لماذا التقى المنفي مع حفتر؟

10 اغسطس 2023
ليست المرة الأولى التي يلتقي فيها المنفي بحفتر (Getty)
+ الخط -

يعيش معسكر شرق ليبيا وضعاً قاتماً، منذ أشهر، قائما على كثافة حراك غير معلن يجري في كواليس القوى المتنفذة فيه بسبب تضارب مصالحها، وآخرها اهتزاز وضع عقيلة صالح كرئيس لمجلس النواب.

وبدت مظاهر ذلك واضحة في مجاهرة نواب بمعارضة قرارات صالح التي كان يصدرها بمفرده وبدون أي مساءلة، وسبقها الإطاحة بأبرز حلفائه السياسيين، وتحديداً رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب، فتحي باشاغا، ونائب رئيس مجلس النواب الهادي الصغير، الذي تسببت استقالته في تفتت كتلة عريضة من النواب الذين كانوا يشكلون عماد سلطة عقيلة صالح.

وعلى وقع الاهتزازات المحيطة بصالح، زار رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، الاثنين الماضي، بنغازي لترؤس أحد اجتماعات اللجنة المالية العليا، لكنه التقى في الأثناء اللواء المتقاعد خليفة حفتر في مكتبه العسكري ببنغازي لـ"بحث تهيئة الظروف المناسبة لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية عادلة ونزيهة"، وكذلك "تقييم سبل مواجهة تحديات الأمن القومي عبر الحدود الليبية"، وفقاً لبيان للمكتب الإعلامي للمنفي.

وهذه ليست المرة الأولى التي يلتقي فيها المنفي بحفتر. لكن اللافت في هذه المرة هو وصف بيان مكتب المنفي الإعلامي لحفتر بـ"القائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر"، فلم يسبق وأن أطلق عليه هذا الوصف، علاوة على أن المنفي، بصفته رئيس المجلس الرئاسي، هو من يملك صفة القائد الأعلى للجيش وفقاً لنصوص خريطة طريق ملتقى الحوار السياسي التي جاءت بالمنفي للسلطة.

ومنذ أن تولى المنفي رئاسة المجلس الرئاسي بفوز قائمته التي تضم رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، في انتخابات ملتقى الحوار السياسي، في فبراير/شباط 2021، على قائمة صالح وباشاغا، بدا الجفاء واضحاً بين المنفي وصالح، حتى تفجر الخلاف بشكل علني عندما اتهم صالح المنفي وإخوته بالتورط في حادثة حرق مقر مجلس النواب في طبرق التي حدثت في يوليو/تموز من العام الماضي، لكن تلك التهم لم تلق رداً معلناً من جانب المنفي.

ويبدو أن ما لا يُقال في العلن هو أن المنافسة كانت شديدة بين المنفي وصالح على زعامة أقصى شرق ليبيا، حيث تتقاسم قبيلة المنفه، التي ينتمي لها المنفي، وقبيلة العبيدات التي ينتمي لها صالح، النفوذ.

ويبدو أن وجود مجلس النواب في طبرق، المدينة التي تخضع لنفوذ المنفي، كان سبباً في عدم رجوع صالح بالمجلس لعقد جلساته في طبرق، فصيانته وإعادته لسابق وضعه لا يكلفان الكثير، خصوصاً أن طبرق طالما شكلت له ملجأ من سيطرة ونفوذ حفتر في بنغازي، التي نص اتفاق الصخيرات على أن تكون المقر الرئيس للمجلس.

وعلى الرغم من محاولات عقيلة صالح تكثيف لقاءاته واجتماعاته في مقر إقامته في منطقة القبة حيث نفوذ قبيلته، إلا أن مسارعة بلدية بنغازي الخاضعة لسيطرة حفتر في الإعلان عن جهوزية مقر مجلس النواب في بنغازي قطعت الطريق أمامه، وقبل ببنغازي التي شكلت بداية تراجع سطوته وسلطته. فهل جاء لقاء حفتر بالمنفي في سياق البحث عن بديل لصالح، خصوصاً أن النفود والعمق الاجتماعي لقبيلة المنفي في أقصى شرق البلاد يمكنانها من أن تقوض النفوذ الاجتماعي لعقيلة صالح وسيطرته القبلية، التي طالما كانت مصدر قوته وشكلت سداً منيعاً أمام سيطرة حفتر الكلية على أقصى شرق ليبيا؟
 

المساهمون