استمع إلى الملخص
- الأهمية الاستراتيجية للقصير: تعتبر القصير منطقة استراتيجية لحزب الله بسبب قربها من الحدود اللبنانية ووجود معامل تصنيع الصواريخ والطائرات المسيّرة، مما يجعلها هدفاً للضربات الإسرائيلية.
- الأهداف الإسرائيلية والمخاطر المستقبلية: تهدف إسرائيل إلى قطع خطوط إمداد حزب الله بين لبنان وسوريا، ورغم الضربات، لا يزال حزب الله يحتفظ بوجوده، مما يشير إلى استمرار الصراع.
يبدو أن إسرائيل تحاول عزل منطقة القصير السورية، الحدودية مع لبنان، من خلال ضرب الجسور والطرق المؤدية إليها، بهدف تشديد الخناق على مجموعات حزب الله اللبناني، التي تتخذ من المنطقة مقراً لها منذ انتزاع السيطرة عليها من المعارضة في العام 2013. وجدد الطيران الحربي الإسرائيلي، أول من أمس الخميس، غاراته داخل الأراضي السورية، مستهدفاً جسرين في منطقة القصير بريف محافظة حمص الجنوبي، وهما جسر الموح، ويقع غربي مدينة القصير بالقرب من قرية الموح، والجسر العالي.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أول من أمس، أن الطيران الحربي الإسرائيلي استهدف جسر الموح والجسر العالي بريف القصير لليوم الثاني على التوالي بعد تدميرهما جزئياً، دون ورود معلومات عن وقوع خسائر بشرية. كما كانت وسائل إعلام مقربة من النظام السوري قد تحدثت، قبل أيام قليلة، عن إصابة 11 شخصاً في حصيلة أولية للغارات الإسرائيلية على القصير، وذلك عقب تدمير جسور القصير وتل مندو والجوبانية "بهدف منع المساعدات الغذائية وقوافل المحروقات من العبور إلى لبنان". أما إسرائيل فقد قالت إنها تهدف من خلال هذه الضربات للضغط على حزب الله، وفق المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، دانيال هاغاري، الذي أضاف لوكالة رويترز، أول من أمس، أن "إسرائيل ستهاجم أي محاولة لتهريب الأسلحة إلى حزب الله اللبناني من سورية"، و"نحدد صواريخ وأسلحة أخرى مصنعة في سورية يطلقها حزب الله على أراضٍ إسرائيلية". وتابع: "سنهاجم كل محاولة لتهريب أسلحة من سورية إلى حزب الله. وسنهاجم كل بنية تحتية نرصدها في سورية بغرض إنتاج أسلحة لحزب الله".
ضرب الجسور في القصير
علمت "العربي الجديد" من مصادرها في المنطقة، أن إسرائيل استهدفت في الأيام الماضية، حاجز الضبعة وجسر الدف ومنطقة الطريق الترابي الواصل إلى شنشار قرب فوج الصواريخ. وأوضحت المصادر أن شخصاً واحداً على الأقل قُتل وهو عنصر في الفرقة الرابعة التابعة للنظام السوري، وينحدر من بلدة الديابية بريف القصير، بالإضافة إلى إصابة 15 عنصراً جميعهم من الفرقة الرابعة. وأضافت أن الغارات الإسرائيلية استهدفت أيضاً جسر القصير وجسر الدف وجسر شنشار وجسر العدرا (العاصي) في ربلة وجسر عرجون وجسر بيت خضر وجسر الجوبانية، وحاجز وجه الحجر بالقرب من حاجز جسر الجوبانية، وحاجز الخشب غربي حاجز المشتل، وجميعها في ريف مدينة القصير بالقرب من الحدود السورية - اللبنانية، وسط سورية.
تقع مدينة القصير في الريف الغربي لمحافظة حمص وسط سورية، على الحدود مع لبنان، ويتبع لها أكثر من 80 قرية، فيما ترتبط مع لبنان من جهة البقاع بمنفذ جوسية الحدودي، الذي تعرّض لقصف إسرائيلي متكرر أخرجه عن الخدمة. كذلك قطعت الغارات الإسرائيلية الطريق الواصل بين المدينة ومركز محافظة حمص، والطريق الواصل إلى معبر جوسية الحدودي مع لبنان، ما جعل المدينة شبه معزولة عن محيطها. وطاولت إحدى الغارات محطة الوقود الوحيدة التي يعتمد عليها السكان لتأمين مخصصاتهم من الوقود. وسيطر حزب الله على المنطقة في معارك قادها الحزب بمشاركة قوات النظام عام 2013، ما أدى إلى تهجير معظم السكان لا سيما من مدينة القصير. في موازاة ذلك أفادت مصادر "العربي الجديد"، بأنه إلى جانب حزب الله تنتشر في المنطقة مجموعات تتبع للفرقة الرابعة، التي يقودها اللواء ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام السوري بشار الأسد، وهي مجموعات كانت بالأساس مليشيات تم تنسيبها إلى الفرقة، وذلك بالإضافة إلى وجود عناصر وضباط منتسبين رسمياً للفرقة لكن بعدد محدود، وانتشار مجموعات قليلة من المخابرات العسكرية، التابعة للأجهزة الأمنية لقوات النظام.
مصطفى بكور: جبال القصير تضم معامل وورشات لتصنيع وتجميع الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية
نفوذ حزب الله
في هذا الصدد رأى القيادي في الجيش الحر والمحلل العسكري مصطفى بكور، أن "منطقة القصير هي أهم منطقة يسيطر عليها حزب الله بسبب طبيعتها الجغرافية وقربها من الحدود اللبنانية، ووجود بعض المسلمين الشيعة فيها"، كما "تعتبر مع مطار الضبعة القريب منها قاعدة تمركز وانطلاق وإمداد بالاتجاهين لحزب الله وباتجاه المناطق السورية الأخرى". وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "جبال القصير تضم معامل وورشات لتصنيع وتجميع الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية، لذلك توجّه إسرائيل ضربات مركزة ومتتالية على منطقة القصير بهدف تدمير ما أمكن من هذه المصانع والورشات وقطع خطوط الإمداد ونقل الأسلحة والذخائر". وقال إن "المنطقة تلقت الكثير من الضربات الاسرائيلية العنيفة أدت إلى إضعاف قدرة الحزب على الحركة فيها". لكن باعتقاد بكور فإنه "من المبكر الحديث عن عزل المنطقة والقضاء على وجود الحزب فيها، خصوصاً أنه يوجد في المواقع العسكرية لجيش النظام السوري التي ترفع رايات نظام (بشار) الأسد، ويرتدي عناصره لباس قوات الأسد ويتحركون بآليات تشبه آليات جيش النظام السوري، وبالتالي، ما زال الحزب قادراً على المناورة لكن بحرية أقل من قبل".
رائد المصري: إسرائيل تدرك حجم النفوذ الذي يملكه حزب الله في القصير
من جهته اعتبر المحلل السياسي رائد المصري، أن "هدف إسرائيل الرئيسي هو المعابر بين لبنان وسورية"، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد" أن "ضرب معبر جوسية وبعض المناطق التي تربط لبنان مع سورية عبر منطقة الهرمل، وإخراجها عن الخدمة قد يحقق هذا الهدف، لا سيما أن إسرائيل تدرك أن خط الإمداد الرئيسي لحزب الله في سورية يمر عبر منطقة القصير". وأوضح أن إسرائيل تدرك أيضاً "حجم النفوذ الذي يملكه الحزب في القصير إلى جانب النظام، بعد أن خاض الكثير من المعارك للسيطرة على المنطقة والحفاظ عليها، بالتالي فإن المنطقة تعتبر نقطة لتجميع خطوط إمداد حزب الله إلى لبنان، وإسرائيل تعرف ذلك جيداً". وبالتالي فبرأي المصري "كل الضربات تهدف إلى عزل القصير ليس عن محيطها السوري فحسب، إنما عن أي منفذ بري رسمي وغير رسمي مع لبنان".