يشكل إرسال أسلحة ثقيلة من دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى أوكرانيا، بالإضافة إلى التدريب والذخيرة والصيانة، لدعمها في مواجهة الهجوم العسكري الروسي، تحدياً لوجستياً في الوقت الحاضر، لكن قد تصبح منفعتها محدودة في حال استمر الصراع طويلاً، وفق خبراء.
وحذت ألمانيا، أمس الثلاثاء، حذو فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة والتشيك، بإعلانها أنها ستسمح بتسليم مدرعات غيبارد إلى أوكرانيا التي يتعرض جزء من أراضيها لقصف روسي منذ 24 فبراير/شباط.
وتأتي هذه المساعدة العسكرية التي طلبتها كييف منذ زمن في وقت تواجه فيه القوات الأوكرانية تقدماً بطيئاً للجيش الروسي في دونباس شرقاً وفي جنوب البلاد.
في هذا الإطار، فإن إرسال "مدفعية ذاتية الدفع ودبابات قتالية ومدرعات يمكن أن يعطي دفعاً للقوات الأوكرانية حتى أن من شأنه تعويض بعض القدرات التي تقلصت بسبب الحرب الدائرة منذ شهرين"، كما قال ليو بيريا-بينييه من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية.
وأضاف الباحث الفرنسي أن "تعويض هذه القدرات على الأمد القصير يتغلب" في المرحلة الراهنة "على الاعتبارات اللوجستية على المدى المتوسط، والتي يجب مع ذلك طرحها".
في الوقت الحالي، يبدو أن هذه الاعتبارات مضبوطة إلى حد ما.
وفضلت باريس وواشنطن ولندن وبراغ المعدات التي تتطلب دعماً لوجستياً محدوداً، واستبعدت المعدات التي تستلزم تدريبات لأشهر ودعماً لوجستياً هائلاً، مثل دبابات أبرامز الأميركية.
فالدبابات السوفياتية التشيكية التي تشبه إلى حد بعيد تلك المستخدمة في أوكرانيا لا تتطلب سوى بضع ساعات من التدريب قبل أن يستخدمها الجيش الأوكراني.
أما بالنسبة لمدافع سيزار الفرنسية، فهي معروفة على أنها "سهلة الاستخدام" كما يشير مارك شاسيلان، المهندس العسكري الفرنسي المتخصص في الدبابات والمدرعات. وأضاف: "يمكن استيعاب طريقة استخدامها خلال نصف نهار".
دراية صناعية
والوضع أكثر تعقيداً فيما يتعلق بمدرعات غيبارد الألمانية المجهزة بـ"نظام سلاح متطور" و"متطلب للغاية"، ما يستلزم تدريباً "لعدة أسابيع" على الأقل، كما يقول الخبير.
ويتوقع أيضاً إرسال مدرعات ألمانية من طراز ماردر إلى كييف، والتي يفترض ألا تطرح مشكلة كبيرة "للمقاتلين الأوكرانيين المخضرمين الذين يقاتلون منذ عام 2014"، وفقاً للمسؤول الألماني الكبير السابق في حلف شمال الأطلسي هانز لوثار دومروس.
وبعد معالجة مسألة التدريب، تبقى قضية الصيانة. كيف يتم ضمان صيانة هذه المعدات، وخصوصا نقل قطع الغيار في حال حدوث عطل أو تدمير جزئي؟
بالنسبة لبيريا-بينيه، "هذه المسألة معقدة، ولكن ربما أقل من البلدان الأخرى التي لا تمتلك إمكانات أوكرانيا الصناعية التي لديها بنية تحتية ودراية كبيرة في مجال المركبات العسكرية والصناعات الثقيلة". وأضاف: "إذا كان التعاون بين الصناعيين الأوروبيين والجيش الأوكراني يسير بسلاسة، فإن مسألة الصيانة يجب أن تتبع من دون عقبات".
ويرى كارلو ماسالا، الخبير في قضايا الدفاع والأمن بجامعة Bundeswehr في ميونيخ، أنه لا ينبغي أن تدخل مسألة الصيانة في المعادلة الفورية.
وصرح لقناة "دوتشي فيليه" الألمانية "دربوهم على استخدام هذا الطراز وأرسلوا إلى أوكرانيا. إذا كان بإمكانهم استخدام ماردر في غضون ثلاثة أسابيع، فهذا أفضل من لا شيء. إذا تعطلت هذه المعدات، يكون حظهم سيئاً".
نقص في الذخائر؟
وتبقى مسألة الذخائر الشائكة التي يمكن أن تشكل عائقاً إذا طال أمد النزاع.
وقال نائب مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، جان بيير مولني: "يأمل الجميع أن ينتهي النزاع سريعاً". وأضاف: "لكن إذا طال فمن غير المستبعد حدوث نقص في الذخيرة، ولا سيما فيما يتعلق بمدافع سيزار".
ومع ذلك، فإن إعلان أستراليا وكندا والولايات المتحدة عن إرسال مدافع عيار 155 ملم - من نفس عيار سيزار - قد يسمح بتجديد المخزون.
السؤال يطرح نفسه أيضاً بالنسبة لدبابات ماردر، التي تستخدم ذخيرة مصنوعة في سويسرا. وقد رفضت سويسرا إرسال ذخيرة سويسرية إلى كييف عبر ألمانيا. ويرى بيريا-بينيه أنه "مأزق لوجستي أخطر بكثير على المدى القصير من مسألة قطع الغيار".
وإذا احتدمت المعارك أكثر، قد يتبين بسرعة أن الإعلانات الراهنة بشأن إرسال معدات عسكرية غير كافية.
وأعلن شاسيلان: "إذا احتسبنا ما تم الإعلان عن تسليمه من قبل مختلف الجهات ووضعنا ذلك في ضوء الخسائر المسجلة خلال الأسابيع الثمانية الماضية - من ناحية الذخيرة والمعدات وما إلى ذلك - بمعدل الاستنزاف الحالي، فإن ذلك سيسمح بالصمود لمدة شهر ونصف الشهر لا أكثر".
(فرانس برس)