دولة الاحتلال تتمدد.. والبحث عن اسم جديد لجبل الشيخ السوري

18 ديسمبر 2024
نتنياهو ومسؤولون إسرائيليون في جبل الشيخ 17 ديسمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- زيارة نتنياهو لجبل الشيخ السوري تهدف إلى تأكيد السيطرة الإسرائيلية على المنطقة المحتلة، مستغلة الوضع السوري الداخلي بعد سقوط نظام الأسد، وتبحث عن صورة نصر بعد الانتكاسات في غزة.

- إسرائيل تتوسع جغرافياً بلا حدود، حيث يحتفل المجتمع اليهودي بالاستيطان، بينما تتبنى الأقلية المعارضة قيم الاستيطان، مما يعكس التوجه نحو ضم الدولة الأم إلى دولة المستوطنين.

- دعوات لتغيير اسم "جبل الشيخ السوري" تعكس التوجه الإسرائيلي لتغيير الأسماء والتاريخ لتعزيز السيطرة، مع إنكار وجود تراث سوري في الجولان.

تستغل إسرائيل انشغال سورية بترتيب أوضاعها لتقضم المزيد من الأراضي

تؤشر تعليمات نتنياهو وتصريح كاتس بشأن جبل الشيخ إلى نوايا إسرائيل

تفسيرات كثيرة تحتملها زيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى القسم المُحتل حديثاً من جبل الشيخ السوري، إلى جانب وزير أمنه يسرائيل كاتس والمسؤولين العسكريين، وتأكيدهم من هناك أن إسرائيل لن تترك المكان، حتى تكون هناك ترتيبات جديدة تضمن أمنها. هذه واحدة من الذرائع للإبقاء على احتلال الجبل، على غرار التوسع في الجولان السوري المحتل، من قبيل القنيطرة ومناطق سورية أخرى، عقب سقوط نظام بشار الأسد، وتدمير القدرات العسكرية السورية، بحجة منع وصولها لفصائل المعارضة، التي قد تستخدمها يوماً ما ضد إسرائيل.

وتحمل زيارة نتنياهو وزمرته لجبل الشيخ الشامخ بارتفاعه، المكسور باحتلاله، دلالات أخرى منها بحثه عن صورة نصر، وفق ما يذهب إليه عدد من المعلقين الإسرائيليين أيضاً. كما أن التقاط صور في مكان يطلّ على سورية ولبنان، وتعتبره إسرائيل موقعاً استراتيجياً احتلته دون إطلاق رصاصة واحد في الأيام الأخيرة، لينضم إلى المناطق المحتلة الأخرى منذ عقود، أفضل من التقاطها صوراً في مستوطنات غلاف غزة، التي حطمت صورة الردع الإسرائيلي، وقادت إلى عملية انتقامية في قطاع غزة، تحوّلت إلى حرب إبادة. وتستغل إسرائيل الوضع الحاصل، وانشغال سورية بترتيب بيتها الداخلي لتقضم المزيد من أراضيها، وانشغال لبنان بترميم ما طاله للبقاء في أراض لبنانية، عدا عن البقاء في قطاع غزة وتعزيز المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة. وقد يشعر نتنياهو وحكومة الاحتلال عامة، بقوة أكبر بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة فهي فرصة يجب استغلالها. هذا في وقت بات يقترح فيه خبراء في اللغة العبرية اسماً جديداً لجبل الشيخ السوري، الجزء المحتل حديثاً، نافين وجود شعب سوري أيضاً.

وقد تؤشر تعليمات نتنياهو لجيش الاحتلال، بالاستعداد للبقاء في منطقة جبل الشيخ التي احتلها أخيراً، على الأقل حتى نهاية عام 2025، وتصريح كاتس بأن جبل الشيخ "عيون إسرائيل"، إلى النوايا الإسرائيلية بالبقاء هناك.

"دولة بلا حدود"

ووصّف معلّق شؤون الشرق الأوسط، في صحيفة هآرتس العبرية، تسيفي بارئيل الحالة الحاصلة، بأن "إسرائيل هي دولة بلا حدود، وتصبح سمينة داخل منطقة جغرافية مرنة تمتد وتتوسع باستمرار. الآن أصبحت غزة جزءاً لا يتجزأ من الدولة، وسيحصل جبل حرمون (الشيخ) السوري، قريباً على اسم مناسب، وربما نحصل أيضاً على شريط صغير في التوسّع الشمالي، الذي لا يزال يُسمى جنوب لبنان".

وانتقد الكاتب المجتمع اليهودي الذي يفرح باحتلال مناطق جديدة، كما أشار إلى أن "الأقلية، التي ترفع بفخر علم المعارضة للاستيطان في القطاع، لا تدرك أنها قد تبنّت بالفعل قيم الاستيطان، وقد اعتادت على الوضع الذي يجري فيه احتلال وحشي للضفة في الفناء الخلفي لها". وتابع بارئيل: "احتلال يهدف إلى ضم الدولة الأم إلى دولة المستوطنين، وتأسيس دولة واحدة لشعب واحد. لا ضرر في التذكير بأن قادة الاحتجاج ضد الانقلاب الحكومي أصرّوا على إبعاد مجموعة المتظاهرين الذين أقاموا كشكاً، وعلقوا لافتة ضد الاحتلال من ساحتهم".

وأوضح الكاتب أنه "لا خلاف على أن الدولة تحتاج إلى حدود آمنة تتيح لمواطنيها العيش بسلام ودون الشك في مستقبل وجودها. ولكن عندما تكون الحدود الجديدة، هي التي تخلق الآن الهوية الوطنية وتصبغ قيم مواطنيها، عندما تفرض قواعد السلوك الأخلاقي وتطرد من لا يقدسها ويقسم لها بالولاء إلى الأبد، وعندما تجعل من جبل حرمون السوري، وجنوب لبنان، وغزة، أسطورة تشكل الأساس الأيديولوجي الذي بدونه لن يكون للشعب الإسرائيلي وجود، لم يعد يهم أي نظام سيقوم في البلاد. الحدود ستنتصر".

صورة النصر

في الصحيفة ذاتها كتب المحرر ألوف بن، أن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مشغول قبل كل شيء بتشكيل صورته أمام الرأي العام". وأضاف: "في الأسبوعين الماضيين، وجد نتنياهو أخيراً صورة النصر التي كان يبحث عنها عبثاً منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول 2023)، وهي (بالنسبة لنتنياهو) رفع علم إسرائيل فوق قمة جبل الشيخ السوري. الهزيمة الرهيبة التي ألحقتها حماس بإسرائيل في خريف العام الماضي، تحوّلت إلى نشوة على غرار حرب الأيام الستة".

وزعم ألوف بن، أن إسرائيل "لم تنتصر على حماس وحزب الله وسورية فحسب، بل قصفت اليمن وإيران أيضاً، واحتلت منطقة جديدة في الجولان، دون مقاومة وخسائر في الجانب الإسرائيلي، ومن الجانب الآخر دون قتل ودمار قد يثيران انتقادات دولية." وتابع بن: "لن يفوت مخرج مثل نتنياهو فرص التصوير الجديدة، وأمس طار إلى قمة جبل الشيخ ليرتدي سترة واقية ويعلن من هناك أن المنطقة ستبقى في يد إسرائيل حتى يتم العثور على ترتيب آخر - أي إلى الأبد، أو بكلماته، "سنحدد الترتيب الأفضل".

ألوف بن: لن يفوّت مخرج مثل نتنياهو فرص التصوير الجديدة

ومضى قائلاً: "في الأسبوع الماضي، التقط نتنياهو صوراً في مرتفعات الجولان، بالقرب من الحدود السابقة، لكن ذلك لم يكن مثيراً للإعجاب مثل الزيارة إلى النقطة الأعلى التي أصبحت الآن تحت سيطرة إسرائيل".

لكن نتنياهو ليس وحده، كما يقول الكاتب، فكذلك، "يفضّل قادة المؤسسة الأمنية التقاط الصور في جبل الشيخ، والتفاخر بكميات الأسلحة التي دمروها في سورية، قبل نشر التحقيقات حول أدائهم قبل 7 أكتوبر وخلاله".  وأشار الكاتب إلى "الحاجة المؤلمة لنتنياهو وقادة الأمن لطمس كارثة 7 أكتوبر، فإن احتلال جبل الشيخ السوري يتماشى أيضاً مع العلاقة الهوسية لإسرائيل مع جارتها الشمالية، وجذورها مغروسة في التوراة".

 

تغيير اسم جبل الشيخ

الباحث المختص في اللغة العبرية والإعلامي، أفشالوم كور، لا يستسيغ استخدام اسم "جبل الشيخ السوري"، أكثر من هذا لا يعترف بوجود شعب سوري. وفي مقال في "يديعوت أحرونوت" هذا الأسبوع، دعا على غرار آخرين إلى تغيير التسمية. وكتب كور: "في نهاية اليوم السادس من حرب الأيام الستة، توجه الناطق باسم الجيش الإسرائيلي إلى محرري الصحف وقناة الراديو الوحيدة (في حينه) "صوت إسرائيل" وطلب منهم عدم قول "الهضبة السورية" بعد الآن، بل هضبة الجولان. هذا هو اسم المنطقة. تماماً كما قال السفير الأميركي المعين مايك هاكابي مؤخراً: "لا تقولوا الضفة الغربية، وهو مصطلح إداري أردني، بل يهودا والسامرة. هذا هو اسم هذه المناطق". وتابع: "الآن، بعد سقوط نظام الأسد، وسيطرة الجيش الإسرائيلي أيضاً على قمة جبل حرمون، من الغريب أن يستخدم قادتنا مصطلح جبل حرمون السوري".

واعتبر كور أنه "ليس للسوريين أي تراث في الجولان، ولا في حرمون. لا يوجد شعب سوري. انظروا إلى الخريطة: إنها مجموعة من القبائل بين الخطوط المستقيمة التي رسمتها القوى العظمى بمسطرة، لتقسيم الإمبراطورية العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى"، وفق مزاعمه. وتابع: "قادتنا يقدمون أنفسهم تلاميذ لزئيف جابوتنسكي (القيادي الراحل في الحركة الصهيونية). وقد أطلق على ذلك "تاج حرمون" (أي تاج جبل الشيخ). لا يوجد في هذا التعريف ما يثير غضب أي طرف. ولكن منح "اللا شعب" السوري الملكية؟ جامعة تل أبيب لا تُسمى "جامعة الشيخ مؤنس". والحرم الجامعي في جفعات رام لا يُسمى "حرم الشيخ بدر".

أخيراً، ليس كور وحيداً، في هذه الأفكار، بل يمثل توجهاً إسرائيلياً يبدو أنه آخذ بالاتساع في دولة الاحتلال التي يحكمها اليمين المتطرف، الذي يُبيد الفلسطيني، ولا يُخفي أطماعه الاستيطانية، ليس في فلسطين فحسب، ولكن في كل المنطقة.