كشفت مصادر مصرية اقتصادية خاصة عن أزمة تواجه النظام المصري، بسبب تعاظم المستحقات المتأخرة لعدد كبير من الشركات العاملة في مشاريع العاصمة الإدارية الجديدة، في الوقت الذي تطالب فيه جهات رسمية الشركات بتكثيف أعمالها، حتى يتسنّى للحكومة الإعلان الرسمي عن خطوة نقل الوزارات والهيئات الحكومية للعاصمة.
وقال مصدر منها، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، إن الأزمة تكمن في كون الكثير من الشركات لها مستحقات متأخرة ضخمة، تجاوزت مليارات الجنيهات، في حين ترغب القيادة السياسية في تسريع وتيرة العمل بالمشاريع المرتبطة بالعاصمة الإدارية، قبل الثلاثين من يونيو/حزيران 2022.
لا تمويل لمشاريع العاصمة الإدارية
وبحسب المصدر فإن الشركات أبلغت جهات سيادية مشرفة على عمليات تنفيذ مشاريع العاصمة الإدارية بعدم قدرتها على مواصلة العمل، في ظل عدم صرف المستخلصات المالية الصادرة لها، بسبب عدم وجود تمويل لدى الجهات الرسمية المعنية، وعلى رأسها شركة العاصمة الإدارية الجديدة، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة.
اشتكت الشركات المتضررة من أن الكثير من العمال غير النظاميين تركوا العمل
وأوضح المصدر أن مسؤولي الشركات المتضررة اشتكوا من أن الكثير من العمال غير النظاميين تركوا العمل، ويرفضون الاستمرار، بسبب عدم تمكن الكثير منهم من الحصول على مرتباتهم لأكثر من ثلاثة أشهر متواصلة.
في مقابل ذلك، كشف مصدر رسمي في شركة العاصمة الإدارية أن اجتماعاً موسعاً جرى أخيراً مع مسؤولي الشركات الكبرى العاملة في المشاريع الإنشائية بالعاصمة الجديدة، تم بحضور رئيس الشركة اللواء أحمد زكي عابدين.
وأوضح أنه جرى خلاله الاستماع لشكاوى الشركات، والتي تمثلت في مجملها في تأخر المستحقات، في ظل عدم قدرة الشركات على الوفاء بالتزاماتها الخاصة بمواصلة العمل، لعدم قدرتها على دفع الرواتب، ومواد البناء.
قروض للشركات من دون تقديم ضمانات
وقال المصدر إن مسؤولاً بارزاً في الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، التي تتولّى الإشراف على كافة مشاريع العاصمة الجديدة، أكد لمسؤولي الشركات وجود حل من جانب القوات المسلحة، وهو توجيه تعليمات مشددة لرئيس مجلس إدارة البنك المركزي طارق عامر، بإقراض الشركات بالأمر المباشر من البنوك المصرية، بكافة المبالغ التي يحتاجونها، من دون تقديم ضمانات.
وبحسب المصدر، فإن الشركات قبلت بالحل المطروح من جانب الهيئة الهندسية للقوات المسلحة على مضض، بسبب الفوائد البنكية على القروض، والتي تمثل أعباء مالية على تلك الشركات. ولفت إلى وقوع الشركات تحت ضغط الشروط الجزائية عليهم المستحقة لجهات وأطراف أخرى، بسبب التأخير في الوفاء بالتزاماتهم المالية.
يذكر أن المادة 62 من قانون تنظيم التعاقد تنص على جواز التعاقد بالأمر المباشر في حالات محددة. وكانت الحكومة المصرية قد وافقت، قبل أشهر، على "اعتماد قرارات وتوصيات اللجنة الوزارية الهندسية، بشأن الإسناد المباشر للشركات للاستفادة من الاستثمارات"، شرط أن تكون الجهات المعنية "مسؤولة عن تحديد سعر المشروع".
جدل حول زيارة السيسي إلى الصعيد
وتقع العاصمة الإدارية الجديدة على حدود مدينة بدر، في المنطقة المحصورة بين طريق القاهرة السويس وطريق القاهرة العين السخنة، وذلك شرق الطريق الدائري الإقليمي. ويبعد موقع العاصمة الجديدة عن محافظة الشرقية ومدينة العاشر من رمضان مسافة 42 كيلومتراً، وعن العين السخنة والسويس مسافة 60 كيلومتراً. كما تبعد عن القاهرة مسافة 60 كيلومتراً، وتمتد على مساحة ضخمة تصل إلى 170 ألف فدان، تعادل نحو 714 كيلومتراً مربعاً.
قبلت الشركات على مضض بحل حصولها على قروض من دون تقديم ضمانات
وتعادل مساحة العاصمة الإدارية الجديدة مساحة سنغافورة. كذلك تُعادل أربعة أضعاف مساحة العاصمة الأميركية واشنطن. ووفقاً للمخطط المعد سلفاً، يتم العمل بالعاصمة على ثلاث مراحل؛ الأولى من المقرر افتتاحها رسمياً خلال عام 2022، وتبلغ مساحتها 40 ألف فدان، فيما يعادل 161.87 كيلومتراً مربعاً. أما المرحلة الثانية، فتمتد على مساحة تبلغ نحو 47 ألف فدان، فيما يعادل 190 كيلومتراً مربعاً، فيما تمتد الثالثة على مساحة 79 ألف فدان، بما يعادل 392.54 كيلومتراً مربعاً.
وخلال الأسبوع الماضي أثارت زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الصعيد جدلاً ونقاشاً حول المشاريع التي تشرف عليها الدولة. وفي إطار افتتاح بعض المشاريع بصعيد مصر، حضر السيسي مؤتمراً يناقش استراتيجية الحكومة في بناء الجسور وتشييد الطرق السريعة في الصعيد، ومن بينها 3 جسور سيتم بناؤها في الفترة المقبلة.
وخلال المؤتمر ذاته، قدّم وزير النقل كامل الوزير لمحة عن التكلفة المبدئية للجسور المزمع تدشينها. وأشار إلى أنها قد تبلغ نحو 9 مليارات جنيه (الدولار يساوي 15.7 جنيهاً).
إلا أن السيسي طلب تقليل التكلفة، ليقترح وزير النقل تخفيضها إلى 7.5 مليارات جنيه، قبل أن يتوجه الرئيس المصري بالحديث إلى المقاولين المشاركين في تشييد الطرق والجسور الجديدة. وخاطب السيسي أحدهم قائلاً: "هل يمكن تدشين جسر في منطقة "دشنا" خلال سنة واحدة"، ليرد المقاول "بأنه جاهز لإتمام المشروع في المدة المقترحة". وأردف السيسي ضاحكاً "هل يمكنك الاكتفاء بـ 25 في المائة من تكلفة المشروع على أن تسدد الحكومة المبلغ الباقي لاحقاً"، وهو ما وافق عليه المقاول بالقول: "أمرك يا فندم".