تشهد كواليس الأوساط السياسية في ليبيا استعدادات حثيثة للاتجاه إلى قبول مبادرة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، الخاصة بدعوة القادة الليبيين الأساسيين الخمسة للقاء سياسي، بهدف تذليل العقبات التي تقف أمام قضية الاستحقاق الانتخابي.
وكان باتيلي قد دعا، في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وقائد مليشيات شرق ليبيا خليفة حفتر، إلى لقاء خماسي لــ"التوصل إلى تسوية سياسية حول القضايا مثار الخلاف السياسي والمرتبطة بتنفيذ العملية الانتخابية"، وتسمية ممثليهم للمشاركة في اجتماع تحضيري لتحديد "موعد اجتماع قادة مؤسساتهم ومكان انعقاده وجدول أعماله، وتحديد المسائل العالقة التي يتوجب حلها لتمكين المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من الشروع في تنفيذ قانوني الانتخابات الصادرين عن مجلس النواب".
وعلى الرغم من إعلان صالح والدبيبة عن قبول دعوة باتيلي للقاء الخماسي، إلا أنّ أياً منهما لم يعلن عن تسمية ممثليه في الاجتماع التحضيري للقاء، لكن مصادر ليبية متطابقة تحدثت لـ"العربي الجديد"، الاثنين، كشفت النقاب عن بدء اختيار بعض من القادة الخمسة ممثليهم في الاجتماع التحضيري للقاء.
وأفادت المصادر ذاتها عن تلقي القادة الخمسة طلباً من البعثة الأممية بتسمية ثلاثة ممثلين عن كل طرف لعقد الاجتماع التحضيري للقاء الخماسي، واستضافة المغرب لهذا الاجتماع في النصف الثاني من ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
ووفقا لأحد المصادر، وهو مصدر برلماني، فإنّ صالح عيّن ممثلين عنه، وهما عضوا مجلس النواب أحمد الشارف وإدريس المغربي، فيما لا يزال يدرس خيارات لتعيين الممثل الثالث.
وفي جانب تكالة، كشفت مصادر مقربة من مكتب رئاسة مجلس الدولة في ليبيا عن تسمية تكالة ثلاثة من أعضاء مجلس الدولة، وهم محمد عبد الهادي، وموسى فرج ومحمد أبوسنينة كممثلين له في الاجتماع، أما الدبيبة فقد سمى ممثليه الثلاثة من مستشاريه، وهم عبد المجيد مليقطة وسفيان الشيباني وإبراهيم الدبيبة، وفقاً لمصدر دبلوماسي مقرّب من حكومة الوحدة الوطنية.
وحول ممثلي المنفي، أفاد المصدر الدبلوماسي المقرب من حكومة الوحدة الوطنية بأنّ المنفي طالب بدور الشريك للبعثة الأممية في التنسيق والإشراف على اللقاء الخماسي، وأن لا يكون طرفاً فيه.
وبحسب المصدر نفسه، فإن المنفي شدد على أنه "طرف محايد"، وأن أي طرف من أطراف الصراع السياسي "لا يقف منه موقف الخصومة". واستناداً لحياده، أشار المنفي إلى أهمية أن يقوم المجلس الرئاسي بدور المشرعن لنتائج اللقاء بين القادة الأساسيين وإصدارها في شكل مرسوم رئاسي بالاشتراك مع المجلس الأعلى للقضاء، وفقاً للمصدر نفسه.
وفي جانب حفتر، فقد كشف المصدر البرلماني عن تشديد حفتر على ضرورة إشراك الحكومة المكلفة من مجلس النواب في اللقاء الخماسي، مشيراً إلى أنه يهدف من ذلك إلى رفع عدد حلفائه في اللقاء "لضمان تمرير أكبر قدر من مصالحه من خلال مشاركة رئيس الحكومة أسامة حماد إلى جانبه وعقيلة صالح".
ولم يعلن حفتر عن أي موقف رسمي حتى الآن من مبادرة طاولة الحوار الخماسية، إلا أن باتيلي أكد أن حفتر أبدى استعداده لدعم الجهوده الخاصة بالاجتماع التحضيري لممثلي القادة الخمسة، وأنه ناقش معه "أفكاره حول سبل إنجاح الاجتماع التحضيري".
وقال باتيلي، في تدوينة على حسابه على موقع إكس، ليل الاثنين، إنه اتفق مع حفتر، خلال لقائه به، أمس الاثنين، على "ضرورة معالجة كافة القضايا المتعلقة بالعملية السياسية وتسهيل إجراء الانتخابات في المستقبل القريب".
وحول الخلاف الذي عكسته تصريحات صالح والدبيبة بشأن جدول أعمال اللقاء، أشار المصدر البرلماني إلى نجاح باتيلي في تجاوز هذه العقبة بإقناع صالح والدبيبة بترك إعداد جدول الأعمال وأولوياته لممثليهما في الاجتماع التحضيري للقاء.
وفي 28 نوفمبر المنصرم، أعلن صالح عن قبوله دعوة باتيلي شريطة استبعاد الدبيبة من المشاركة في اللقاء الخماسي، مبرراً ذلك بأنّ "مجلس النواب سحب الثقة" من الدبيبة، وأن الأخير "ليس طرفاً في العمل السياسي، بل رئيساً للوزراء كلف لفترة وانتهت ولاية حكومته.
وفيما أكد صالح أنّ القوانين الانتخابية التي أصدرها مجلس النواب في ليبيا في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، "نافذة" وأنها باتت جزءاً أساسياً لإجراء الانتخابات، قال إنه سيذهب إلى الاجتماع الخماسي "على أن يكون جدول الأعمال تشكيل حكومة موحدة جديدة"، مضيفاً "طالبت بأن يكون هذا الاجتماع مجدداً لغرض إجراء الانتخابات وتشكيل حكومة موحدة مصغرة ومحددة".
وعقب اعلان صالح بساعات، أعلن الدبيبة من جانبه قبول دعوة باتيلي "للاتفاق حول الإشكاليات الكبرى الموجودة في القوانين الانتخابية".
وخلافاً لتأكيد صالح على نفاذ القوانين الانتخابية التي أصدرها مجلس النواب، اشترط الدبيبة تركيز "كل النقاشات والحوارات" في اللقاء الخماسي للوصول إلى أساس قانوني دستوري متين "لضمان نجاح الانتخابات"، وأنه مستعد "للتجاوب مع كل المقترحات بجدية، لتوسيع الثقة في المهام الموكلة للحكومة في العملية الانتخابية" في إشارة واضحة لرفضه مطالب صالح بشأن تشكيل حكومة بديلة عن حكومته للإشراف على إجراء الانتخابات.
وليل الجمعة الماضي، أصدر ثمانية أعضاء من لجنة 6+6 المشتركة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لإعداد القوانين الانتخابية، بياناً دعوا فيه مجلسي النواب والدولة إلى الحوار والتوافق لقطع الطريق أمام المبادرة الأممية الخاصة بالاجتماع الخماسي بين القادة الليبيين الأساسيين.
واعتبر بيان أعضاء لجنة 6+6 أنّ المبادرة الأممية تهدف إلى "تكرار نموذج جنيف"، في إشارة إلى اتفاق ملتقى الحوار السياسي السابق في جنيف السويسرية في فبراير/ شباط 2021، والذي نتج عنه المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية كسلطة تنفيذية للإشراف على إجراء الانتخابات في نهاية العام 2021.
وبعد إصدار لجنة 6+6 نسخة من القوانين الانتخابية في أبوزنيقة المغربية في مطلع يونيو/ حزيران الماضي، طالب مجلس النواب والبعثة الأممية بإجراء تعديلات عليها لتكون قابلة للتنفيذ، قبل أن تجري اللجنة التعديلات المطلوبة التي أصدرها مجلس النواب في مطلع أكتوبر الماضي.
وفي الأثناء، أعلن المجلس الأعلى للدولة تمسكه بالنسخة الأولى التي صدرت في يونيو/ حزيران الماضي، رافضاً إجراء أي تعديلات على نصوص القوانين الانتخابية باعتبارها "إلزامية ونهائية" بحسب نصوص التعديل الدستوري الذي تشكلت بموجبه لجنة 6+6.