مسؤولة أممية.. الفساد سمة أساسية في الاقتصاد السياسي في العراق

04 أكتوبر 2022
جاءت تصريحات المسؤولة الأممية أمام مجلس الأمن الدولي (Getty)
+ الخط -

قالت مندوبة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس بلاسخارت، إن الطبقة السياسية والحاكمة في بغداد فشلت حتى الآن في وضع المصلحة الوطنية فوق أي شيء آخر. وجاءت تصريحات المسؤولة الأممية أمام مجلس الأمن الدولي في اجتماعه الدوري لنقاش الوضع في العراق.

وتحدثت عن النداءات المتكررة للقادة العراقيين خلال السنة الماضية، أي منذ إجراء الانتخابات الأخيرة، من أجل تجاوز خلافاتهم وتشكيل حكومة، وقالت إنها أكدت "أهمية الحفاظ على الهدوء والحوار والامتثال للدستور، واحترام المبادئ الديمقراطية، والعمل دون عوائق لمؤسسات الدولة، وأهمية وجود حكومة فعالة تعالج المطالب المشروعة لتحسين الخدمات العامة، والوظائف، والأمن، ومكافحة الفساد، والعدالة والمساءلة، على سبيل المثال لا الحصر".

وعبّرت بلاسخارت عن أسفها لأن الصراع على السلطة ساد بدلاً من الحس الوطني العام بالواجب المشترك وكنتيجة مباشرة للتقاعس الذي طال أمده، وقالت إن العراق "شهد ساعات حرجة وخطيرة للغاية مع الاحتجاجات والاحتجاجات المضادة"، وفي غضون كل تلك الأحداث "كان المواطن العراقي العادي رهينة وضع لا يمكن تحمله ولا يمكن التنبؤ بعواقبه".

ثم تحدثت عن "بلوغ الأمور لذروتها في الـ29 آب/أغسطس، عندما كانت البلاد على شفا فوضى عارمة، وأدت التوترات السياسية إلى اشتباكات مسلحة في قلب العاصمة وأماكن أخرى، ما أدى إلى مقتل العشرات وجرح المئات". ووصفت تلك التطورات بالمأساوية، ورأت أنها نتيجة لعدم قدرة الطبقة السياسية في العراق على الحسم "فشلت الأطراف على اختلاف انتماءاتها بوضع المصلحة الوطنية فوق أي شيء آخر، وتركت البلد في حالة جمود طال أمدها، ما أدى إلى تغذية الضغط العارم".

وقالت المسؤولة الأممية إن تلك الأحداث لم تؤدِّ إلى نوع من اليقظة عند الطبقة السياسية، وأضافت: "الواقع أنه حتى اليوم لم يتراجع الخلاف بين الشيعة، ولم تتمكن الأطراف الكردية من التوافق على مرشح رئاسي".

وتحدثت بلاسخارت عن مساعي بعثة الأمم المتحدة، قائلة: "قدمنا دعمنا الكامل للحوار الوطني برعاية رئيس الوزراء العراقي، وعقد المنتدى مرتين حتى الآن"، ثم شددت على أنه من أجل أن تؤتي المبادرة بثمارها من الضروري أن تشارك كل الأطراف، ثم لفتت الانتباه إلى أن أياً من الأحزاب لم يكن ممثلاً بالنساء، وتحدثت عن ضرورة الامتناع عن التصريحات الاستفزازية.

وأضافت: "لقد حاولنا بلا توقف، لكن ليس لدينا عصا سحرية. في النهاية، يعود الأمر كله إلى الإرادة السياسية". وتحدثت عن غياب الثقة بين الأطراف وعدم وجود إرادة للتسوية.

وأكدت ضرورة أن "ينخرط جميع القادة العراقيين في حوار، لتلبية احتياجات العراقيين وإبعاد البلد عن حافة الهاوية"، وتوقفت عند خيبة الأمل التي يشعر بها الكثير من العراقيين وفقدانهم "الثقة بقدرة الطبقة السياسية في العراق على العمل لمصلحة البلد وشعبه، وسيؤدي استمرار الفشل في معالجة فقدان الثقة هذا إلى تفاقم مشكلات العراق".

وقالت: "إن تشكيل حكومة فاعلة خطوة أولى للخروج من الأزمة الحالية، مع ضرورة معالجة عدد من المسائل الحساسة، بما فيها اعتماد ميزانية اتحادية، وإلا سيتوقف الإنفاق الحكومي قبل نهاية العام"، وتحدثت عن تضييع عدد من الفرص منذ عام 2003 لإجراء إصلاح حقيقي. وقالت: "بعد 20 عاماً تقريباً يجب على قادة العراق أن يقروا بأن التغيير البنيوي ضروري لمستقبل البلد، وأن أي محاولات للدفع باتجاه الإصلاح التدريجي، بما فيها مكافحة الفساد، فشلت حتى الآن".

وشددت على أن "الفساد سمة أساسية في الاقتصاد السياسي في العراق، وهو جزء من المعاملات اليومية، ولست أنا من يقول هذا فقط، إن ذلك أمر معترف به". وتحدثت عن قطاع حكومي غير فاعل متضخم يخدم الساسة، لا الناس، وقالت: "إن المصالح الحزبية والخاصة تُبعد الموارد عن استثمارات مهمة في التنمية الوطنية". ورأت المسؤولة الأممية أن النظام السياسي في العراق يتجاهل احتياجات الشعب العراقي، أو الأسوأ من ذلك، يعمل ضد مصالح الشعب العراقي "الفساد سبب أساسي في مشكلات العراق اليوم ولا يوجد أي قائد بمنأى عن ذلك"، وحذرت من بقاء الوضع على حاله، لأن تبعات ذلك ستكون عكسية.

وحول النداء بإجراء انتخابات مبكرة قالت: "إن بعثة الأمم المتحدة في الوقت الحالي لن تتمكن من تأكيد قدرتها على المساعدة في إجراء انتخابات جديدة، حيث يستوجب ذلك طلباً رسمياً من الحكومة العراقية موجهاً لمجلس الأمن"، وقالت إن هناك عدداً من الأسئلة التي تطرح في هذا السياق، من بينها "ما الضمانات بأن انتخابات جديدة لن تكون دون جدوى مجدداً؟ وكيف سيقتنع المواطن العراقي بأن هناك جدوى من التصويت؟ وما الضمانات التي ستطلبها الأسرة الدولية كي تتيح الدعم لهذه الانتخابات؟". وتحدثت كذلك عن الانتخابات في إقليم كردستان العراق التي كان من المفترض إجراؤها قبل ثلاثة أيام، وقالت إن الخلافات هي السمة التي تعوق التقديم هناك كذلك، وطالبت بوقف الهجمات العسكرية التركية والإيرانية على الأراضي العراقية.

المساهمون