تونس: جدل وانتقادات لقرارات المحكمة الإدارية بشأن مرشحي الانتخابات الرئاسية

24 اغسطس 2024
أثارت قرارات المحكمة الإدارية في تونس جدلاً واسعاً (فيسبوك)
+ الخط -
اظهر الملخص
- المحكمة الإدارية في تونس رفضت ستة طعون استئنافية من مرشحي الانتخابات الرئاسية لأسباب إجرائية، مع بدء جلسات المرافعات قريباً والنطق بالأحكام في 30 أغسطس/آب.
- رفض طعن عماد الدايمي بسبب تقديم العريضة بصيغة "بي دي إف" بدلاً من "وورد" أثار جدلاً واسعاً، حيث اعتبره الدايمي تعسفياً، بينما أيده أنصار الرئيس سعيّد.
- أستاذ القانون عمر السيفاوي انتقد قرار المحكمة، مشيراً إلى تناقضها في قبول وثائق "بي دي إف" في انتخابات 2019 ورفضها في 2024، مما يثير تساؤلات حول احترام الحقوق والحريات الأساسية.

أثارت قرارات المحكمة الإدارية في تونس رفض طعون مرشحي الانتخابات الرئاسية جدلاً في البلاد، بسبب مبررات الرفض التي كشفت عنها المحكمة كتابياً. وتلقت المحكمة الإدارية، أول من أمس الخميس، ستة طعون استئنافية، من جملة سبعة طعون مرفوضة ابتدائياً، وذلك لأسباب إجرائية مختلفة تتعلّق بانعدام العدد المطلوب من التزكيات الشعبية أو النيابية، أو عدم وجود الضمان المالي المطلوب للترشح، أو وجود خلل في شروط الجنسية المستوجبة لدى الشخص المرشح. وستبدأ جلسات المرافعات على أقصى تقدير يوم غد الأحد، بينما سيكون النطق بالأحكام بعدها بخمسة أيام؛ أي في 30 أغسطس/ آب على أبعد تقدير.

وقبلت هيئة الانتخابات في تونس ثلاثة ملفات فقط لمرشحين للانتخابات الرئاسية، وهم رئيس الجمهورية الحالي قيس سعيّد، والأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، ورئيس حركة عازمون والقيادي السابق في حزب تحيا تونس العياشي زمال، بينما رفضت 14 ملف ترشح لأسباب إجرائية مختلفة. في المقابل، طعن ستة مرشحين للسباق الانتخابي الرئاسي في رفض ملفاتهم، وقدّموا اعتراضاً لدى المحكمة الإدارية، وهم؛ رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، والوزير السابق منذر الزنايدي، ووزير التعليم الأسبق ناجي جلول، وأمين عام حزب العمل والإنجاز عبد اللطيف المكي، ورئيس مرصد رقابة عماد الدايمي، والمرشح المستقل بشير العوّاني.

وأثار رفض طعن المرشح للانتخابات الرئاسية عماد الدايمي بسبب تقديم العريضة بصيغة نظام "بي دي إف"، بدل تقديمها في صيغة "وورد"، جدلاً واسعاً وانتقاداً بسبب قبولها سابقاً في انتخابات 2019. واستغرب الدايمي، عبر صفحته على موقع فيسبوك، الحكم الصادر عن الدائرة الاستئنافية السابعة بالمحكمة الإدارية، التي رفضت طعنه شكلاً، على الرغم من أنه قًدّمت لاحقاً نسخة "وورد" من العريضة والتقرير. ونشر الدايمي فيديو على صفحته في "فيسبوك"، مساء أمس الجمعة، قال فيه إنّ "المنظومة تريد رئيساً Word يمكن التصرف فيه وتغييره بسهولة، ولا يريدون رئيساً pdf أي رئيساً ثابتاً ومخلصاً، ذا عزم وعزيمة، ومتماسكاً ومخلصاً لمبادئه، وغير قابل للتدليس والتلاعب بإعداداته، وهذه من الحسابات الخاطئة، لأنّ وضع البلاد الكارثي يتطلب رئيساً ذا رؤية، قادراً على الإصلاح وقادراً على فرض القانون على الجميع ودون تعسف أو ظلم بين التونسيين، ومحاطاً بفريق كفء ومنسجم ونظيف، وبعيد عن المصالح الشخصية". واعتبر أنّ "من يتلاعبون بمستقبل تونس اليوم سيتحمّلون مسؤولية كبيرة أمام الله والشعب والتاريخ"، بحسب قوله.

وأيّد أنصار الرئيس سعيّد رفض عريضة الدايمي معتبرين أنها غير قابلة للمعالجة عندما تكون في شكل "بي دي إف"، وأن في ذلك إضاعة لوقت المحكمة. غير أنّ أستاذ القانون عمر السيفاوي أوضح، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الإدارية كانت خارج الموضوع، بل وضربت صورة وسمعة المحكمة الإدارية، فأن يصبح طعن معروض أمام جلسة عامة كاملة مرفوضاً بسبب طبيعة الوثيقة الرقمية خاصية (بي دي إف) وليست وثيقة مفتوحة (وورد) فهذا أمر من العار وفيه نوع من العبث"، مشدداً على أنّ "أحكام الفصل 46 من القانون الانتخابي ينصّ على توفير نسخة رقمية من العريضة، والعريضة هي التي تحمل إمضاء وختم وتأشيرة المحامي، وهذا لا يكون إلا في شكل بي دي إف، بينما (وورد) لا يمكن إلا من إنتاج مسودة، وبالتالي العريضة لا يمكن إلا أن تكون (بي دي إف) حسب نص القانون".

وتابع "المحكمة عندما استشهدت بفقه قضاء قديم من الجلسة العامة، كان الاستشهاد في غير محلّه تماماً، فالإشكال لم يكن متعلّقاً بملف (بي دي إف) بل كان حول صور ضوئية". وبيّن السيفاوي أنه "من التناقض أنّ المحكمة طلبت في انتخابات 2019 وثيقة في شكل (بي دي أف) أو (وورد) والمفروض اليوم أنّ الأمور تطورت بعد خمس سنوات، والغريب أنّ هذه الوثائق تعالج تقنياً وليست مغلقة". وشدد السيفاوي على أنّ "رجل القانون لا يمكن أن يقبل العريضة إلا في شكل (بي دي إف) شاملاً الختم والإمضاء وطابع المحاماة، وبالتالي تقنياً وقانونياً القانون واضح ويتحدّث عن نسخة رقمية".

وأفاد السيفاوي بأنّ "هذا القرار يمسّ سمعة المحكمة الإدارية"، متسائلاً عن "سبب ذهاب المحكمة في التمديد في المفاوضة في ملف عماد الدايمي، فالحكم الوحيد الخاص بالدايمي صدر بعد التوقيت، بحسب محاميته، وهل الرفض شكلاً يتطلب التمديد في المفاوضة والخوض في الأصل باعتباره مرفوضاً شكلياً؟ بل إنّ المحكمة الإدارية خاضت في الأصل بإصدار حكم تقديري، واتخذت إجراءات تحقيق في الملف كاملاً، ما يفضي إلى أنها قبلت من حيث الشكل قبل خوضها في الأصل"، وفق شرحه. ويفسر كلام السيفاوي أنّ المحكمة لم تحسم في رفض ملف الدايمي شكلاً مباشرة كما بقية الملفات المرفوضة، وإنما كانت هناك مفاوضات تتعلّق بأصل الطعن، و"في هذا تناقض"، وفق رأيه.

واستغرب القيادي في التيار الديمقراطي هشام العجبوني في تدوينة ساخرة على حسابه في "فيسبوك" الأمر قائلاً: "نفس المحكمة الإدارية كانت في انتخابات 2019 تقبل الطعون Word أو PDF، وهي نفسها أصبحت تسقط الطعون في انتخابات 2024 عند إرسال طعن PDF". وعلّق أستاذ القانون أيمن الزغدودي بدوره على صفحته في "فيسبوك" قائلاً إنّ "قرار المحكمة الإدارية رفض الدعوى شكلاً نظراً لعدم احترام شكلية تقديم العريضة في نسخة رقمية، والحال أنها قدمت في نسخة رقمية لكن PDF عوضاً عن Word يؤكد غياب الجرأة التي يروج لها البعض".

وتابع: "بقطع النظر عن أن المحكمة رفضت دعاوى سابقة لنفس السبب بمناسبة الانتخابات التشريعية والرئاسية السابقة، إلا أن هذا التأويل والاجتهاد في فترة تتسم بالتضييق على المرشحين يعكسان عدم استبطان حقيقي لمسألة الحقوق والحريات. فأيهما أهم يا ترى، حق الترشح والمشاركة في الحياة السياسية وإنجاح الانتخابات أم رفض الخوض في أصل النزاع بسبب شكلية يمكن تداركها؟"، ختم متسائلاً.

المساهمون