عالم يتفرج على الإبادة

12 اغسطس 2024
غزّيات ينتحبن على أقارب استشهدوا بدير البلح، 10أغسطس 2024 (مجدي فتحي/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **إبادة الفلسطينيين في غزة:** تتعرض غزة لقصف إسرائيلي مستمر، حيث استهدفت 172 مدرسة ومركز إيواء، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 1050 فلسطينيًا، بينهم أطفال ونساء وشيوخ.
- **تواطؤ عالمي:** الأمم المتحدة والدول المتحضرة تتجاهل المجازر، بينما تستمر أمريكا وأوروبا في دعم إسرائيل بالأسلحة، مما يكشف عن كره عميق للعرب.
- **مقاومة وصمود:** رغم التواطؤ العالمي، تستمر المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال، محاولين تعديل توازن القوى المفروض بالقوة والتواطؤ.

تتفرج البشرية على إبادة الفلسطينيين. مئات يُستشهدون كل أسبوع، والعالم يتفرج منهمكاً في شؤون أخرى تعنيه. يلتفت أحياناً ليلقي كلمات وهمهمات لتسجيل موقف، لعلها تنفع يوم يأتي حساب، إن كان. المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة الحقوق في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيزي، قالت، الأسبوع الماضي، إن "إسرائيل تبيد الفلسطينيين في غزة بأسلحة أميركية وأوروبية، وسط عدم اكتراث كل الأمم المتحضرة". صرخة حقيقية مُرّة، تُسقط العالم إلى أبعد نقطة في قاع العار.

وتفيد التقارير بأنه على مدار الأيام العشرة الماضية، قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي سبع مدارس تؤوي نازحين فلسطينيين في قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 180 فلسطينياً، بينهم أطفال ونساء وشيوخ، بالإضافة إلى مئات المصابين، بحسب وكالة الأناضول.

ويؤكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في بيان الأسبوع الماضي، أن المجازر الأخيرة رفعت عدد مراكز الإيواء المأهولة بالنازحين التي استهدفها جيش الاحتلال منذ بدء حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة إلى 172 مدرسة ومركز إيواء، من بينها 152 مدرسة مأهولة بالنازحين، بعضها مدارس حكومية، وأخرى تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا". وتجاوز عدد الشهداء في تلك المجازر الـ1050 شهيداً.

والسؤال: لماذا تقتل إسرائيل من تعرف جيداً أنهم مهجّرون، أطفال ونساء وشيوخ ومرضى، وتعرف أميركا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا أنهم كذلك، بينما تواصل تلك الدول دعمها وإرسال الأسلحة إليها وتبرير قتلها؟ ليس الأمر عشوائياً بالتأكيد، ولا رضوخاً لإسرائيل ورئيس حكومتها بنيامين نتنياهو وضعفاً أمامه، بل هو مسألة عميقة في تاريخ كره العرب، ومحاولة محوهم عن وجه الأرض، أو استعبادهم في أقصى الحالات.

لقد كشفت غزة عن هذا الكره العميق، ورأينا كيف سقطت أقنعة العالم المتحضر على أعتاب القطاع بمجرد أن قامت الحرب، وهي متواصلة، لأن هناك مقاومة تقف في وجه هذه العنجهية والعنصرية، وتريد أن تعدّل من توازن مختل فرضه القوي منذ عقود بقوة الحديد والنار، والتواطؤ أيضاً.

راجعوا عواصم العالم العربي مساءَ مجزرة مدرسة التابعين، الكل منهمك في شأن يعنيه، أو يُغنيه عن صور الشهداء المرعبة التي تقضّ المضاجع. تريد إسرائيل وحلفاؤها فصل المقاومة عن شعبها وحاضنتها. تريد أن تؤدبنا لأننا قلنا لا، أو بالأحرى قالوا لنا، فما لنا نحن والمقاومة؟

لقد فشل التونسيون حتى شكلاً في تقديم مرشحين يتنافسون على الرئاسة، وهذا يفسر ذاك. لا عزة في غزة إذا لم تكن في تونس والمغرب والجزائر وبقية العالم الذي تقطعت أوصاله، بل إن بعضه يتلذذ بصور السقوط في غزة. ولكن الحق حق وإن كان ضعيفاً ويتيماً، سيأتيه يوم العزة.

المساهمون