المنتدى السنوي لفلسطين في يومه الأخير: المجتمع واللاجئون والذاكرة

12 فبراير 2024
(العربي الجديد)
+ الخط -

عقد المنتدى السنوي لفلسطين في دورته الثانية، اليوم الاثنين، جلسته الأولى من اليوم الثالث والأخير، شملت ثلاثة مسارات متوازية، تنوعت موضوعاتها بين المجتمع، واللاجئين، والفكر.

وجاء المسار الأول بعنوان "فلسطين في أصدائها العالمية: فكراً وتضامناً"، بمشاركة ثلاثة باحثين. وقدّمت الأستاذة في كلية العلوم الاجتماعية والسياسية في جامعة أدنبرة شاعرة فاداساريا، بحثاً تناولت فيه مسألة العرق والدالة العرقية في فلسطين، واعتمدت على تجارب تدريس الدراسات العرقية النقدية داخل فلسطين، لاستكشاف ما توصّلت إليه التباينات حول حدود مناهضة العنصرية الليبرالية بوصفها مضادةً للقضية الاستعمارية في فلسطين.

بدوره، حاول مدرّس النظرية السياسية في جامعة عليجراه الإسلامية في الهند، يانيس إقبال، تصوير فلسطين بوصفها نموذجاً فكرياً تتّسم به النظرية الماركسية ونظرية ما بعد الاستعمار، ورمزاً للمقاومة من خلال تجاهل الآليات التاريخية التي تمهّد الطريق إلى بروز ملامح المقاومة، في حين استعرض الباحث المقيم في باكو روفشان محمدلي، التحوّل الذي طرأ على خطاب تضامن أذربيجان مع فلسطين عقب استقلال الأولى عن الاتحاد السوفييتي، والعوامل التاريخية التي عوّقت تطوّره.

اللاجئون والذاكرة

وتحت عنوان "اللاجئون والمهجرون: الذاكرة والمكان"، تحدث ثلاثة باحثين في المسار الثاني من الجلسة الأولى، وأضاء طالب الدكتوراه في معهد الدراسات العربية والإسلامية في جامعة إكستر، رامي رميلة، على سياق النضال الذي كشف عنه أرشيف التاريخ الشفوي الفلسطيني، من خلال تجارب ست نساء فلسطينيات من مخيم عين الحلوة في لبنان، خلال الغزو الإسرائيلي للبنان في عام 1982.

وتطرقت باحثة ما بعد الدكتوراه في جامعة مانشستر، آزاده ثبوت، إلى تجربة الأطفال الفلسطينيين بعد الحرب في مخيم نهر البارد للاجئين وتدميرها له عام 2007، عن طريق رسوماتهم، معتمدةً على الكتابة النسوية الجغرافية.

وأوضحت كيفية تأثير المشهد الحضري المعاد بناؤه مع مخلفات الحرب ومواقع النزوح والبيئة المتغيرة، في هوية الأطفال وذاكرتهم وتصوّراتهم للماضي.

بدورها، استعرضت الباحثة هبة يزبك، تجربة الهجرة القسرية في أوساط المهجّرين الفلسطينيين الداخليين الذين هُجِّروا من مدنهم المختلفة في أعقاب النكبة، بالاعتماد على التاريخ الشفوي للمهجّرين أنفسهم حول ظروف التهجير.

الانتماء والفاعلية

وانعقد المسار الثالث بعنوان "المجتمع الفلسطيني: الانتماء والفاعلية"، وتحدثت المحاضرة في أكاديمية القاسمي في باقة الغربية وبيت لحم، حنين مجادلة، عن التطوّع بوصفه ممارسةً يقوم بها الفلسطيني على نحو واعٍ وغير واعٍ لتعميق ارتباطه بهويته ومجتمعه الفلسطيني، ويعزز من خلاله الشعور بالانتماء وتشكيل هوية جمعية عن طريق هذه الممارسة.

ومن خلال بحث الأزمة البنيوية التي يواجهها المجتمع المدني الفلسطيني، رصد الأستاذ في الجامعة العربية الأميركية في جنين، أيمن يوسف، في ورقته المشتركة مع الباحث مصطفى شتا، التمويل المشروط للمنظمات المدنية وسياسات السلطة الفلسطينية تجاهها، وآراء القادة الدينيين حول مفهوم التحرير المستهدف من المنظمات المدنية.

وأخيراً، حاول الأستاذ المشارك في جامعة بيت لحم، بلال سلامة، والذي أطلّ عبر تقنية الاتصال المرئي، تتبّع دور الفاعل الاجتماعي الفلسطيني في خضمّ التغيرات البنيوية التي أثّرت في تشكيل المشهد الفلسطيني، وكيفية انعكاس تلك التغيرات على بنية المجتمع الفلسطيني وتشظّيه، ممهدةً لتنامي فكرة الخلاص الفردي، وتراجع قيمة التضامن الاجتماعي، وتفكيك البنى الجمعية.

تحديات بناء الاقتصاد

إلى ذلك بحث المسار الرابع من الجلسة الثانية في المنتدى السنوي لفلسطين "تحديات بناء الاقتصاد في ظل الاحتلال". واستعرض المستشار لدى معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس"، ماهر الكرد، بعض البدائل المتداولة من حل الدولتين، مثل الاتحاد الاقتصادي، أو نموذج دولتين متوازيتين على أرضٍ واحدة، أو نموذج دولة ديمقراطية علمانية واحدة، وذلك بالتركيز على البُعد الاقتصادي لافتراض احتمال تطبيق أيّ من هذه البدائل.

ومن خلال قراءة في ما واجهته صادرات الضفة الغربية إلى إسرائيل من تحديات كبيرة بسبب نظام السيطرة المكانية الإسرائيلي، درس الباحث في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، وليد حبّاس، التكتيكات التي يستخدمها الفاعلون الاقتصاديون الفلسطينيون لتجاوز هذه التحديات، بالتركيز على صادرات الأثاث الفلسطينية إلى إسرائيل.

وقال الباحث إن صادرات الضفة الغربية إلى إسرائيل واجهت تحديات كبيرة بسبب نظام السيطرة المكانية الإسرائيلي، الذي يهدف إلى السيطرة على الفلسطينيين، وتسهيل التوسع الاستيطاني في كلّ أنحاء الضفة، لافتاً إلى أن توجيه الشحنات التجارية الفلسطينية عبر الجدار الفاصل، أدى إلى تصاعد التكاليف اللوجستية، في حين أدى التوسع الاستيطاني في المنطقة (ج) إلى زيادة عرقلة التنقل بين مناطق الحكم الذاتي الفلسطينية.

وفي سياق متصل، دعا الباحث والاقتصادي محمد السمهوري إلى ضرورة إعادة النظر في نموذج أوسلو الاقتصادي، لا سيّما بعد فشله في تحقيق تنمية حقيقية مستدامة، والقيام بنقلة استراتيجية نوعية في النهج السياساتي التنموي الفلسطيني الذي يقوم على أساس "الحقوق غير القابلة للتصرف التي أقرّتها الشرعية الدولية".

المساهمون