استمع إلى الملخص
- الفصائل العراقية المسلحة تستخدم الأراضي السورية لأسباب أمنية وسياسية، لتفادي ردود الفعل العسكرية الإسرائيلية أو الأمريكية داخل العراق.
- تتألف المقاومة الإسلامية من فصائل مثل "كتائب سيد الشهداء" و"كتائب حزب الله"، وتستخدم الطائرات المسيّرة وصواريخ الكروز لضرب أهداف حيوية في الأراضي المحتلة.
كشفت ثلاثة مصادر عراقية مقربة من جماعة "المقاومة الإسلامية"، لـ"العربي الجديد"، عن أن العمليات الأخيرة التي نفذتها الجماعة على أهداف في الأراضي الفلسطينية المحتلة والجولان السوري المحتل انطلقت من الأراضي السورية وليس من العراق، في توجه قد يكون استجابة من تلك الفصائل للضغوط التي قادها الائتلاف الحاكم في العراق (الإطار التنسيقي) والحكومة في بغداد لمنع أي مسوغات إسرائيلية لشنّ اعتداء على العراق.
وعلى مدى يومي الجمعة والسبت، تواصل "العربي الجديد" مع ثلاثة مصادر قريبة من "المقاومة الإسلامية"، وهو تحالف من ستة فصائل مسلحة في العراق تبنى خيار الهجمات بالطيران المسيّر والصواريخ لدعم المقاومة الفلسطينية واللبنانية منذ نحو عام، ولتخفيف الضغط العسكري الإسرائيلي عليهما. وأكدت المصادر، بشهادات متطابقة، أن العمليات الأخيرة نفذت من الأراضي السورية وليس العراقية، والتي كانت تنطلق من صحراء الرطبة ومنطقة القائم على الحدود العراقية مع الأردن وسورية.
وقال أحد المصادر لـ"العربي الجديد" إن العمليات الأخيرة التي نُفذت بطائرات مسيّرة ثابتة الجناح كانت من مكان داخل سورية، لم يُحدده، وجرت ليلاً، وأضاف المصدر أن "الأراضي السورية أقرب وأكثر ضماناً لوصول المسيّرات إلى أهدافها"، فيما أكد مصدر آخر مقرب من جماعة "المقاومة الإسلامية" أن "العمليات الجهادية الأخيرة انطلقت من داخل سورية، وهذا يمنحها إمكانية الوصول إلى أهداف في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة". وأضاف لـ"العربي الجديد" أن هذا "لأسباب أمنية وسياسية، خشية من أن تكون ردود أفعال عسكرية إسرائيلية أو أميركية ضدها داخل العراق، كما كان يحدث سابقاً".
وفي السياق، قال القيادي في ائتلاف "دولة القانون" الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي سعد المطلبي، لـ"العربي الجديد"، إن "المعطيات الحالية لدينا تؤكد انطلاق عمليات الفصائل العراقية ضد الكيان الصهيوني من خارج العراق". وأضاف المطلبي: "لا توجد عمليات للفصائل من داخل الأراضي العراقية ضد الكيان الصهيوني. العمليات تنطلق من داخل الجغرافيا السورية، وهذا الأمر الذي دفع بالكيان للرد في الفترة الأخيرة عليها داخل سورية وليس داخل العراق".
ولفت إلى أن "الفصائل تخشى من استخدام الأراضي العراقية منطلقاً لعملياتها ضد الكيان الصهيوني، حتى لا يكون العراق مستهدفاً من قبل الكيان، كذلك الحكومة العراقية تعمل وتضغط على إبعاد العراق عن دائرة الحرب، وغير مستبعد أن يكون هناك ضغط وطلب حكومي عراقي بألا تكون الأراضي العراقية منطلقاً لعملياتها"، وفقاً لقوله.
وتعلن جماعة المقاومة الإسلامية في العراق، يومياً، مهاجمة أهداف إسرائيلية مختلفة، مع تأكيد استمرار عملياتها بضرب الأهداف الحيوية في الأراضي المحتلة. وتنفذ الجماعة التي تضم تحالفاً من فصائل عراقية مختلفة الهجمات بواسطة الطائرات المسيّرة وصواريخ كروز المطوّرة، وتستهدف بالمجمل مواقع عسكرية للاحتلال في الجولان، وحيفا، وأم الرشراش (إيلات)، وغيرها.
من جهته، قال المحلل السياسي المقرب من الفصائل العراقية المسلحة علي فضل الله، لـ"العربي الجديد"، إن "الفصائل لا تكشف عن الجغرافيا التي تنطلق منها الصواريخ والمسيّرات لضرب أهداف الكيان الصهيوني داخل الأراضي المحتلة، لكن حسب المعلومات، تنطلق عمليات الفصائل من داخل الأراضي السورية".
ورأى أن "استخدام الفصائل العراقية الأراضي السورية له عدة أسباب، منها لقرب الجغرافيا السورية من الكيان الصهيوني، وأيضاً هناك مساحة كبيرة جداً لتحرك تلك الفصائل داخل سورية، خاصة أن هناك عمليات عدوان شبه يومية إسرائيلية على سورية، وهذا الأمر تقوم باستثماره الفصائل العراقية للرد على الكيان الصهيوني".
وتابع بأن "الفصائل العراقية تستخدم الأراضي السورية لضرب الأهداف الإسرائيلية، لرفع الإحراج عن الحكومة العراقية أمام الرأي العالمي، وطبعاً هناك طلبات حكومية عراقية رسمية، وكذلك ضغوطات سياسية على الفصائل لتبعد عملياتها عن العراق، ولهذا هي تتخذ من سورية منطلقاً لهجماتها اليومية ضد الكيان الصهيوني، ولم تنفذ أي ضربة من داخل العراق طيلة الفترة الطويلة الماضية".
بدوره، قال الخبير في الشأن العسكري سيف رعد، لـ"العربي الجديد"، إن "الفصائل العراقية تحاول من خلال استهدافها مواقع للاحتلال الإسرائيلي عدم نشر أي ملامح للمكان الذي أُطلقت صواريخ أو مسيّرات منه، تفادياً لكشف تلك المواقع، لكن الواضح من خلال سير خط الطائرة المسيّرة والصواريخ بأنها تطلق من مكان بالقرب من مناطق الحدود الأردنية والسورية".
وبيّن رعد أن الفصائل "تسعى إلى تكرار استهداف منطقة إيلات لأهميتها وانكشافها لهم، حيث تحتوي على ميناء ومطار يستخدمهما الكيان للدعم اللوجستي الغذائي والعسكري، لذلك تحاول الفصائل، من خلال استهدافها تلك المنطقة، تعطيل أو إيقاف ذلك الدعم". وأضاف: "تحاول الحكومة العراقية جاهدة منع فصائل المقاومة من استخدام الأراضي العراقية لقصف الأراضي المحتلة، كون حجم الضغوط الخارجية يجعلها غير قادرة على تحمّل العواقب الاقتصادية والعسكرية في حال جُرَّ العراق لصراع إقليمي، وهي ليست مستعدة لمواجهة نتائجه وتأثيره على المجتمع العراقي".
وأكد الخبير في الشأن العسكري أن "غالبية الفصائل قد أعطت الحكومة العذر، واتجهت حتى إلى الهدنة من استهدافها المواقع الأميركية في العراق، لكن من البداية كان فصيلا النجباء وكتائب حزب الله ضد توقف العمليات العسكرية، وهما من الفصائل التي تحمل أيديولوجية عابرة للحدود ولا تعترف بحدود دولية، لذا كان العراق يحاول الضغط على إيران من أجل محاولة السيطرة على تلك الفصائل، لكنها لغاية الآن مستمرة باستهداف المناطق المحتلة من داخل الأراضي السورية".
وتتعهد المقاومة الإسلامية في العراق بمواصلة عملياتها حتى انتهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان وغزة، وتوعدت أخيراً في بيان لها بمواصلة تلك الهجمات بواسطة الطائرات المسيّرة المفخخة وصواريخ الكروز المطورة التي تطلق عليها اسم "الأرقب"، وهو نوع من الصواريخ الذي يصل إلى مديات تُقدّر بنحو 700 إلى 800 كيلومتر، وبرأس حربي متفجر طورته مصانع تلك الفصائل خلال السنوات الماضية.
وتتألف المقاومة الإسلامية في العراق من فصائل عدة، أهمها "كتائب سيد الشهداء"، و"كتائب حزب الله"، و"أنصار الله الأوفياء"، و"كتائب الإمام علي"، و"النجباء".