أثنى رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي على جهود اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5) بشأن خطوتها الخاصة بإخراج 300 من المرتزقة الأجانب من البلاد، فيما يرى مراقبون أن اعتراف معسكر حفتر بوجود مرتزقة في صفوف مليشياته يأتي في سياق الضغط على معسكر غرب ليبيا.
جاء ذلك خلال لقاء المنفي، اليوم الجمعة، برئيسي وفدي معسكري الغرب والشرق في لجنة (5 + 5)، اللواء أحمد أبو شحنة واللواء امراجع العمامي، المشاركين في المؤتمر الدولي حول ليبيا في باريس.
ووفقا للمكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي، فإن اللقاء جرى في مقر إقامة الوفد الليبي في باريس، وتناول "آخر المستجدات على المستويين العسكري والأمني". وحث المنفي خلال اللقاء أعضاء اللجنة على بذل المزيد من الجهود من أجل الحفاظ على وحدة البلاد.
وأعلن ممثلو معسكر اللواء المتقاعد خليفة حفتر، مساء أمس الخميس، في بيان، عن عزم معسكر حفتر على ترحيل 300 مرتزق من المقاتلين الأجانب من الأراضي الخاضعة لسيطرة مليشياته.
ونقل البيان أن قيادة حفتر "قررت إخراج 300 فرد من المرتزقة والمقاتلين الأجانب كدفعة أولى"، تنفيذاً لبنود اتفاق وقف إطلاق النار في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020 بجنيف.
ولم يحدد البيان هوية المرتزقة والقوات الأجنبية أو وجهتهم، لكنه أشار إلى أنه "سيتم التنسيق المباشر مع بعثة الأمم المتحدة أثناء عملية نقل المقاتلين إلى دولهم وبمراعاة كافة المحاذير والأوضاع الأمنية، وذلك بالتنسيق أيضًا مع هذه الدول لتحقيق السلام والاستقرار في ليبيا ودول الجوار".
واعتبر البيان أن الخطوة تأتي دعماً من قيادة حفتر للجنة العسكرية المشتركة (5 + 5) من أجل "المضي قدماً بخطوات شجاعة تحفظ كرامة الوطن والمواطن حتى تتحرر كافة الأراضي الليبية".
وأشار البيان إلى أن الخطوة تأتي أيضاً استجابة لـ"طلب القيادة الفرنسية للقيادة العامة بشأن إطلاق مبادرة عملية لإخراج دفعة أولى من المرتزقة والمقاتلين الأجانب الموجودين في مناطق سيطرة قوات حفتر"، مستدركاً بأن هذه الدفعة هي "استثناء من شرط الخروج المتزامن والمتوازن، الذي جرى الاتفاق عليه بين أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة (5+ 5) في خطتها لإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا".
وكان المنفي قد ثمن دور فرنسا بعد دعوتها لعقد مؤتمر دولي حول ليبيا، مشيراً إلى أن ليبيا تتطلع إلى أن تكون "نتائج المؤتمر بناءة".
واعتبر المنفي خلال كلمته في منتدى باريس للسلام، الخميس، أن الخلافات التي يشهدها المسار الانتخابي في ليبيا بين الجهات التشريعية والمفوضية العليا للانتخابات حول القوانين الانتخابية والأمور الفنية "بسيطة"، لكنه شدد على أهمية الدور الدولي في مساعدة ليبيا في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار لإجراء الانتخابات في ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وأكد المنفي على أهمية استحقاق إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد المناط بلجنة (5 + 5)، مشيرا إلى أن اللجنة "وضعت خطة لخروجهم"، إلا أنه عاد وأكد عدم وجود تواريخ أو مواعيد محددة لخروجهم، مشددًا على أهمية الدعم الدولي للتمكن من إخراجهم بشكل سريع.
ورغم أن البيان حمل أول اعتراف من جانب معسكر حفتر بوجود مرتزقة وقوات أجنبية تقاتل في صفوف مليشياته، إلا أن الباحث الليبي في الشأن الأمني فتحي ارحومة لا يرى في البيان أكثر من "رسالة إحراج وضغط" لمعسكر غرب ليبيا.
وقال في حديث مع "العربي الجديد"، إن "التصريح من جانب معسكر حفتر بأن الخطوة جاءت استجابة لطلب القيادة الفرنسية يحمل رسالة في طياتها توجه للضغط على الجانب التركي الذي توجد قواته في غرب البلاد"، بأن فرنسا تحتضن مؤتمرا عازمًا على إنهاء ملف الوجود الأجنبي في ليبيا.
ووصف ارحومة بيان ممثلي حفتر العسكريين بـ"المفاجئ"، مشيرًا إلى أنه يعكس تغيرا في خريطة التحالفات الخارجية في ليبيا، وقال "بينما يعتقد الكثير من المراقبين أن روسيا هي التي توجه قرار حفتر، تبين الآن أن فرنسا لا تزال تقف وراءه وهي الفاعل في توجيه قراراته من جانب، ومن جانب آخر ربما يكون حفتر قد وجد في تعامل فرنسا معه بشكل مباشر حبلا جديدا ليتعلق به من الغرق في مستنقع التحالفات الدولية المتسارعة في التغير".
وأكد أن لجوء حفتر إلى تل أبيب من خلال دفع ابنه صدام لزيارتها، بحسب تقارير إعلامية دولية، دليل على تخبطه وضياعه وبحثه عن أي منفذ دولي.
ورغم غموض الموقفين التركي والروسي من ملف الوجود الأجنبي العسكري في ليبيا، إلا أن الناشطة السياسية الليبية مروة الفاخري ترى أن المؤتمر الدولي في باريس سيشهد مصادقة على الخطة التي توصلت إليها لجنة (5 + 5) بشأن إخراج الأجانب المسلحين من ليبيا بعد وضع جدول زمني لها، معتبرة أن حضور رؤساء ممثلي المعسكرين الليبيين في (لجنة 5 + 5) لباريس دليل واضح على وجود خطوات وشيكة في هذا الملف.
وأكدت الفاخري في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "اجتماع اللجنة العسكرية مع ممثلي دول تشاد والنيجر والسودان في القاهرة خلال الأسبوع قبل الماضي يعني وجود حراك نحو الفعل والتنفيذ في هذا الملف"، مشيرة إلى أن إعلان لجنة (5 + 5) عزمها على زيارة أنقرة وموسكو قريبا، سيكون منطلقها مخرجات المؤتمر الحالي في باريس.