غانتس إلى واشنطن الخميس.. تحركات إسرائيلية لإحباط الاتفاق النووي مع إيران

24 اغسطس 2022
ستحاول إسرائيل التركيز على استمرار تحقيقات وكالة الطاقة الذرية ضد إيران (فرانس برس)
+ الخط -

في الوقت الذي بات فيه التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران شبه مؤكد، تتجه إسرائيل، التي فشلت حتى الآن في التأثير على موقف الإدارة الأميركية وثنيها عن التوقيع على الاتفاق، إلى محاولة إحباط الاتفاق من خلال التأثير على مواقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فيما يتجه وزير الأمن بني غانتس إلى واشنطن الخميس.

وأفادت الإذاعة الإسرائيلية العامة، صباح اليوم، بأن إسرائيل تسعى لمنع وقف تحقيقات الوكالة ضد إيران في الملفات التي قالت الوكالة إنها تحقق في خروقات إيران لالتزاماتها، مضيفة أنه سبق لإسرائيل أن مارست في الماضي ضغوطا على جهات ودول أعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتقديم شكاوى واقتراحات قرارات ضد إيران.

وبحسب الصحيفة، فإنه من المتوقع أن تكرر إسرائيل ذلك الآن أيضا، خصوصا في ظل التصريحات الأخيرة لرئيس الوكالة رفاييل غروسي، التي قال فيها إنه لن يسمح للضغوط السياسية بإغلاق ملفات التحقيق، وإنما يجب على إيران أن تقدم توضيحات. وأشارت الإذاعة إلى أن إسرائيل اعتبرت هذه التصريحات "مشجعة".

ووفقا للصحف الإسرائيلية، فإن إسرائيل تستعد لهذا الملف في اتجاهين، الأول من خلال محاولة الإبقاء على ملفات التحقيق مفتوحة، ما قد يعرقل الاتفاق المتبلور، والثاني هو الاستعداد لليوم الذي يلي الاتفاق، وهو ما كان قد أشار إليه وزير الأمن الإسرائيلي بني غانتس أمس، عندما أكد أن إسرائيل "لن تلتزم بالاتفاق"، وأنها ستحتفظ بحرية العمل، في إشارة منه لاستعدادات تل أبيب لبناء خيار عسكري ضد إيران.

غانتس يزور واشنطن

وفي هذا السياق، أعلن غانتس عن توجهه إلى واشنطن، غدا الخميس، لبحث هذا الملف مع الإدارة الأميركية.

وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الأربعاء، إنه من المقرر أن يزور غانتس مقر القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) في فلوريدا، حيث سيلتقي قائد القاعدة الجنرال مايكل كوريلا.

في وقت لاحق من الزيارة، سيلتقي غانتس في واشنطن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان. وبعد الولايات المتحدة، سيتوجه غانتس إلى اليابان في زيارة رسمية، بحسب المصدر ذاته.

كما سيبحث غانتس خلال لقاءاته في واشنطن "كيفية منع استغلال ونقل الأموال التي سيفرج عنها وستتدفق على طهران إلى المليشيات الإيرانية، وألا تستخدم في عمليات إرهابية". وتابعت الصحيفة: "سيتناول غانتس في لقاءاته بواشنطن اليوم التالي للعودة إلى الاتفاق (النووي مع إيران)، ومسألة كيفية ضمان عدم تدفق الأموال الكبيرة التي سيتم الإفراج عنها للإيرانيين على مليشياتهم واستخدامها في حملة إرهابية".

وادعت الصحيفة أنّ إيران تحوّل اليوم نحو نصف مليار دولار إلى "حزب الله" اللبناني، مضيفة: "حال توفرت لها عشرات المليارات قريباً، فستتمكن من مضاعفة دعمها لحزب الله، وكذلك للجهاد الإسلامي والحوثيين في اليمن".

لبيد يقدم إحاطة حول الموقف الإسرائيلي

إلى ذلك، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن رئيس حكومة تصريف الأعمال يئير لبيد سيعقد، اليوم، لقاء مع الصحافيين الأجانب ويقدم لهم إحاطة حول الموقف الإسرائيلي، ويؤكد رفض إسرائيل للاتفاق النووي الحالي.

وقال موقع "يديعوت أحرونوت" إنه ينتظر أن يهاجم لبيد الإدارة الأميركية الحالية وأن يتهمها بأنها "ضللت إسرائيل" عندما قالت إن الاتفاق لا يزال بعيدا. وبحسب وسائل إعلامية إسرائيلية، فإن رئيس "الموساد" الإسرائيلي دافيد برنيع وصف الاتفاق أمس بأنه "كارثة استراتيجية" على إسرائيل.

وكان رئيس الحكومة السابق نفتالي بينت قد خرج أمس عن صمته منذ سقوط الحكومة التي ترأسها، ونقل مقاليد رئاسة حكومة تصريف الأعمال ليئير لبيد، إذ أطلق أمس تغريدة قال فيها: "أدعو الرئيس بايدن والإدارة الأميركية، في هذه اللحظة، في الدقيقة التسعين، إلى الامتناع عن توقيع الاتفاق مع إيران. هذا الاتفاق سيسمح بتدفق نحو ربع ترليون دولار إلى خزينة نظام الإرهاب الإيراني وأذرعه الإقليمية، وسيمكن إيران من تركيب وتشغيل أجهزة للطرد المركزي بدون أي قيود تقريبا، بعد عامين من الآن فقط"، وفق تعبيره.

وتدرك إسرائيل أنها عجزت عمليا تحت قيادة الحكومة الحالية عن ثني الولايات المتحدة عن الاتجاه نحو إبرام اتفاق مع إيران، مع إقرار محافل أمنية مختلفة بأن الأميركيين والأوروبيين يتجهون لإنهاء هذا الملف للتفرغ لـ"ملفات أكثر سخونة وأهمية" من وجهة نظرهم، وفي مقدمتها مواجهة التحديات الصينية والحرب في أوكرانيا.

وقد أشارت صحيفة "يسرائيل هيوم"، في عددها الصادر اليوم، إلى أن الإدارة الأميركية أطلعت إسرائيل على مستويات التقدم في المفاوضات فقط أمس، وبعد ثلاثة أيام من وجود مستشار الأمن القومي الإسرائيلي أيال حالوتا في واشنطن، حيث التقى أمس بنظيره الأميركي جيك سوليفان.

ولفتت الصحيفة بهذا الخصوص إلى البيان الذي أصدره البيت الأبيض أمس، ومن ضمن ما جاء فيه أن "سوليفان كرر التأكيد على الالتزام المتين للرئيس بايدن بالحفاظ على تعزيز قدرة إسرائيل لردع أعدائها والدفاع عن نفسها ضد كل تهديد أو مجموعة تهديدات، بما فيها من إيران ووكلائها، وعلى التزامنا بضمان ألا تحصل إيران على سلاح نووي".

ونقل موقع "يديعوت أحرونوت" هو الآخر أن إسرائيل ستبحث مع الولايات المتحدة، في حال تم إبرام الاتفاق في نهاية المطاف، "سبل منع إيران من خرق الاتفاق والتحول لدولة نووية".

جنرال إسرائيلي سابق: لا يزال هناك وقت طويل نسبياً قبل توقيع الاتفاق النووي

خلافا لما يروّج إسرائيليًا عن قرب التوقيع على الاتفاق وضرورة التحرك إسرائيليًا بوقت سريع، قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق، الجنرال تمير هايمان، الذي يشغل حاليا منصب مدير مركز أبحاث الأمن القومي، إن الاتفاق المتبلور يجب أن يحصل قبل كل شيء على موافقة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، وهو ما لم يحدث بعد، وهو ما يعني أن هناك "وقتًا طويلًا".

مدير مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي: الاتفاق في حال توقيعه سيمنح إسرائيل 8 سنوات على الأقل للاستعداد لبناء خيارها العسكري

وأضاف هايمان أن أمام إسرائيل "وقتا طويلا نسبيًا" قبل التوقيع على الاتفاق، إذ إن الجانبين يحاولان خلق الانطباع بأن كلا منهما حقق إنجازات في المفاوضات، لتمهيد الرأي العام.

ووفقا للجنرال الذي تحدث لإذاعة "إف إم 103" في تل أبيب، فإنه لم يغير موقفه الأساسي، قائلًا "هذا الاتفاق هو الأقل سوءا، لكنه يمكننا من كسب وقت مهم". وبحسبه، فإن الاتفاق في حال توقيعه سيمنح إسرائيل 8 سنوات على الأقل للاستعداد لبناء خيارها العسكري.

وقال تمير: "الوضع الحالي للمشروع النووي الإيراني تجاوز كل الخطوط التي اعتبرناها في الماضي خطوطًا حمراء، وهو خطير للغاية، ومن الأفضل إعادة عجلاته للوراء بأسرع وقت ممكن، وكسب الوقت من أجل الاستعداد لهجوم كبير لا يفضي إلى تصعيد إقليمي، وهذا أمر يمكن تحقيقه".

وبحسب ما يقول، فإنه يمكن تحسين خيارات إسرائيل، إذ إن الأمر ليس ناجزا، وأوضح أنه "لنفترض أننا ربحنا السنوات الثماني (التي يحددها الاتفاق) فلن تكون للإيرانيين مصلحة لخرق الاتفاق خلال هذه الفترة. لذا حتى العام 2030 لن يحدث شيء، ولن يكون هناك مشروع نووي".

وتابع "في العام 2030 سترفع القيود عن نسبة تخصيب اليورانيوم المسموح بها لإيران، وهذا لن يكون تصريحا لها للانطلاق نحو بناء قنبلة، فهم سيكونون ضمن الإطار الزمني الذي لا يسمح لهم فيه ببناء القوة النووية، لكن سيكون متاحا أمامهم تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى. ومن معرفتنا بالإيرانيين وحقيقة أننا لا نثق بهم كليا وكون إيران تعتبر نفسها عدوا، فمن المستحسن أن يتم استغلال هذه السنوات لبناء قدرات ذكية، وأفضل وأعمق تحسبا لإمكانية اتجاههم لبناء قنبلة، كي نشن الهجوم. ومن أجل تحقيق ذلك ينبغي أولا ضمان الشرعية الداخلية والعالمية وفي مقدمتها الشرعية الأميركية".

وزعم أن المعيقات الاقتصادية على إيران لم تكن العامل الذي أثر في تأخير مشروعها النووي وإنما العمليات والهجمات التي شنها الجيش الإسرائيلي، وقال "العقوبات لم تؤثر في النشاط الإيراني الإقليمي الخطير، ما أثر في ذلك هي قدرات الجيش الإسرائيلي. المعلومات الاستخباراتية الدقيقة، والهجمات والقدرات الجوية التي نفذناها، وما قمنا به خلال هذه الفترة، هو الذي أثر، لذلك فإن إيران لن تتحول إلى سويسرا بسرعة، فهي لا تزال دولة تعاني من وطأة أزمة اقتصادية ثقيلة جدا".

تحذير من تصعيد مقابل حزب الله على خلفية حقل كاريش

في شأن آخر، دعا الجنرال تمير إلى أخذ تهديدات زعيم "حزب الله" حسن نصر الله بشأن استهداف منصات الغاز في حقل كاريش بجدية، رغم أنه أكد أن هذه التهديدات تأتي بهدف التأثير على الرأي العام في لبنان الذي يوجه انتقادات شديدة للحزب ودوره في إيصال اللبنانيين للوضع الذي يعيشون فيه.

وأضاف أن نصر الله يرسل تهديداته لاعتقاده بأنه سيكون الرابح من كل اتفاق سيتم التوصل إليه، وسيدعي نسب هذا الإنجاز إلى تهديداته وأنه هو الذي حقق إنجاز حل ملف أزمة الطاقة، بحسب قوله.

ويرى تمير أن نصر الله "مستعد للذهاب حتى النهاية"، وأن هذا الأمر ينطوي على مجازفة كبيرة. إذ إن الرد الإسرائيلي على المسيّرات يؤدي إلى تصعيد نحو الحرب، وهو "ما حدث في الماضي، ويمكن أن يحدث في المستقبل وهذا خطير جدا".