مجزرة الكيميائي... الجناة بلا محاسبة

22 اغسطس 2021
تم التغاضي عن الجريمة رغم الغضب الشعبي العالمي (Getty)
+ الخط -

صادفت أمس السبت (21 أغسطس/آب) الذكرى الثامنة لواحدة من أفظع المجازر التي ارتكبت في القرن الحادي والعشرين، عندما استهدف النظام السوري غوطتي دمشق الشرقية والغربية بأسوأ أنواع الأسلحة الكيميائية المحرمة دولياً، وقتل ما يزيد عن 1400 شخص من سكانهما بشكل جماعي، دون تمييز بين طفل أو شيخ أو امرأة. راقب العالم مشاهد الأطفال التي كانت تموت بالعشرات تحت تأثير الغاز السام، أمام عدسات الكاميرات التي وثقت المجزرة. وفي 2017، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة 21 أغسطس من كل عام يوماً دولياً لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم.
ولكن رغم كل الغضب العالمي، (على المستوى الشعبي طبعاً)، من فظاعة المجزرة، وبيانات الإدانة والتنديد والشجب والاستنكار التي صدرت سياسياً عن معظم الدول، وإثبات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بما لا يدع مجالاً للشك ارتكاب نظام بشار الأسد لهذه المجزرة، ورغم إيحاء الولايات المتحدة أنها بصدد إسقاط النظام عقاباً له على هذه الجريمة غير المسبوقة، إلا أن جريمة بهذا الحجم تم التغاضي عنها من قبل المجتمع الدولي، وتم حل القضية بتفاهم بين روسيا، الداعم الرئيسي للنظام، وبين الولايات المتحدة. يومها تم الاكتفاء بإصدار قرار مجلس الأمن رقم 2118 الذي اكتفى بتسليم أداة الجريمة، وترك المجرم دون عقاب، إذ نص على منع نظام الأسد من استخدام الأسلحة الكيميائية، أو اقتنائها، أو تطويرها، أو تخزينها. ولكن حتى هذا القرار لم يتم تطبيقه، إذ تم تخليص النظام من جزء من ترسانته الكيميائية بشكل شكلي، ليعود ويستخدم السلاح الكيميائي عدة مرات بعد صدور قرار مجلس الأمن، دون أي موقف دولي جدي يضع حداً لجرائمه، الأمر الذي شجعه على ارتكاب المزيد من الجرائم، والتعنت في الانصياع لأي من قرارات المجتمع الدولي.
مرور جرائم بحجم جريمة الكيميائي بدون محاسبة مرتكبيها، ودون تبعات، لا يشكل هدراً لحقوق الضحايا فحسب، بل يشجع الأنظمة المستبدة على ارتكاب مزيد من الجرائم، ويلغي دور المنظومة الدولية في إقرار العدل، ويؤخر أي حل سياسي في أية منطقة تنشأ فيها نزاعات، ويترك المجال لمنطق القوة أن يحكم، كما هو حاصل في سورية، التي لا يزال المجرمون فيها خارج إطار المحاسبة، ولا تزال تكلفة جرائمهم لا تتعدى بيانات التنديد والشجب، وبالحد الأقصى تجريدهم من أداة الجريمة، الأمر الذي يجعل من الحل السياسي في سورية أمرا بعيد المنال حتى اللحظة.

المساهمون