المقاومة هي الحل.. مبادرات سياسية ميتة عبر "زوم" وشبكات التواصل

25 ديسمبر 2022
حرق إطارات خلال مظاهرة في الضفة الغربية (ناصر اشتيه/Getty)
+ الخط -

على الرغم من محاولات النظام السياسي الفلسطيني استكمال المفاوضات، واستحقاقات اتفاقيات التسوية، تعلن الحكومات الإسرائيلية موت تلك الاتفاقيات والمسار عملياً، عبر المواجهات العنيفة التي تقوم بها في الضفة الغربية؛ مناطق الحكم الذاتي المحدود، الاستيطان المتزايد ومصادرة الأراضي في مناطق "ج"، المواجهات العسكرية والاشتباكات الدائرة ضد المقاومة المدنية، الاغتيالات والاعتقالات التي تشهدها الضفة الغربية أخيراً.

تشغل مواجهة الاحتلال تفكير الفلسطينيين، بغرض زيادة قوة الحراك الثوري، زيادة فاعلية المقاومة المدنية، إيجاد رديف سياسي يحميهم، خاصة مع تراجع الحضور السياسي الرسمي الفلسطيني. لذا انطلقت مبادرات سياسية فلسطينية عديدة في الآونة الأخيرة، متجاوزة البنى الفصائلية والسياسية الرسمية، عبر تبنى خطاب وطني، يدعو إلى إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية، التأكيد على شرعية المقاومة بجميع أشكالها. تلبي تلك المبادرات المطالب الوطنية والشعبية الفلسطينية، متجاوزة حالة الاستعصاء في المشهد السياسي الفلسطيني، بين السلطتين في رام الله وغزة، أو حالة الاستقطاب بين حركتي "فتح" و"حماس"، وتراجع فاعلية باقي الفصائل الفلسطينية.

ملحق فلسطين
التحديثات الحية

تحظى تلك المبادرات باهتمام جزء من الفاعلين السياسيين، بسبب تراجع شعبية حركة فتح ونتيجة انقساماتها وخلافاتها الداخلية، كذلك بحكم فشل مشروع التسوية مع الاحتلال، والعزلة الدولية والإقليمية، وتراجع الدعم المالي عربياً ودولياً، إضافةً إلى ما تواجهه حركة حماس من إعاقة قدراتها السياسية وعزلها جغرافياً وسياسياً، التي جعلت فعاليتها محدودة في المشهد السياسي الفلسطيني.

لم تختلف أحدث مبادرات التغيير في فلسطين، التحالف الشعبي للتغيير، عن المبادرات التي سبقته، رغم تفاعل عدد كبير من الشخصيات والفاعلين السياسيين معه، إذ دعا، كما مثيلاته، إلى إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني وحاضناً أميناً للمشروع الوطني الفلسطيني المنبثق عن الميثاق الوطني الفلسطيني 1968، كما طالب بإعادة بناء وتطوير وتفعيل دور المنظمة، كي تستعيد دورها القيادي في النضال الوطني، من أجل إنقاذ المشروع الوطني التحرري، عبر توحيد وإشراك كافة القوى والفاعليات الوطنية الفلسطينية أولاً، وانتخاب مجلس وطني فلسطيني ثانياً، يختار بدوره لجنة تنفيذية ومجلساً مركزياً.

ربما ينجح التحالف في الاستمرار لمدة أطول من المحاولات التي سبقته، بسبب استمرار الانقسام الفلسطيني، فشل إعلان الجزائر، أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لكنه قد يبقى حبيس النخب الفلسطينية، التي لا تعكس نبض الحراك الجماهيري، ولا تملك الإمكانيات الكافية التي يتطلبها النضال الشعبي ويحتاجها الشارع والحراك الثوري في الضفة الغربية، في ظل المواجهة المستعرة مع الاحتلال والصهيونية الدينية.

تحظى تلك المبادرات باهتمام جزء من الفاعلين السياسيين، بسبب تراجع شعبية حركة فتح ونتيجة انقساماتها وخلافاتها الداخلية، كذلك بحكم فشل مشروع التسوية مع الاحتلال

تحاول المبادرات الفلسطينية إيجاد طريق/ كتلة ثالثة في الساحة الفلسطينية، من أجل الخروج من حالة الاستعصاء السياسي بين طرفي السلطة، في ظل عجز الفصائل عن إعادة تشكيل النظام السياسي الفلسطيني، لكنها حملت في طياتها بوادر موتها قبل بقائها، فهي اعتمدت على النخب السياسية الفلسطينية، في الداخل والخارج، غير المتحررة من إرث الفصائل النضالي والتاريخي، ولم تقدم برنامجا سياسيا وأفكارا جديدة، تعكس استحقاقات المقاومة الفلسطينية الشعبية الصاعدة منذ شهور خلت.

بينما تضع حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة الجديدة القضية الفلسطينية في صراع ومواجهات جذرية، تعيدنا إلى مربع المواجهة المباشرة والمقاومة المسلحة والمدنية، لا يزال الفاعلون والنخب السياسية الفلسطينية ينتجون المبادرة تلو الأخرى، من أجل تفريغ الاحتقان السياسي الفلسطيني، رغم أنها لا تعني الشعب الفلسطيني شيئاً.

النضال الجماهيري الفلسطيني يملك وحده القدرة على إنتاج مبادرة حقيقية، تكون لسان حال الشارع، تراهن على المقاومة، تدافع عن الحقوق الفلسطينية، تتمسك بحقنا في الدفاع عن النفس بجميع الطرق الممكنة، كما سوف يخلق قيادة حقيقية ويصنع آلياته وأدواته، فضلاً عن صياغته برنامجاً نضالياً عابراً للجغرافية والفصائل المهترئة، متناسباً مع مجريات الصراع الحالية.

المساهمون