أبدى المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي تفاؤلاً بشأن التحسن الذي ظهر في القوانين الانتخابية التي وضعتها اللجنة المشتركة 6+6، المكونة من أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، على الرغم من عدم معالجتها جميع النقاط الخلافية.
ألقى باتيلي هذا التصريح خلال اجتماع أمام أعضاء مجلس الأمن، اليوم الاثنين، حيث استعرض أحدث التطورات في ليبيا.
وأكد المبعوث الأممي أن "العملية الانتخابية شهدت تقدماً ملحوظاً بفضل انتهاء اللجنة 6+6 من صياغة القوانين الانتخابية الجديدة، وأظهرت تحسناً مقارنة بالنسخة المعدلة التي أصدرها مجلس النواب في أكتوبر/تشرين الأول الحالي بناءً على توصيات البعثة الأممية والمفوضية الوطنية للانتخابات". ومع ذلك، أشار إلى وجود بعض النقاط الخلافية لم تُعالج بعد.
وأوضح باتيلي أن تلك النقاط الخلافية تتضمن مسائل مثل الجولة الثانية في الانتخابات الرئاسية، وربط الانتخابات التشريعية بالرئاسية، وتشكيل حكومة موحدة.
الانتخابات الرئاسية
وبالرغم من الجوانب الإيجابية للقوانين الجديدة، أعرب باتيلي عن قلقه إزاء إلزامية الجولة الثانية في الانتخابات الرئاسية، حيث يمكن أن تُستغل لاستبعاد بعض المرشحين في حال فوزهم، ما يعكس عدم الثقة بين الأطراف المعنية.
وقال في هذا الصدد إن القوانين "عالجت كثيراً من النقاط من الناحية الفنية، على غرار ترشح العسكريين وتوزيع المقاعد النيابية، إلا أن إلزامية الجولة الثانية في الانتخابات الرئاسية تعكس غياب الثقة بين الأطراف، وقد تستغل لاستبعاد بعض المترشحين في حال فوزهم".
وبخصوص القوانين الانتخابية، أشار باتيلي إلى أهمية النقاط الخلافية التي تُركت من دون معالجة، مثل حذف المواد التي تسمح بالتصويت للأطراف الموجودة في مناطق جغرافية مختلفة، والتي كانت موجودة في النسخة السابقة من القوانين. وأشار إلى أن "هذا الأمر قد يؤدي إلى تحديات إضافية، ويمكن أن يقلل من شمولية الانتخابات، ويحرم الكثير من سكان الجنوب من حقهم في التصويت".
حكومة موحدة
وحول الخلاف بشأن تشكيل حكومة موحدة في ليبيا، أشار باتيلي إلى أن "هذا الأمر يثير خلافات شديدة ويمكن تحقيقه فقط من خلال التفاوض بين الأطراف المعنية لمنع تكرار التعيين الأحادي لحكومة فتحي باشاغا" السابقة، ويرى أن "تكوين حكومة جديدة موحدة يتطلب المساواة والإنصاف بين المرشحين، وتحتاج إلى ثقة الشعب لقيادة البلاد خلال عملية الانتخابات"، مشيراً إلى أن تنفيذ القوانين الانتخابية لن يبدأ إلا بعد حل هذه الحكومة الجديدة.
وأجمل باتيلي ملاحظاته بالتأكيد أن النسخة الأخيرة من القوانين التي أصدرها مجلس النواب لا توفر الضمانات الكافية لإجراء ونجاح الانتخابات. وأشار في الوقت ذاته إلى موقف المجلس الأعلى للدولة الرافض للقوانين التي أقرها مجلس النواب، معتبراً أن موقف الأخير قد "يهدد المكاسب المحققة" في جهود إجراء الانتخابات.
وشدد المسؤول الأممي على أهمية تجاوز الخلافات وتحقيق التوافق في هذا السياق، ودعا إلى دعم جميع الجهات لتحقيق نجاح العملية الانتخابية، وذلك من خلال التعاون مع المؤسسات الحكومية والأمنية، والجيش، والأحزاب السياسية، والمرشحين، وقادة المجتمع المدني، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة النساء والشباب في هذه العملية.
وفي محاولة لتجنب أزمة سياسية جديدة، دعا باتيلي مجلس الدولة في ليبيا إلى التخلي عن موقفه الرافض للقوانين. وحذر من أن تصاعد الخلافات بين مجلسي النواب والدولة يمكن أن يؤدي إلى نشوب نزاع جديد إذا لم تُشكّل حكومة جديدة بموافقة جميع الأطراف.
بالنظر إلى هذا السياق، ناشد المبعوث الأممي مجلس الأمن الدولي استخدام "نفوذه" لمنع "نشوب نزاع جديد وتعزيز الحوار والتفاوض السياسي بين الأطراف المعنية لتفادي أزمة جديدة"، و"للتعبئة لحوار وتفاوضي سياسي" بين مختلف الأطراف لمنع تجنب انزلاق البلاد لأزمة جديدة.
وأكد أن القوانين الانتخابية "تحتاج إلى دعم شامل من مختلف الأطراف، بما في ذلك المؤسسات والجهات الأمنية والعسكرية والأحزاب السياسية والمرشحين وقادة المجتمع المدني والنساء والشباب". كما شدد على ضرورة اجتماع جميع الأطراف، بما في ذلك قياداتها، في تفاوض وحوار شامل للتوصل إلى تسوية سياسية ملزمة تقود إلى عملية انتخابية سليمة، يكون عمودها الفقري هو حكومة موحدة تقود البلاد نحو الانتخابات.
كارثة درنة
وأشار باتيلي إلى أن الكارثة التي نجمت عن سيول وفيضانات عاصفة "دانيال" في مدينة درنة، شرقي ليبيا، منتصف الشهر الماضي، كشفت عن تنافس متواصل بين القادة الليبيين، وأعرب عن قلقه إزاء استمرار هذا الانقسام وتأثيره على دعم المناطق المتضررة. وأضاف أن "كارثة درنة" كشفت عن اجتهاد في إدارة ملفات السدود والموارد، وكشفت عن غياب آلية فعالة لإدارة الأزمات.
وتحدث باتيلي أيضاً عن الأحداث المسلحة التي شهدتها مدينة بنغازي، مؤكداً أن الاشتباكات بين مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر ووزير الدفاع السابق في حكومة الوفاق الوطني المهدي البرغثي، تسببت بانقطاع الاتصالات لأكثر من أسبوع، وخلفت ضحايا وخسائر مادية كبيرة، ودعا إلى ضرورة تهدئة الأوضاع في بنغازي والالتزام بالحوار وحماية المدنيين.