبلي بالقضايا المدنية وعدم التطرق إلى قضية الاحتلال، فقد هاجم زعيم حزب الصهيونية الدينية بتسليئيل سموطريتش أمس منصور عباس، ونتنياهو متهماً الأول بأنه ينتمي لحركة "الإخوان المسلمين"، والثاني بتبييض القائمة الموحدة للاستعانة فيها في تشكيل الحكومة.
وأعلن شريك سموطريتش في الحزب الكهاني إيتمار بن غفير، أن حزب الصهيونية الدينية لن يدعم حكومة برئاسة نتنياهو تعتمد على دعم من القائمة العربية الموحدة التي يترأسها منصور عباس. وقال موقع "يديعوت أحرونوت" إن سموطريتش رفض أمس تلقي اتصال من نتنياهو على أثر الخطاب المذكور.
في المقابل، من المنتظر أن يلتقي نتنياهو اليوم الجمعة، بزعيم حزب "يمينا" نفتالي بينت، في محاولة لضمان تأييده لمعسكر نتنياهو وترشيحه لتشكيل الحكومة المقبلة، فيما يتوقع أن يلتقي بينت غداً مع زعيم المعارضة زعيم حزب "ييش عتيد" يئير لبيد، الذي حصل في الانتخابات الأخيرة على 17 مقعداً، ويعتبر نفسه رئيساً للمعسكر المناهض لنتنياهو. ويطالب لبيد بالحصول على تأييد نفتالي بينت عند رئيس الدولة.
وكان لبيد التقى أمس أيضاً بعضوي الكنيست أيمن عودة وأحمد طيبي، للحصول على دعم القائمة المشتركة له، فيما أعلن حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" الممثل في القائمة عبر النائب سامي أبو شحادة، أنه لن يشارك في التوصية على أي من نتنياهو أو لبيد.
ويحاول نتنياهو تأمين دعم بينت كي يصل إلى تأييد 59 عضو كنيست، والحصول على التكليف بتشكيل الحكومة، من خلال التلميح إلى أنه في حال حظي بدعم من لبيد، فإنه سيكون قادراً على تشكيل الحكومة المقبلة.
وسيشهد يوم الاثنين من الأسبوع المقبل، بدء المشاورات الرسمية في ديوان رئيس الدولة، والتي من المقرّر أن تستمرّ حتى الأربعاء، حيث سيعلن الرئيس الإسرائيلي عن الشخص الذي سيكلّفه بتشكيل الحكومة.
بموازاة ذلك، ستبدأ يوم الاثنين أيضاً أولى جلسات الاستماع لشهادات شهود الادعاء في محاكمة نتنياهو، المتهم بتلقي الرشاوى وخيانة الأمانة العامة والنصب.