ما بعد عملية غويران

30 يناير 2022
قد تستغل "قسد" الهجوم على السجن لكسب المزيد من الدعم (فرانس برس)
+ الخط -

رغم انتهاء عملية السيطرة على سجن غويران في الحسكة، كما أعلنت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، أو قرب انتهاء السيطرة عليه كما تشير الأنباء الواردة من المنطقة، إلا أن عملية اقتحام سجن يعد من أخطر السجون في العالم، يضم آلاف الأسرى من تنظيم "داعش" بينهم قيادات، من شأنها أن تغير كل المعادلات في المنطقة، سواء لناحية السكان، أو لناحية القوى المتدخلة فيها.

بعد هذه العملية، لن يتمكن سكان المنطقة من التحرك والاعتراض على أداء "الإدارة الذاتية" كما في السابق، خصوصاً السكان العرب، لأن تهمة الانتماء لتنظيم "داعش" ستكون جاهزة، وكافية للجم أي اعتراض. كما أن تهمة التعامل أو العمل لصالح أعداء "قسد" جاهزة للمكون الكردي المعارض لسياسات "الإدارة الذاتية"، التي اتهمت كل أعدائها بتسهيل مهمة "داعش" باقتحام السجن.

ومقابل تضرر السكان المحليين من هذه العملية، تسعى كل الأطراف المحلية والدولية، بمن فيهم "الإدارة الذاتية"، لاستغلال هذه العملية لتحقيق مكاسب. النظام وحلفاؤه الروس والإيرانيون بدأوا بتسويق العجز الأمني لـ"قسد" ومن خلفها الولايات المتحدة، وطرح بدائل تخدم مصالحهم.

كما قامت روسيا بتعزيز وجودها في منطقة شرق الفرات في المناطق التي تمتلك فيها قواعد عسكرية، فيما اتهم النظام "قسد" باختلاق هذه العملية من أجل تهريب قيادات "داعش" من السجن إلى البادية التي ينشط فيها التنظيم ضد النظام.

أما "الإدارة الذاتية" وذراعها العسكري "قسد"، فقد حاولت من خلال هذه العملية الالتفاف على الخرق الأمني غير المفهوم باقتحام السجن، وتذكير العالم بخطر تنظيم "داعش" الذي عاد للظهور من جديد، وبأنها القوة الوحيدة التي حققت نصراً حاسماً عليه، في محاولة لكسب المزيد من الدعم والحماية الدولية للاستمرار بالتصدي لهذا التنظيم.

ولعل المستفيد الأكبر من هذه العملية هو تنظيم "داعش". فعلى الرغم من فشل عمليته، ونجاح "الإدارة الذاتية" في القضاء على الاستعصاء داخل السجن، إلا أن "داعش" تمكّن من تهريب عدد كبير من عناصره إلى خارج السجن، والالتحاق بخلايا التنظيم في البادية السورية والعراق. والأهم أن هذه العملية مكّنت التنظيم من الظهور مرة أخرى، ودحض رواية التحالف الدولي الذي أعلن القضاء على "داعش"، الذي ظهر كقوة لديها إمكانية الوصول حتى إلى المربعات الأمنية لـ"الإدارة الذاتية".